استطاعت ولاية بونتلاند أن تحتفل بالولاية الثانية للرئيس سعيد عبدالله دني والتي تعتبر تاريخية مع اليوبيل الفضي لتأسيسها، وهذا مؤشر إيجابي يؤكد أنها بلغت من النضج السياسي ما يؤهلها مواجهة تحديات المرحلة الداخلية والخارجية، ومع أن الولاية الجديدة للرئيس دني كانت آخر ما تمنتها الحكومة الفدرالية الصومالية إلا أنها مجبرة للتعامل معه.
ومع أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لا يحظى بسمعة طيبة في ولاية بونتلاند كالتي كان تمتع بها الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، إلا أنه مايزال يضع العراقيل أمام عودة التفاهم مع هذه الولاية الكبيرة والتي تمثل أول ولاية فدرالية، ومع أن أهم ما تحتاج إليه الحكومة الصومالية في المرحلة الحالية هي: أن تستعيذ ثقة جميع الولايات حتى تتمكن من التحديات الخارجية التي تواجهها الأراضي الصومالية من قبل إثيوبيا وأطماعها.
الحرمان من الحقوق:
مع أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يحتاج إلى خلق جو من الوئام الداخلي لمواجهة التحديات الخارجية وتحقيقا لشعار حملته الانتخابية: (صومال متصالح مع نفسها ومع العالم) إلا أنه لم يفتح باب المصالحة الداخلية بل تعامل مع الولايات كرئيس لحكومة مركزية يجب على الجميع أن يؤدوا له فروض الطاعة، وهذا مخالف للشعار المرفوع وقواعد المصالحة الوطنية المبنية على التفاهم؛ لأن الجميع يدرك أن محاولة الإجبار والمغالبة هي السبب الرئيسي لانهيار الدولة الصومالية.
ومع وضوح هذا الأمر للعقلاء إلا أن الرئيس الصومالي بدأ في ولايته الثانية سياسة عنيفة تجاه بونتلاند مفادها الحرمان المالي فضلا عن التصريحات العلنية التي فُهم منها التهديد الأمني وإثارة القلاقل في الولاية، وقد خلقت تلك التصرفات عداء شعبيا للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وهذا ما يلمسه كل زائر لعاصمة بونتلاند، وعليه فإن إطلاق الشعارات لا يحقق للشعب مصالحة وطنية، وأن سياسة لي الذراع التي تحاول فيها الحكومة الفدرالية يعقد مستقبل تلك المصالحة أدرك الرئيس وفريقه أم لم يدركوا!
التعديلات الدستورية:
ومن المهم أن نفهم أن التحركات الجديدة التي تجري في أروقة البرلمان المتعلقة بالتعديلات الدستورية ما هي إلا سياسة خلط الأوراق التي انتهجها الرئيس الصومالي منذ انتخابه قبل عامين، ورغم أن الفريق الحاكم يعتقد أن تلك التعديلات تعطيهم قوة دستورية لخلق حكومة مركزية رغم مخالفتها للتفاهمات التي كانت أساسا للمصالحة الوطنية والتي رأت أن من أسباب انهيار الحكومة الصومالية كان وضع السلطات في يد الرئيس، وهذا ما تسعى إليه تلك التعديلات، فضلا عن المحسوبية التي يحاول بها الفريق الحاكم للتمرير بها وبصورة مستعجلة، بل قبل حفل تنصيب رئيس بونتلاند سعيد عبدالله دني.
ومن المؤكد أن ما يجري في أروقة البرلمان وما يسعى إليه رئيس البرلمان وفريقه من تعديلات مخالفة للتوافق العام لن يحقق مصالحة وطنية حقيقة فضلا عن أن يحقق شعار الرئيس الذي أصبح في أول أيامه خالي الدسم، وعليه فإن حصول التعديلات قبيل حفل تنصيب رئيس ولاية بونتلاند يؤسس مرحلة جديدة من النزاع السياسي مع بونتلاند ولا يمكن أن يقبل بها شعب الولاية فضلا عن قيادته.
وختاما فإن سياسة العداء وليً الأذرع هي التي دمرت الدولة الصومالية ولا يمكن أن تعيد القوة والهيبة للصومال مرة أخرى فضلا عن أن تعطية قوة للقريق الحاكم مهما كانت أطماعه الشخصية والسياسية، ومن المستحيل أن تخضع بونتلاند لمثل تلك الاستفزازات، ومن الرئيس أن يفهم خطواته السياسية التي تسبق كلامه المعسول.