بعد أن أصبحت مدينة بلدوين منكوبة بالفيضانات، وشرد عشرات الآلاف من سكانها، تاركين وراءهم ممتلكاتهم ومزارعهم، هبّ الصوماليون لنجدة إخوانهم، وجمعوا لهم مساعدات وصلت حتى الآن ما يقدر حوالي مليون ونصف مليون دولار، وما زالت مستمرة بوتيرة عالية.
خطورة فيضانات هذا الموسم الخريفي وصلت إلى مستويات قياسية، حيث غمرت المياه معظم أحياء هذه المدينة النهرية التي يتلوى فيها نهر شبيلي، ويترك وسط المدينة كأنها شبه جزيرة تحيط بها المياه من كل جانب.
في السابق كانت المدينة تتعرض لفيضانات موسمية تتفاوت ارتفاع نسبها، ولكن سوء الإدارة المحلية، وطبيعة الصراع القبلي، والظروف العامة للبلاد أبقت هذه المدينة تترقب كل عام مصيرها، بل يلجأ الناس كالعادة التلال المحيطة بها عند الفيضان.
لم يفكر أبناء بلدوين في الحل الناجع لهذه المأساة المتكررة، فإعادة بناء المجاري النهرية وقنواتها القديمة وترميمها، وبناء سواتر إسمنتية بطول ثلاثة أمتار بمبلغ مليون أو نصف مليون دولار خيرٌ من أن يتلقوا بعد الكارثة خمسة ملايين دولار كمساعدات.!!
إن آثار الفيضانات وعواقبها وخيمة، لكونها أتلفت الممتلكات العامة في المدينة بأكملها، بما في ذلك البضائع في المتاجر، والمستلزمات المنزلية والمكتبية، وكتب الدراسة، وإتلاف المحاصيل، إضافة إلى ما تتركه من آثار صحية وبيئية خطيرة بعد عودة الناس إليها.
وفي تعليقي باللغة الصومالية على تقرير حول الذكرى الثانية لكارثة تفجير سوبي – وهي أكبر كارثة وطنية في تاريخ البلاد وقعت في يوم واحد – أن مما استُفيد من هذا الحدث أن العاصمة الصومالية مقديشو – مثل باقي البلاد – غير مؤهَّلة للاستجابة لمأساة جماعية كبيرة كهذه، لأنه ليس هناك بنوك الدم، وطوارئ على مستوى عال، وجرافات محترفة تنفذ العالقين تحت الأنقاض فور وقوع الكارثة، وإسعافات ومستشفيات عصرية لها جراحات للجرحى الخطرين.
هذا فيما يتعلق بالكوارث والنكبات غير المتوقعة، لكن حادثة بلدوين تختلف، فالتوقّع حاصل، وأصبح الناس ينتظرون الفيضان كل سنة أو سنتين مرة واحدة بدون تخطيط ووقاية مسبقة، فيما يغرق مسؤولو إقليم هيران وولاية هيرشبيلي بالخلافات الداخلية، وإقالة محافظي المدينة.!!
لماذا لا يتم الاستعانة بالخبراء والفنيين ويتم دراسة اقتراحاتهم حول تفادي الفيضان في بلدوين في المستقبل القادم، ولماذا لا يسهم المسؤولون الحكوميون والقطاعات الخاصة والتجار والجاليات في الشتات في تمويل هذا المشروع؟!!.
نسأل الله أن يجبر كسر المنكسرين، ويرفع الضر عن المتضررين، والبأساء عن البائيسين، وعلينا أن نساهم في الجهود الجارية لنجدة المنكوبين بالفيضان ليس في بلدوين فقط، وإن كانت هي الأكثر تضررا، بل في غيرها ممن تأثروا بالفيضانات.