هل هناك مخاوف بالنسبة لك من احتمال حدوث تحاوزات وفساد ونزاعات في الانتخابات الحالية؟.
– لقد بذلنا كل جهدنا في عدم وقوع ذلك في 2016، وهو ما نكرر في تحذيره الآن، ونقول: ينبغي أن يتم إيضاح جميع النقاط التي يمكن أن تؤدي إلى سوء التفاهم. أنا لا أتوقع أن تحدث نزاعات مسلحة بسبب الانتخابات، ولكن إذا لم يتم إدارة العملية الانتخابية بشكل جيد فإنني لا استبعد ذلك.
سعادة السيد: منتقدوك يقولون بأن انتخابات 2016 كانت الأكثر فسادا منذ انتخابات 1969، خاصة فيما يتعلق بنهب المقاعد والتهديدات الموجهة إلى المعارضة، كيف تردّ على هذه الاتهامات؟!.
– أنا لا أكلّف نفسي في الدفاع عن مثل هذه الانتقادات، لأن الشعب الصومالي شاهدٌ على الفرق بين انتخابات عام 2016 والانتخابات اليوم، وله أن يقارن، وأن يقرر أيهما أكثر فعالية ونزاهة، وأطلب من الشعب الصومالي أن يكونوا موضوعيين وواقعيين، وألا يصدقوا الدعايات الفارغة التي تكتب بها في وسائل التواصل الاجتماعي.
يقال أن آلافا من الشبَّان الصوماليين تم تجنيدهم سرًّا في أريتريا، وأنهم شاركوا في الصراع الجاري في شمال إثيوبيا خاصة إقليم تغراي، ودائما ما يبدي أهالي هؤلاء الشبان ووالديهم قلقهم، لكونهم لم يجدوا عنهم أخبار. أنت كمسؤول ورئيس جمهورية سابق ما هو رأيكم في هذه الأحداث؟.
– ليس أول مرة أتطرق إلى هذا الملف، فقد تناولتُ هذا الموضوع أكثر من مناسبة، وعلى العموم فإن عندنا مشكلة وهي التزام قيادة دولتنا بالصمت وعدم مخاطبتها للشعب، وإطلاعهم على الحقائق الجارية، والدولة يجب أن لا تكون ساكتة، وأن لا توضح للناس ماذا ستفعله غدًا أو في المستقبل، وما قد تم فعله وإنجازه، إن كان تقصيرا تعتذر للشعب، وإن كان إنجازا توضحه. إن مشكلتنا تمكن في هذا الصمت المطبق مثل حركة سرّيّة، ونحن نجد التقارير المتعلقة بالوطن من الخارج.
تتذكر عندما صرح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام البرلمان أن إثيوبيا ستستخدم أربع موانئ من الصومال، لم توضح دولتنا هل هذه التصريحات صحيحة أو غير صحيحة، وأيضا عندما تم تجنيد الشباب بحجة أنهم سيصبحون شرطة في حراسة مبارات كأس العالم في قطر 2022، ونحن نسمع أن هؤلاء الشبان في أريتريا، وشاركوا في الحرب الأهلية الإثيوبية، أين مصادرنا من هذه المعلومات؟!، من الأمم المتحدة ودول أجنبية مثل أمريكا، ووكالات الأنباء، ومنظمات حقوق الإنسان، ولكن لم نسمع من الرئيس المنتهية ولايته فرماجو يوما واحد توضيحا بشأن هذه الملفات، لم ينف أن هناك شبانا في أريتريا، أو يوضح أنهم في مهمّة تدريبية ولم يشاركوا في الحرب في إثيوبيا.
نحن ما زلنا نكرر أنه على الحكومة وعلى الأخص الرئيس فرماجو أن يوضح مصير هؤلاء الشبان، لأن عدم معالجة هذا الموضوع من شأنه أن يؤثر على الشباب الصومالي الذي يريد أن ينضم إلى الجيش في المستقبل، ويؤثر على نواب البرلمان ووجهاء القبائل الذين قاموا بضمان مصيرهم عند اكتتاب أسمائهم، لماذا يسكتون الآن؟، نحن سنلاحق كل من قام بالضمانة، ونوضح أسماءهم إذا لزموا الصمت، وسيصبح نقطة سوداء في تاريخهم.
