الحمد الله رب العالمين
هذه مدونات لبداية دخول فكر الخوارج في الصومال، سأكتبها بإذن الله حلقات قصيرة وفق التوفيق زمانا ووقتا
لا يخفى على أحد بأنَّ النَّبةَ الأولى لفكر الخوارج ظهرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى” وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ”. وقد ذكر قتادة بن دعامة أنها نزلت على واقعة المنافق ” حرقوص” المشهور بلقبه ” ذي الخويصرة”. يومها لم يبتر الرسول صلى الله عليه وسلم نبتة النفاق هذه لكنه صفح عنها، وغض عنها الطرف؛ لأن الأمر كان يتعلق بذات الرسول صلى الله واتهامه على الجور والظلم، والادعاء بأنه لا يعدل في القسمة، ولا يسوِّي بين الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان رؤوفا رحيما، يعفوا عن المخطئين، ويحفظ بيضة الإسلام وسمعة الدين؛ لذلك اتخذ عدة احترازات منها:
1- أنه لم يسكت عن فكر هذا المنافق ولم يداهن؛ بل زجره أعظم زجر، وقال في أمره قولا بليغا، حتى همّ الصحابة بقتله لولا انقاذ الرسول إياه منهم.
2- فضحه أمام الملأ، وحذر الأمة من مغبة أفكاره وأمثاله؛ وعليه تَروي الأمة جيلا بعد جيل شؤم هذه الأفكار، وخطورتها.
3- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم – وهو يوحى إليه، ويكشف له حجبَ غيبِ المستقبلِ – بأنَّ هذه النبتة الخارجية ستثمر ثمارا مرَّة في المستقبل، وستترك في جسد الأمة جراحات خطيرة؛ لانتشار وبائها الفكرية، وأمراضها العقدية في نسيج الأمة؛ ولذلك وصَّى أمته بأن عليهم واجبَ إخمادِ هذه الفتنة في مهدها، وعدم السماح لها بالانتشار في الأمة؛ لأنها تخرب الأديان والأبدان، وهي معاول هدم الدول، وتفريق الأمم، وإثارة الفتن، واستباحة الأنفس، والأموال والأعراض.
4- بين الرسول صلى الله للأمة بأن علامة هؤلاء أنهم يتخذون من الدين ذريعة لنشر فسادهم؛ ولكنهم عمليا عُراة عن حقيقة الدين وفهمه، فأقدامهم ليست راسخة في الدين، وأفهامهم له غريبة، وتطبيقاتهم له عجيبة، ويمرقون منه سلوكيا، ويدَّعونه انتمائيا!
5- نفذ الصحابة والخلفاء أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تبين الأمر لذي عينين، وتأكدوا بحدوث تنبؤ الرسول صلى الله عليه وسلم، واستفحال أمر الخوارج، وتعريض الأمة للحين والهلاك، والتورط بالقتل والاغتيال، والتمرد على الأمة ونظامها، والخروج عن السواد الأعظم، ورفض الحوار والنقاش. فلم يكن أمام الخلفاء وقادة الأمة إلا ركوب صهوات الخيول، وإيذان الهجوم على البغاة، واستعمال اللسان والسنان، وتجنيد الأمة وتأليبها ضدهم، وبيان حالهم، ووضع حدٍّ لفسادهم، وإعادتهم إلى حظيرة الأمة ومرجعيتها!