قبل إنهيار الحكومة الصومالية لم يكن في بونت لاند مطار واحد ، ولا جامعة واحدة ، ولا مكتبة واحدة أيضا ، وكانت المدن صغيرة جدا وعدد الناس فيها قليل جدا ، ولم يكن فيها سوى طريق رئيسي واحد يربط المنطقة بالعاصمة ، وكان الناس يعتقدون بأن شمال شرق الصومال صحراء قاحلة لا زرع ولا ضرع فيه ، وكان يبكي المدرس أو الجندي عندما يتم نقله لهذه المنطقة من أجل الخدمة الوطنية ، ولم يكن هناك مستشفى كبير واحد في بونت لاند ، ولا مسجد كبير يمكن أن يصلي فيه آلالاف الأشخاص ، ولم تكن في المنظقة إذاعة واحدة محلية ، ولا مصنع صغير حتى ، وكانت البضائع تأتي إليها من موانئ أخرى ، وميناء بوصاصو كان الميناء الوحيد في الإقليم ولم يكن يعمل جيدا وقد فرضت الحكومة حصارا اقتصاديا على مدن السواحل مثل حافون ، وقندلة ، وكان الوازع الديني والنظام التعليمي ومقومات الحياة قليلة جدا في الولاية ، ولم تكن للمنطقة اسم ” بونت لاند ” كما هي الآن ، وحتى لم يكن فيها مكتب كبير للدولة ، وكانت النخبة السياسية للمنطقة والكوادر التعليمية أصحاب الخلفية الأكاديمية يعيشون في العاصمة بعيدا عن مسقط رأسهم وموطن أسلافهم ، وكانت المنطقة تعيش في حالة من التخلف وإنعدام خدمات الدولة.
بعد ربع قرن من الزمان تمتلك بونت لاند اليوم ميناء بوصاصو ، وميناء غرعد ، ومطار بوصاصو الدولي ، ومطار محمد أبشر في جرووي العاصمة ، ومطار عبدالله يوسف في جالكعيو ، ومطار جلدغب ، ومطار قرضو ، وميناء غرعد ، ومئات المدارس ، ومنهج تعليمي موحد ذات جودة جيدة ، وإختبار موحد على مستوى الإقليم ، وعشرات الجامعات والمكتبات ، ومقر الوزارات ، والبرلمان ، ومكاتب المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية ، وآلالاف المساجد ، ومئات المعاهد الدينية والمراكز العلمية ، ومئات القرى والأرياف ، وعشرات المدن الكبرى ، والطرق الكثيرة هنا وهناك في معظم المدن الرئيسية ، وطريق رئيسي جديد يربط المدينة الساحلية الإقتصادية بوصاصو بمدينة عيرجابو.
وحدث تغير في الوعي الثقافي والوازع الديني والنظام التعليمي ، وتم توفير مستشفيات في معظم المدن الكبرى ، وإنشاء جيش ومراكز شرطة ونظام ، وقام شيوخ العشائر وهم سلطة ومرجعية محترمة تقليديا في الولاية بتطوير مؤسساتهم وصناعة دولة محلية بعد إنهيار الحكومة الوطنية ، وظهر لأول مرة أجيال شابة بدأت تعليمها في الإقليم وأكملت كافة مراحل التعليم في الولاية ثم انضمت للحياة السياسية والإجتماعية في الولاية ، وصار لها شأن ووجود في الساحة الوطنية والمحلية.
معظم المدن الرئيسية في بونت لاند ، وحتى القرى الصغيرة أغلبها تم تأسيسه بعد ولادة بونت لاند وهذا عهد قريب جدا ، والأسواق الكبيرة التي نراها اليوم حديثة عهد ، وفنادق خمسة نجوم والحدائق الغناءة التي نزورها لم تكن موجودة قبل وقت قصير ، وأسماء الشركات المعروفة اليوم لم يكن لها وجود قبل عقدين من الزمن ، ولم يكن هناك ملعب يتماشى مع العصر في الولاية ، والحمد لله بونت لاند اليوم في مكان جيد للغاية.