قد يجادل البعض بوجود من يكتب بلغة الضاد ولغة الأم في الصومال بغية تأجيج النعرات القبليّة العشائرية والجهويّة في البلاد لأسباب مناطقية وقبلّية وسياسية وانتقامّية وأحيانا كيديّة، وبرغم أنني أعترف بأن المؤثرات القبلية والمناطقية على المشهد الصومالي المضطرب يهيمن على أقلام بعض الكتاب الصوماليين إنتقاما من المجتمع برمته – إن صح التعبير- إلا أن بضاعتهم مزجاة ولن تجد ترويجا أو ترحيبا من قبل الأوساط الأكاديمية، والثقافية والإعلامية الصومالية.
ومن الواضح فأن قاعدة المحاصصة القبليّة هي المهيمنة على عقلية البعض في الوقت الراهن بينما بعض الكتاب المعنيّون بكلامي يدورون أيضا في نفس هذا الفلك، أو لهم أفكار أخري غير واقعية وفعلا ذلك حجر الزاوية ومربط الفرس، وبيت القصيد.
ولكن لا تنسوا أن ممارسة النقد غير المتوازن يعكس عمق المأساة الفكرية والعلمية والثقافية لصاحبه، مأساة تحتاج إلى تشخيص عللها بغرض إيجاد علاج ملائم لها وذلك قبل أن تتحول إلى داء يفتك بأصحابهم ثم تنتقل العدوى إلى المجتمع.
وفي هذا السياق فلا غرابة إذاً أن يرمي من يمارس النقد السياسي تهما جاهزة على شخصيات صومالية تنتمي إلى بعض القبائل الصومالية، ويعرقل دورهم السياسي في الوطن، ويسخر بها وهذا يتنافى مع القيم والأخلاق الإسلامية الفاضلة، فضلا عن قواعد وضوابط النقد السياسي.
دعوة لعلماء علم النفس الصوماليين بدراسة مخرجات بعض السياسيين الصوماليين الذين يأججون النعرات القبليّة، ماهي دوافعهم؟ وهل تعرضوا لأزمات نفسية من قبل؟ ما خلفيتهم الفكرية والثقافية؟ هل تعرض أحد أقربائهم لثأر قبلي في التسعينيات من القرن المنصرم؟أم تعرض لإهانة مقصودة في مناطق غير مناطقهم؟ أم أن الحكاية برمتها هي ممارسة هواية النقد دون ضوابط.
دعوة للعلماء والدعاة بتشخيص تأليف البعض قواميس من الكراهية والعنصرية والتي تستهدف على رموز الدولة الصومالية، وعلي العلماء والمصلحين، والمثقفين. وهل يمكن وجود علاقة مشبوهة بين هؤلاء وبين بعض منظمات دولية معروفة في إستهداف الصومال والصوماليين.، أو دول إقليمية ذات وزن في المنطقة والتي تسعي إلى إثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد.
دعوة إلى تفعيل القوانين المنظمة للممارسة السياسية في الصومال بغرض محاسبة من يمارس التضليل الإعلامي ويستهدف على كل مواطن صومالي دون دليل أوبرهان،أو يخلق رأي عام معادي للدولة الصومالية، أو يعمل على تشويه سمعة رموز الدولة الصومالية، أو يأجج النزاعات والحروب القبلية في الصومال.
وأعتقد أن حق النقد الموضوعي مكفول للجميع لأن المجتمع الصومالي يحتاج لهذا، مع إثراء النقد في المجالات السياسية والإقتصادية،والإجتماعية، والثقافية والإعلامية وغيرها بطريقة مهنية وموضوعية.
والمطلوب أيضا دراسة خلفيات من يمارس النقد السياسي والفكري وهل ينتمي إلى الوسط الأكاديمي والإعلامي؟ أو الحزبي؟ أو القبلي؟ وما رسالته ورؤيته حيال الدولة الصومالية؟
أيها السياسي لا تخاف من النقد لأنك أصلا لست مكتملا بل أن برامجك السياسي ناقص لا محالة، وبالتالي فأنت بحاجة إلى تقييم تجاربك وتصحيح أفكارك حيث أن مسيرة الحياة حافلة بكل شيئ ولكن إبدأ بنفسك أولا.
