إن شخصية الشيخ مصطفى أعظم من أن تبقى معروفة بين الأمة الصومالية وحسب وإن الأمة الإسلامية والوطن العربي والعالم الإسلامي بل وكل البشرية بحاجة ماسة بأن تعلم حقا هذا العالم الرباني والمفكر الإسلامي والفيلسوف المسلم ، وهو رجل جمع بين علم الشريعة والعلوم الطبيعية والبشرية فتجده فارسا في كل ميدان من ميادين العلم والأدب والأخلاق ، وإنه أعظم فيلسوف ومفكر ينتسب للقرن الإفريقي ولعلي لا أبالغ إن قلت بأنه لو نشرت محاضراته وفكره وندواته العلمية الكثيرة باللغات العالمية لكان اليوم في طليعة المفكرين على مستوى العالم ، وإن أقل ما يستحقه الشيخ منا هو تأليف كتاب يجمع فكر الشيخ ويترجم أشهر المحاضرات التي نشرها والقيام بقراءة شاملة على نهج هذا العالم الرباني والمفكر العملاق واجب أخلاقي ومطلب دعوي وضرورة فكرية ، وإني أحث جميع الإخوة الكتاب ممن لهم باع باللغتين الصومالية والعربية على ترجمة جهود الشيخ العلمية والفكرية للغات العالمية حتى تعم الفائدة وتصل إلى البشرية كلها ، وهذا إن شاء الله سوف يكون في ميزان حسنات الشيخ والقائمين عليه إن وجد ، كما أنني أطلب من الجامعات الوطنية ومراكز البحوث العلمية والدراسات الأدبية والفكرية ودور النشر والتأليف على القيام ببحوث علمية حول إرث الشيخ الفكري والديني والدعوي وآراءه في علوم النفس والتاريخ والفلسفة والسيرة النبوية وواقع الأمة الإسلامية ، وقد نشرت من قبل بأن أقل ما نستطيع فعله تجاه شيخنا الكبير هو جمع جميع محاضراته وسلسلة دروسه المختلفة في برنامج يمكن تحميله عن طريق Play Store ، وهذا سيمنح الباحثين وطلبة العلم وكافة أطياف المجتمع مكتبة علمية كاملة تزحر بالعلوم والمعارف وبعقلية رجل منحه الله الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وكما منحه الله الحكمة والتوفيق أعطاه الله أيضا القبول بين الناس فكتب الله له المحبة في قلوب العباد ، إنه زينة العلماء وفارس الخطباء وأمير الحكماء وسيد أهل الدعوة ، عالم رباني تبحر في علوم الشريعة وأكثر من ذكر الفوائد والنواذر ، وجمع الذرر المكنونة من كل فن في محاضرة علمية قيمة ، وبسط العلوم والمعارف لعامة الناس وقرب مفاهيم الدين ومداخل العلوم على أذهان الناس وجعلها قريبة من متناول فكرهم وفهمهم ، ولا يوجد موضوع إلا كانت له فيه صولات وجولات ، والشيخ قامة علمية لا تتكرر وموسوعة فكرية لا مثيل لها ، وبحر من العلوم والمعارف ، ومن عجائب هذا العلامة أنك تجده متابعا لأحوال الأمة وهموم الشباب ومعاناة الجاليات الصومالية والإسلامية في الغرب ، وتراه عالما بأحوال السياسيين وما يدور في مجالسهم من نقاشات وتنافسات ، وتجده عالما بما تمر به المرأة المسلمة اليوم من تحديات العصر وإغراءات الغرب ، ثم تلاحظ فهمه العميق للنفس البشرية وتحليل ما يدور فيها من صراعات ، وهو قبل هذا وذاك رائد من رواد التنمية البشرية الصحيحة في الصومال وإسهاماته في هذا المجال تجعله أب التنمية البشرية المبنية على العلم والتجارب في الصومال ، ولديه ثراء في اللغة فهو قاموس حي ناطق وتجد عنده وفرة في المعلومات وكأنك أمام مكتبة صوتية ترتب لك عصارة الأفكار وتعطيك زبدة الكتب وخلاصة ما توصلت إليه البشرية من حكمة وتجربة ، وهو مع عظمته هذا متواضع ، دمث الأخلاق ، لين الجانب ، سهل العشرة ، قليل الكلام، كثير الصمت ، عظيم التركيز ، حاضر البديهة ، ثاقب الرأي، بشوش الوجه ، فصيح اللسان ، سريع الفهم ، صادق الحدس ، ومما يتميز به الشيخ هو أنه لا يبخل نصائحه عن الشباب والمرأة المسلمة والأمة كلها ، وهو فارس في صهوة جواده لا يترجل ولا يمل ولا يكل ، وتجد لديه حماسا لنشر الهمة في قلوب الأجيال الشابة وغرس حب الدين والوطن في روح الشباب ، إنه رجل نفع الله به العباد والبلاد فلله الحمد والمنة.
عبدالرحمن راغي علي
الكاتب والاديب الصومالي.