شهراً من الوقائع والاحداث شهدتها الأرضي الصومالي من أمطار عنيفة، وفيضانات مدمرة، وقرى من مياه مُهجرة، وقتالاً من مستوى أخرى” ذبحاً وحرق مُدن”، وصوتاً من العداء غريب، ورفع حظر الأسلحة عن الصومال(رفع الحظر عن الأسلحة هو حدث تاريخي، له أبعاد اخرى يستحق مقال آخر) ، لكن دعونا مع بقية الاحداث المؤلمة المُكررة، التي تُعيد إلى الأذهان مرة بعد أخرى الرغبة في البحث عن الإشكالية الأساسية التي تدور حولها أزمات الواقع الصومالي بشقيه الإنساني والبيئي، ونحن نستحضر (المُحاولات والاخفاقات).
إذا بدأنا بالمحاولات؛ فإن المحاولات “الإنقاذية” لم تتوقف ومنذ اللحظة الأولى للسقوط الصومالي الأخير، فالجهود الفعلية، والأفكار نظرية كانت تتلاحق وتتابع دون انقطاع، وما أن يستجد أمرا ما، نجد بأن بالمحاولات تتفجر من جديد، مع ذلك لم تصل هذه المساعي إلى مرحلة انتشال الانسان الصومالي من عثراته بشكل كامل.
وإذا أعدنا قراءة المحاولات من جانب آخر وبشكل أعمق سواء كانت المحاولات من (الأهالي أو من النخب؛ كانوا نخبة ذات خلفية إسلامية أو نخبة ذات خلفيات مختلفة أو من ساسة”) نجد بأن اغلبها جاءت رَّد فعل على النتائج للحدث وليس على البناء الفعلي للحدث، وهذا جعل من المحاولة محدودة التأثير، لأن المحاولات التي تستند على نتائج الحدث تنطلق من الأفكار المتعجلة ذات الطابع استنتاج الفردي، وتبتعد في اغلبها من المحاولات الابداعية، مما يجعل صلاحية مفعول المحاولة قاصرة على جانب معين، وعاجزة عن معاجلة الداء المستشري في الجسد الامة المنهك، وما أزمة الفيضانات الأخيرة وتعاطي معها إلا دليلاً على الحلول التي تُبنىء على النتائج.
أما قصة الإخفاق أو الشعور بالفشل فهي قصة لم يتصالح معها الإنساني الصومالي بعد، فما زال يدور في فلك ذات المحاولات القديمة يرفض فيها الاعتراف بفشلها وعدم جدوى من تكرارها.
ربما لو وصلنا الى عتبة الاقرار بالخفاق، لفتحنا باب من المحاولات الجديدة التي تعترف بأن أزمة محلية جوهرها “الخلل المنهجي والتصوري” فيما يخص التعامل مع واقع الفعلي المتصل بمشكلات الصومالية.
فعلى سبيل المثال كثير من المحاولات السابقة تضع القبلية أساس المشكلات الصومالية؛ وعلى هذا الأساس تُقدم الحلول، والحلول لا تنجح بشكل المطلوب، ودليل على ذلك الدستور الذي كان هو حل لمشكلة أصبح اليوم هو مشكلة، إذا المشكلة في تصورنا الجزئي لأساس المشكلة.
الحل السريع الذي يمكن أن يقدمه المفكر الصومالي اليوم في هذه المرحلة هو رفع شعار ” المؤاخاة” مؤاخاة في الفكر من خلال “الوحدة الفكرية التي تجمع بين النظرة القومية والنظرة الدينية“، مؤاخاة في الرؤية التي تؤسس لـ ” الرؤية الشمولية التي تتسند على فكر صحيح ومعتقد سليم”، مؤاخاة في الفهم الذي يجمع ” بين فهم الماضي شرط عدم الانغماس فيه، وفهم الحاضر والقدرة على النقد الحر، المؤاخاة في الحلول ” الذي يوازن بين “الحلول المحلية والحلول المستوردة، مؤاخاة الانسان ” وهي تربط الانسان الصومالي مع أخيه بتقاطعات جديدة وغير معتادة، وغيرها من المؤاخاة التي تساعد على رقى بالفكر الصومالي ليكون بمستوى الاحداث والحلول.