مقديشو (قراءات صومالية)- دشّنت الحكومة الصومالية الفيدرالية يوم السبت الماضي اعتماد بطاقة الهوية وتسجيل المواطنين، وذلك بمناسبة عريضة أقيمت بالعاصمة مقديشو تزامنا مع اليوم العالمي للهوية العامة الموافق لـ 16 سبتمبر.
وحضر المناسبة مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى وممثلون عن شركاء التنمية في الصومال، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ووكالات الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي وباكستان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول الخليج وشركاء آخرون.
وفي كلمته في المناسبة صرح رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أن هذه الخطوة تعتبر الحلّ للعديد من التحديات التي تواجه مجتمعنا، بما في ذلك الأزمات الأمنية، مضيفا أن بطاقة الهوية توفّر الخدمات وتقوم بإرساء الديمقراطية والانتخابات والاستثمار والمرور والضمانات الشخصية للمواطنين الصوماليين.
وبعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية عام 1991م ودخول البلاد إلى حرب أهلية طاحنة، وعدم قيام حكومة فعالة لم يجد جيلان كاملان على الأقل الهوية الوطنية بعد ازدياد سكان الصومال بأضعاف مما كان عليه في الثمانينات.
وفي نوفمبر عام 2019 أعلنت وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية والمصالحة في الحكومة الفيدرالية السابقة برئاسة حسن علي خيري عن سياسات إصدار الهوية الوطنية و نظام تسجيل المواطنين، مشيرة إلى أنه لا توجد في البلاد في الوقت الحالي سياسيات تحديد الهوية “الشخصية” و بطاقة الهوية الوطنية، وأن نظام سياسات إصدار الهوية الوطنية و تسجيل المواطنيين.
إلا أن الأزمات السياسية التي عصفت بهذه الحكومة خاصة بعد اقتراب نهاية مدتها الدستورية بحلول نهاية 2020 أدت إلى عدم تنفيذ عدد من القضايا الهامة للمواطنين ومن بينها نظام تسجيل المواطنين وإصدر الهوية الوطنية.
وبعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الصعبة التي شهدتها البلاد عامي 2021 و2022 حيث فاز الرئيس حسن شيخ محمود برئاسة البلاد في 15 مايو 2022، وقام بتكليف حمزة عبدي بري بتشكيل حكومة المصلحة الوطنية اهتمت الحكومة الصومالية بتعجيل القضايا الأساسية للمواطنين، ومن بينها التصديق على مشروع قانون تحديد الهوية والتسجيل العام، ومشروع قانون جهاز المخابرات والأمن الوطني ، وهي المرة الأولى التي يكون فيها لجهاز الأمن القومي قانون رسمي منذ إنشائه في 8 يناير 1970.
صادق مجلس الشعب ومجلس الشيوخ على كلا القانونين في مارس من العام الجاري، وذلك للمساهمة في حل العقبات الناجمة عن زعزعة الأمن الداخلي، والتعاملات المالية والتجارة والاستثمار وتحركات المواطنين والتعامل مع الدوائر الحكومية.
ومنذ ذلك الوقت سارعت وزارة الداخلية والفيدرالية والمصالحة في الحكومة الصومالية في إنشاء هيئة التسجيل المدني، وقامت حكومة باكستان بمساعدة الصومال للتقنيات الحديثة كما قام البنك الدولي بتمويل المشروع.
وبعد مناسبة تدشين المشروع تلقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الموجود حاليا في طوسمريب، العاصمة الإدارية لولاية غلمدغ لمتابعة تحرير ولايتي غلمدغ وهيرشبيلي، تلقّى بطاقة هويته في مكتبه المؤقت، مشيدا بهذه المبادرة والإنجاز باعتباره معلما هاما في عملية بناء الدولة في الصومال، مؤكدا على أنها ستعزز الأمن وتعالج الأولويات الوطنية الأخرى.
وقال الرئيس حسن شيخ في خطاب للشعب: إن عدم الهوية لشعب بلدنا كان عائقا كبيرا أمام تقدم الصومال طيلة عقود، وأن قضية الأمن من أهم القضايا التي تهمنا كدولة وشعب، حيث ترتكب الحركات الإرهابية جرائمها بعيدا عن المراقبة، كما أن البنوك الصومالية لا تستطيع أن تتعامل مع البنوك الدولية لأنها أخلّت شرطا أساسيا وهو المراقبة الأمنية وعدم تحديد هوية العميل.
وأضاف أن تطبيق إثبات الهوية الوطنية تساعد في تعقب الفاسدين الذين يختلسون أموال الأمة، والوصول إلى بصماتهم.
وصرح الرئيس في خطابه أن الحياة العصرية في القرن الحادي والعشرين لا تستغني عن بطاقة الهوية فليسارع كل مواطن إلى اقتناء تلك البطاقة كي تساعد بلدك على مواكبة العصر، ونبذ التخلف والتهمة الإرهابية.
ويبدو أن الحكومة الفيدرالية تحارب الإرهاب في يد، وتقوم ببناء خدمات الدولة للمواطنين في اليد الأخرى، فهل هذا المشروع الهام سيسدل الستار على عهد وصمة الصومال بالدولة الفاشلة أو المتخلفة؟.