في تغريدة أثارت الكثير من التّفاعل نشر وزير الدّولة لشؤون الإعلام في ولاية بونتلاند الدّكتور عبدالفتاح نور أشكر على حسابه في الفيسبوك يتناول فيها أبعاد تعيين السّفير حسن حمزة سفيرا إستثناءيّا لدولة قطر في الصومال رآها البعض إحتفاء مبطّنا بهذه الخطوة في ظلّ تزايد السّخط الشّعبي في الولاية من شركة موانئ دبي العالميّة الّتي تدير ميناء بوصاصو وطريقة تعاملها مع السّفن التجاريّة المحلية.
في حين إتّهمته بعض المواقع مثل شبكة غرووي أونلاين الّذي يديرها بعض أبناء عبدالرحمن فرولي الرّئيس الإقليمي السّابق للولاية بأنّ الوزير يُروّج لدولة قطر لكونه صديقا مقرّبا من الوكيل العامّ للرّئاسة الفيدرالية المحسوب على قطر ولكونه مراسلا سابقا في شبكة الجزيرة.
ما الغرض من تعيين الدبلوماسيّ حسن حمزة سفيرا فوق العادة لقطر لدى الصومال؟.
قام أمير دولة قطر بترقية الدّبلوماسي حسن حمزة سفيرا فوق العادة لدى جمهورية الصومال الفيدراليّة ، وقبل أن نسبر في أغوار هذا الخبر وتحليلاته أحبّ التّطرّق إلى التّعريف بكلمة فوق العادة Extraordinary ambassador وبم تختلف عن السّفير العاديّ ordinary ambassador .
وفق تصنيف فيينا لمستويات التّمثيل الدّبلوماسيّ سنة 1815 فأنّ الأوّل شخص يتمتّع بكامل ثقة الدّولة الّتي يمثّلها ولديه كذلك الحصانة الكاملة كما أنّ عنده صلاحيّات واسعة تسمح له بإتّخاذ قرارات فوريّة إذا ما ارتآها ضروريّة وتستدعي البتّ فيها بسرعة من غير تأجيل وربّما يقوم بعقد إتّفاقيات بالنّيابة عن بلده بينما يتمّ تكليف السّفير العاديّ بمهام محدّدة ومرسومة وأغلبها رونينيّة.
ماذا تعني هذه الخطوة القطريّة في هذا التّوقيت؟
بعكس الدّول العربية الّتي ترى الصومال تجسيما لصورة البؤس والحروب فقط يبدو أنّ قطر ترى الصومال بوّابة إفريقيا الإستراتيجية وإطلالتها علي باب المندب والمحيط الهندي الّذي يُمثّل همزة الوصل أو مركز التّحكّم في المحيطات المائيّة السّبع حول العالم كما ذكره الخبير الإستراتيجي الامريكي الفريد ثاير ماهان حيث قال (الّذي يٌحكم قبضته على المحيط الهندي هو بالتّأكيد من سيتحكّم على باقي المحيطات).
لماذا هذا التّوقيت بالتّحديد؟
تشعر قطر بأنّ الصومال رقعة مهمّة بالنّسبة للجيواستراتيجيتها خصوصا في ظلّ صراعها لكسر الحصار المفروض عليها من شهور لذالك فإنّها ترغب في عقد شراكة مستقبليّة طويلة الأمد، ولا ننسى أنّ حلحلة الخلافات الحاليّة بين أقطاب المؤسّسات الفيدراليّة وتغليب كفّة الجناح الموالي لها على أمل ترسيخ نفوذها داخل اروقة السّياسة الصوماليّة قد يكون أحد دوافع تعيين السّفير الّذي يكون أوّل سفير عربي في مقديشو بهذا الدّرجة من التمثيل منذ ثلاث عقود.
ماذا عسى أن نفعل؟
طالما نرى أهميّة بلدنا الجغرافي يجب علينا السّعي للإستفادة من ذلك بالشّكل المناسب وبما فيه خير لمستقبل أجيالنا القادمة وذالك من خلال إنتهاج ما يُعرف بـ (الحياد الإيجابي) وهي ما نجحت في إنتهاجه سلطنة عمان وهي السّياسة الّتي تستمدّ تركيا قوّتها وتأثيرها في العالم حاليّا ّإذ أن الحياد الإيجابي في الأزمات الدّوليّة وتصفير العداوات مع الكلّ هي أحد أركان السّياسة الخارجيّة الاربع الّتي شيّدها احمد داوود اوغلو.
ويجب أن نقف جيّدا على طريقة تعاطي السّودان مع ملفّ الأزمة الخليجيّة وكيفية الاستفادة من الكلّ بحثا عن المصالح المشتركة مع الكلّ رغم الفارق الجوهري بيننا، ففي حين تبني لهم قطر الميناء فإنّ الإمارات من جانبه أودعت 4 تريليون دولار في البنك المركزيّ السّوداني على شكل ديون، وبمقتضى هذه السّياسة (سياسة الإنفتاح على الكلّ) قام الرّئيس السوداني قبل يومين بزيارة إلى القاهرة.
ويختتم الوزير أشكر: يجب علينا أن نعرف بأنّ الدبلوماسيّة لا تعني الخضوع والإنبطاح كما أنّها لا تعني التّشبّث بطيف معيّن من غير أن تدرس وتحسب كافّة الخيارات والسّيناريوهات، آن الأوان بأن نؤسّس مع الدّول المهتمّة بنا مثل قطر شراكة استراتيجيّة بشرط أن تتعامل معنا كدولة في طريقها إلى التّعافي ولديها امكانيات هائلة ويُمكن الإعتماد عليها، نأمل أن يُسمح لمواطنينا تأشيرة الدّخول القطرية مثلا تحقيقا للحدّ الأدنى من المساواة بين الدّول كما تفعله دولة تركيا.
ترجمة:
الأستاذ : محمود عيسى فارح.