هناك في الواقع نوعان من البشر؛ أولئك الأشخاص الذين يقدرون السيطرة على حياتهم؛ بحيث أنهم يستثمرون أوقاتهم وينشغلون عيوبهم بدلا من تفقد عيوب الناس، مع أن لديهم مكانة عظيمة في المجتمع؛ لذلك تمنحنا الحياة بعدد هائل من ذلك النوع الذي يقال “أنه يصعب أن تصادف مثله كثيرا “، هؤلاء تحن إليهم قلوبنا كثيرا ؟؛ لأننا لا نريد سواهم حتى وإن غابوا عنا عهوداً من الزمن.
وهناك صنف آخر فقدوا الأمل، بيد أنهم يعتقدون أنهم صدف فقط؛ كونهم أحياء وأنهم ضحايا لكل ما يحدث حولهم، واعتادو بتتبع خفايا وأسرار الناس؛ يبذلون بكل ما وسعهم لأجل كلامٍ تافهٍ وهدرٍ للوقت!.
تتبع عيوب الآخرين وزلاتهم وأخطائهم من أقبح العيوب وأسوأ الخصال الرذيلة، فلابد من ستر عيوب الآخرين، ويحرم إشاعتها؛ لما في ذلك من انتقاص لكرامتهم الإنسانية، وانتهاك لحقوقهم الخاصة والمعنوية.
عندما تلاحظ شخصا لا هدف ولا عمل له إلا تتبع عيوب الآخرين والتحدث عن سلبيات غيره بدلاً من أن يتحدث إيجابياتهم تنتابك دهشةً وغرابة!!؛ ولا غرو من ذالك الذي يشيع أخطاء وعيوب الآخرين ويتلذذ بجسامة هذه الحريمة حينما ترى وهو يتحدث عن عيب شخص أو أسراره أو سلبيات غير محمودة مع أنه لايدري انه مصاب بكل أنواع هذه الطبيعة السيئة النجسة المحرمة ويراها فخراً وتقدماً إلى الأمام!!.
يأتيك إتصال من أحد هذه المجموعة السيئة السمعة ويقدم لك كلماتا تحمل معنى الحب والإحترام ومن ثم يتدخل عيب شخص، ربما قد يكون بريئاً من كل هذه الإساءة والعيوب التي ينقلَ عنه، أو يناديك بالحفلات الاجتماعية وارتشاب الشاي؛ لأجل تتبع عيوب الآخرين!!.
ونجد أن بعض المشاكل التي تحدث بين صاحبين أو شخصين ناتجة من نظر كل طرف لصاحبه بمنظار سلبي؛ فيرى نقاط الضعف لديه والعيوب الموجودة فيه، ولكنه لا يرى الأمور الإيجابية والحسنة منه، ومع الزمن تتحول هذه النظرة السلبية إلى مشاكل مستعصية بين الشخصين، وربما يصل الأمر إلى المشاجرة والقتال وانتهاك حرمة الأخوة التي ذكرها الله سبحانه في محكم تنزيله وهو أصدق القائلين حيث قال(إنما المؤمنون إخوة…) الخ آية.
بينما لو نظر كل طرف لأخيه أو زميله بنظرة إيجابية، وتأمل في النقاط الإيجابية الموجودة عند زميله وتجاهل عن النقاط السلبية لأصبحت الحياة البشرية مليئة بالسعادة والتفاؤل والأمل!!.
لهذا نشير بعضاً من النصوص الواردة حول هذا الموضوع وبعض الأقوال التي نُقل من بعض العقلاء والحكماء والبسطاء والنخبة الأفاضلة والصالحين وغيرهم من الشرفاء.
يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ وهذا يدل على أن إشاعة الفاحشة من المحرمات وقد توعد الله سبحانه مرتكبها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
ويقول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم : «لا تَتَّبِعوا عَوراتِ المُؤمِنينَ؛ فإنَّهُ مَن تَتَبَّعَ عَوراتِ المُؤمِنينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَورَتَهُ، ومَن تَتَبَّعَ اللَّهُ عَورَتَهُ فَضَحَهُ ولَو في جَوفِ بَيتِهِ».## وقال أيضاً: «مَن سَتَرَ أخاهُ في فاحِشَةٍ رَآها عَلَيهِ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدّنيا والآخِرَةِ» وقال أيضاً : «مَن سَتَرَ أخاهُ المُسلِمَ فِي الدّنيا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ».
من أقوال الصحابي الجليل والخليفة الثانية والقائد العظيم والشجاع الذي لا يخاف لامة لائم – أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : «لو وَجَدتُ مؤمناً على فاحِشَةٍ لَسَتَرتُهُ بثَوبِي» وقال أيضاً: «تَتَبُّعُ العُيوبِ مِن أقبَحِ العُيوبِ وشَرِّ السَّيِّئاتِ» وقال علي رضي الله عنه: «مَن طَلَبَ عَيباً وَجَدَهُ».
من أقوال ابن القيم الجوزي : ( من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس).
ومن كلام حسن البصري ( أدركت أقواما كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم).
وقال عبد الرحمن السليماني: ( أغلب الذين يتحدثون عن عيوب الناس هم أناس لا ينتبهون لعيوبهم الكبرى ومنها أنهم يتحدثون عن عيوب الناس
هذه كانت بعض الأدلة والأمثلة التي تتحدث هذا الموضوع بشكل عميق؛ لهذا يجب على كل واحد منا أن تكون لديه نظرة إيجابية في الآخرين، وغض الطرف عن سلبياتهم وعيوبهم وزلاتهم، في حين أن الإنسان السلبي لا يرى إلا الأمور السلبية ولا يبحث إلا عن عيوب الناس وزلاتهم وكأن ذلك هوايته المفضلة): «تَأمُّلُ العَيبِ عَيبٌ».
كما أن من الخصال الحميدة نشر إيجابيات الآخرين وحسناتهم والإغضاء عن سلبياتهم والكف عن تتبع عوراتهم وزلاتهم وهفواتهم وغير ذلك من المحاسن التي تستصحب للبشرية.
من هنا نؤكد بأهمية التركيز على إيجابيات الآخرين ومحاسنهم وأن نشيعها بين الناس ونتجنب الخوض في معايبهم وزلاتهم وعدم نشر ما قد نعلمه أو نسمعه أو نقرأه عن عورات الآخرين وعيوبهم وهفواتهم وأخطائهم؛ فالستر أولى وأجمل وأحسن!!.##
الخلاصة:
هناك مقولة تقول لكل شيء له دواء إلا الموت لهذا ننصح للباحثين والمفكرين وغيرهم من العلماء أن يقوموا بمعالجة هذه المشكلة التي تكاد أن تصبح كثقافة موروثة في المجتمع، ولا بد من غرس روح التسامح والتكاتف والإحترام وعدم التدخل بخصوصيات الأشخاص، كما نحث العلماء والقادة والكتّاب القيام بتوعية المجتمع وتوضيح شامل لخطورة تتبع عورات الآخرين والإسراع على المعالجة الضرورية التي تتطلب بحلول تلك العادة السيئة.