ومن الواضح فإن بعض السياسيين المهتمين بالسياسة غير معنيين بدعم الدولة الصومالية، أو على الأقل إعطاء الفرصة لها بل يدعون إلى الفوضى وإثارة الفتن، ويتحدثون وكأن عقارب الساعة عادت إلى عام 1991م وبالتالي ألا يحق للآخرين أن يطرحوا التساءلات التالية: ما علاقة هؤلاء مع الدولة الصومالية؟ وما أجندتهم؟ وهل يعملون لصالح جهة خارجية؟ ألا يمكن أنهم مستغلون من جهات معادية للصومال ؟ أم أنهم موجهون من جهات محلية صومالية تسعي إلى تحقيق أهداف سياسية دون برامج سياسي؟
إن أغلب من يمارس النقد السياسي لا يلتزم بالأمانة والموضوعية والحيادية حيث يركز بذكر المثالب فقط، ويهمل قصدا سرد الإيجابيات وهذا قدح على عدالة صاحبه، حيث أن عبارات السخرية جاهزة ومليئة في منشوراتهم سواء في شبكات التواصل الإجتماعي أو غيرها.
والغريب أيضا عندما تجد من يهاجم بسخرية لا حدود لها على شخصية ما مثل الشخصيات السيادية في البلاد، كرئيس الجمهورية مثلا، أورئيس الوزراء، أورئيس البرلمان، وشخصيات أخرى مؤثرة في السياسة الصومالية، وبالتالي فهذا السياسي غير مؤهل لممارسة السياسة، وأن يتصدر في المنابر الإعلامية، والأفضل له أن يقيّم تجاربه السياسيّة السابقة التي جلبت له الفشل في برامجه الانتخابية.
أما مسألة توثيق النقد بذكر المصادر الصحفية فحيوية جدا أيضا حيث إن الكلام الإنشائي لاقيمة له ولا يلتفت إليه وبالتالي فلابد من التوثيق، وقيمة التوثيق ثمينة في مجال البحث العلمي، والنقد بصفة عامة ، فالواجب على الكاتب والسياسي التثبت، وعدم التسرع في إصدار الأحكام.
ضبط المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في الكتابات الصحفية والسياسية، حيث يسقط البعض مصطلحات مستوردة من الخارج على البيئة الصومالية، مهلا ياأيها السياسي! فإن لكل بيئة وضعها الخاص، فما درسته في الشرق الأوسط، أو الغرب، أو أمريكا ليس صالحا تطبيقه في البيئة الصومالية فحذار من نقل تجارب غربية الأصل إلى البيئة الصومالية المثقلة بالنعرات القبلية والمحاصصة العشائرية والتي أنت متورط فيها قصدا أو دون قصد ما يعني أن الحديث عن الديمقراطية في الصومال مضيعة للوقت، ومهدرة للطاقات، ومبددة للثروات.
اللغات تعشق عرض المحاسن والإيجابيات وإعتراف الإنجازات التي تحققت في كل مرحلة من مراحل الوطن، خاصة في بلد مثل الصومال الذي يحتاج إلى توحيد الجهود لإرساء دعائم الدولة الصومالية، وبناء أجهزة الدولة.
وفي النهاية أعتقد أن ممارسة النقد ليست جريمة بل هي ثقافة غائبة عن حياتنا السياسية، فالمحاسبة والمساءلة مطلوبتان بشرط أن تكون وفقا للدستور الإنتقالي الصومالي ولكن على من يمارس النقد ضد الدولة الصومالية، ويرفع راية المعارضة أن يلتزم بالضوابط والقواعد الأخلاقية، والدستورية والعرف السائد في البلد، وأن يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، وأن على الحكومة الصومالية أن تقبل النقد السياسي الموجهة، وتستفيد منه، وتستوعب المعارضة السياسية في حكومة وحدة وطنية تستطيع تحقيق المصالحة السياسية، والقبلية، وتحقيق الاستقرار والسلام في الصومال.