إتخاذ قيادة الحكومة العسكرية الصومالية بعض القرارات الاستراتيجية في الفترة ما بين 1969-1991م بطريقة سريعة،ودون دراسة مسبقة،ومعمقة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي ١٩٧٨م،وقبلها بريطانيا، تشبه نفس القرارت التي اتخذتها قادة الحكومة الصومالية الفدرالية في 2018م ضد المحور العربي المعتدل المتمثل في مصر،والإمارات، والمملكة العربية السعودية
وبرغم انحياز الإتحاد السوفيتي في حرب أوغادين إلى إثيوبيا 1977م إثر ترجيح كفة الجيش الصومالي على الجيش الإثيوبي، إلا أن قطع الصومال علاقاته الدبلوماسية مع الإتحاد السوفيتي، القوة العظمى الثانية في العالم وقتذاك لم تكن مبررة، بقدر ما كانت خطأ استراتيجيا قاتلا أدت إلى اهتزاز صورة الصومال الخارجية، ثم بدأ العد التنازلي لإنهيار الدولة الصومالية من الداخل.
ولم تملؤ الولايات المتحدة الأمريكية هذا الفراغ الذي خلفه الإتحاد السوفيتي، نتيجة غياب الثقة بين الجانبين، وغياب استراتيجية صومالية تضبط في تصرفاتها في علاقاتها الخارجية، فضلا عن درس الإتحاد السوفيتي،وما لحق به أيضا.فاصبحت النتيجة أن يصبح الصومال بلا صديق يوقف إنهيار الدولة 1991م بينما عثرت إثيوبيا صديقا وقف معها حيث لم تنهار الدولة الإثيوبية 1991م، بل تغير النظام، وسيطرت جبهة تحرير تغراي على مقاليد الحكم في إثيوبيا.
وفي عام 2018م غيّر الصومال مسار علاقاته الخارجية المعروفة، وهو خطأ إستراتيجي أيضا، يكلف الصومال الكثير، وهي ابتعاده عن المحور العربي، والحليف التقليدي للصومال على مر العصور والأزمان،وفي تاريخ الدولة العصرية، وقبلها، هذا الحلف التقليدي يتمحور في جمهورية مصر العربية، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية.
إنعقاد المؤتمر المرتقب في منطقة حلني بمقديشو العاصمة، وتحت إشراف، وتنظيم المجتمع في 2021م هي بسبب تصرفات وقرارات قيادة الحكومة الصومالية الفدرالية المنتهية ولايتها، ونتجت عن الكبرياء والصلف،واستعراض عضلات غير موجودة على أرض الواقع أمام المجتمع الدولي، والمعارضة السياسية الصومالية، وبعض الدول الأعضاء في الحكومة الإتحادية.
إن خطوات القيادة المذكورة أعلاه ضربة في السيادة الوطنية الصومالية،والوحدة الوطنية، وتقويض الحكم الرشيد، أو الديمقراطية الوليدة في الصومال التي جذبت العالم في 8 فبراير 2017م. وذلك للأسباب التالية
- خلق أزمات جديدة محلية، مع عجزها احتواء الأزمات خلال السنوات الثلاثة الماضية، وهي فرصة جديدة لتدويل الملف الصومالي، والتدخل في الشأن الداخلي الصومالي من جديد.
- سيعقد مؤتمرا آخر في منطقة حلني الواقعة تحت سيطرة المجتمع الدولي، وتحت إشرافه بغية إيجاد حل نهائي في الخلافات السياسية المتصلة بالإنتخابات العامة في البلاد.
- تضاعف حجم التدخل الدولي في الأزمة الصومالية بسبب التصرفات، والممارسات غير الناضجة في حل الخلافات الداخلية قبل استفحالها.
وتوجد أيضا قضية إستراتيجية أخرى وهي أن تعض يدا وقفت معك يوما في قضايا إستراتيجية داخلية وإقليمية، ودولية، وتبتعد عنها، أو تقطع تلك اليد بتعكير العلاقات الدبلوماسية معها خلال الحكومة الحالية 2017م 2021م، وهي نفس الممارسات والأفعال غير المتوازنة التي فعلتها قيادة الحكومة العسكرية ضد الإتحاد السوفيتي حيث دفع الصومال ثمنا باهظا جراء ذلك.
وقد ندمت القيادة الصومالية العسكرية القرار الذي اتخذته عام 1978م باعترافهم الموثقة في وسائل الإعلام الصومالية،ونفس هذا الطريق سلكته قيادة الحكومة الصومالية الفدرالية 2017- 2021م،حيث غيرت قواعد اللعبة الدبلوماسية المرتبطة مع دول إقليمية عربية محورية ومؤثرة في الشرق الأوسط، وفي القرن الإفريقي، والعالم كذلك، واتجهت نحو إثيوبيا العدو التقليدي للصومال، وهذا حافل في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين منذ ميلاد الدولة الصومالية 1960م وقبلها أيضا.
ما هو الحل
- وضع استراتجية جديدة والتي ترشد السياسة الخارجية الصومالية، وتوقف الإرتجال في تحديد مسار العلاقات الخارجية بغية حماية المصالح العلبا للدولة الصومالية
- يجب وقف إتخاذ القرارت غير الناضجة،والسريعة، لحماية سمعة وهيبة الدولة الصومالية، وتستخدم أساليب الحوار، والمناقشات المعمقة.
- إعداد الدراسات والأبحاث في الموضوعات، والقضايا المطروحة في الساحة، والمتصلة بالقضايا الإقليمية والدولية المتوترة،وبلورة الرؤية الإستراتيجية للصومال حيالها، ثم إتخاذ القرار المناسب حيالها بما يحمي المصالح العليا للوطن.
- الإستفادة من التجارب السابقة المرة المتصلة بخروج الصومال من حلف الإتحاد السوفيتي في القرن الإفريقي، وذلك بقطع العلاقات الدبلوماسية معه 1978م،وكذلك انحياز الصومال إلى إثيوبيا ضد جمهورية مصر العربية في قضية مياه النيل 2020م
- البحث في العثور على صديق حقيقي، واستراتيجي للصومال والذي يقف مع الصومال، وهذا له شروط أساسية،وهي أن تعرف القيادة الصومالية المصالح العليا للوطن، وتحسن استثمار الموقع الإستراتيجي الذي يحتله الصومال، مثل دولة جيبوتي التي تتعاون مع عدد من الدول بغرض الإستثمار والإستفادة من موقعها الإستراتيجي.
- القضاء على الثقافة السياسية الصومالية القائمة على خلق فرص عمل للمجتمع الدولي، وضرورة تحقيق الاستقرار السياسي في الصومال سدا لهذا الباب، وهي إحدى المفاتيح الأساسية لكسب ثقة المجتمع الدولي.
- إنضمام الصومال خلال السنوات الأربعة الأخيرة إلى تحالف إقليمي في القرن الإفريقي بقيادة إثيوبيا، ضد مصر، والسعودية،والإمارات، والسودان، والأردن، ضربة إستراتيجية في سياساتها الخارجية، وتهميش دورها في تحالفات عربية تقليدية، وتعد هذه من الأخطاء القاتلة التي تحتاج إلى إيجاد حل سريع من الآن فصاعدا