لا يوجد بوصلة ، ولكني أشعُر أن الحنين يأخذني الي منبع الهدوء والسلام الداخلي، إلى مدينة كل ما فيها اتفقوا الى كره ضجيج والأصوات العالية، صوت الذي تسمعه رغما عنك هو تغريد الطيور وقت الفجر والغروب،وأحيانا بعض الظهر عندما تجلس مع ستات البن على رصيف، ويهطل المطر بدون موعد وتختلط ريحة القهوة ،والشاي بنعناع مع ريحة التربة المبللة، وصدي صوت نبضات قلبك لتتاكد أنك مازلت على قيد الحياة، مدينة تثبت لك بلا وعي أنك وليد الصخب وشرارة روحك تسخن كل الذين حواليك حتى لو لم تتفوه ب كلمة. أحيانا جلسة تأمل واحده تاخذك الى رحلة الذات اللامنتيهة وتنبهج بلا سبب على أنك محور اهتمام نفسك بنفسك، وأحيانا تضيع بنظرة وجوه المارة والتعاطف على أحوالهم بدون أن يحكو كلمة، ولكن ملامحهم تفضحهم. قبل خمس سنوات من الآن، كنت أسكن بيتا قريبا احدي شوارع أكثر زحمة فى هذه المدينة، الساعة السادسة والنصف صباحا كنت اهرول لاحقق أن الشعب مازال هناك، لكني سمعت نباح الكلاب المسعورة، وعندي فوبيا الكلاب. قررت فتح نافدة غرفتي مطلة على الشارع ،لاشبع فضولي ،وبدأت الاحظ أناس من كل صنف ، ولون ، يركضون فى الشارع، وكأن كل واحد منهم ابكم والآخر أصم، وقليلا ما تسمع صفارات السيارات حتى اكثر الشوارع ازدحاما، اتدكر جيدا تلك الصباح التى تساءلت نفسي كثيرا ما سر هذا السكون والهدوء ،بمدينة كل ما فيها يحير عقلك الباطن، من عصر ابرهم الى عصر آبى أحمد كيف حافطت على هدوؤها رغم تقلبات مراحلها السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والحكام. إلا سمة الهدوء العام، كلمايزعج نومي صوت طفل جارتنا الباكي، كأنه وليد التعاسة والبكاء خلاصه الوحيد ليحذر الأطفال العشاق الذين لم يولدو لا تغتروا بعدي، ويعبر شعوره بعدم رضا. كنت اشتاق الى صخب وأصوات الأطفال، وعراك المراهقين، والشتائم الجيران، وكلمة “ايورن”يعني كيف حالك للغرباء، حتى وان لم يعرفك ولا يقصد معني الحقيقة للكلمة لكنها مجرد فضول!. الدردشات التى بلا مناسبة تذكر وتنتهي بالمشاجرة والفوضي على بعض. الإنسان الثرثار ؛ ولا يعرف أنه الثرثار، ويتكلم بحماس بأمور لا يعرف حقيقتها، وتعجب طاقته وتقلبات مزاجه عندما يحدثك عن قيل وقال، وانزعج اللامبالاة والصمت،وعدم الحماس لدي الإيثوبين، مرة وانا فى الفصل تجادبنا اطراف الحديث مع صديق لى وقال لى اسمعني نحن لنا ثلاث رموز فى الرد الأفضل ان كنت تريدين راحة البال يا بشري، ردي لهم “لا اعرف، إن سالوك معلومات لا تعطيهم ببلاش حتى وإن كنت تعرفي قولي لا اعرف، وأن اخبروك قولي ما سمعت ، وقولي كذلك لا أري “. طنشت من يومها لأني لا أخد النصائح الا عندما أتأكد انها تناسبني، واليوم حوار الدي جري من حوالي بدون قصد أن أصغي اليه، ذكرني بزميلي، واخدني الحنين الى عريقة أفريقيا واجوائها الهادئة،