لكن قام رئيس الوزراء بتشكيل لجنة حول التحقيق في هذا الملف، ألا تقتنعون في هذه اللجنة؟.
– أين تلك اللجنة الآن، نشر رئيس الوزراء أسماء اللجنة في صفحته، ولم نسمع منهم شيء.
كيف ستعالج الملف لو كان حدث أثناء رئاستك للبلاد؟.
– الخطأ يكمن في البداية وليس النهاية، أنا لم أكن أَقْبــَـل إرسال شبابنا إلى سوق سوداء، ولأن التجنيد له إجراءات معروفة، هذه الأرقام الآن مخيفة، تصل إلى سبعة آلاف مجنّد، لم يمروا الإجراءات المتبعة للتجنيد، وهناك مؤسسات حكومية مثل وزارتي الدفاع والأمن مسؤولة عن ذلك، ولكن الآن لا تستطيع إعطاء معلومات عما حدث، وإذا لم يتَّبع الإجراءات الصحيحة فإن الحكومة المقبلة ستتلقى عقبات كبيرة أمام هذا الملف.
ماذا تُطمئن أهالي هؤلاء المجنَّدين ووالديهم، وما هي رسالتك إليهم؟.
– أقول لهم: واصِلوا كفاحكم الذي بدأتموه، وأبرزوا أصواتكم، وحاسبوا من قام بضمان أولادكم من النواب والوجهاء، وارفعوا قضيتكم إلى المحاكم، ولا تنفضُّوا عن الشوارع بل اثبتوا فيها حتى يتم حلّ هذه القضية. وأبشّر هؤلاء الأهالي إذا أنا فُزت بمنصب رئاسة الصومال أن أجعل أولويتي البحث عن هؤلاء الشبان، وأعطي معلومات أول بأول حول قضيتهم.
فيما يتعلق بالجيش والشرطة كنتُ حاورت مع وزير الداخلية في آخر حكومة في فترتك السيد عبد الرحمن محمد حسين أذوا، وبعدها لقيني شرطي، وسألني: متى ستجري حوارا مع الرئيس السابق حسن شيخ محمود، فقلت: وماذا تريد من ذلك؟ قال أريد أن تسأله: أين مرتباتنا لمدة ثمانية أشهر في أواخر فترته؟، ماذا ستُقنع هذا الشرطي إذا كان يشاهد هذا الحوار؟.
– أنا لا أعتقد أن ثمة فترة ثمانية أشهر أو تسعة أشهر متواصلة لم تصرف فيها رواتب، وأعتقد أن معظم هذه الانتقادات عبارة عن دعايات مغرضة. نعم هناك خلل إداري سبب في غياب المرتبات في بعض الأشهر من بينها انشغال مجلس الوزراء بالانتخابات، وذهابهم إلى الأقاليم، ولكن نظرا إلى نظامنا المالي كنَّا الأحسن كفاءة، وكنا نوضح الدخل الشهري في صحفة وزارة المالية على الإنترنت.
وبعد الانتخابات في شهر مارس 2017 استلم وزير المالية في الحكومة الجديدة خمسة ملايين في خزينة الدولة، وبالتالي ما حدث كان عبارة عن خلل إداري فني، وليست اختلاس أموال الشعب، بدليل أن عدد الجنود لن يصلوا إلى خمسة ملايين أو قريب، وأستطيع أن أفتخر بأن حكومتي كانت أكثر شفافية، لأننا أسسنا نظاما ماليا من الصّفر، ووضعنا ميزانية الدولة والنظام المالي الذي ما زال يعمل بها، منها تأسيس البنك المركزي وتعيين المدقق العام والمراقب العام، ولم يقوما يوما بكتابة تقرير حول سرقة أموال الدولة، وبدأت ميزانيتنا بمليوني دولار، وتركنا السلطة وهي مائتا مليون دولار.
وأيضا وضعنا أسس إعفاء الديون من الصومال في مرحلته الأولى والثانية، والحكومة التي جاءت بعدها أكملت المرحلة الثالثة، وهناك موظفون مدنيون يصل عددهم إلى خمسة آلاف موظف لهم نظام عمل منتظم، لم تقم الحكومة الحالية بزيادة عددها، من الذي أسس هذا النظام؟!، والشيء الغريب أن المدقق العام صرح بأن هناك اثنين وأربعين مليون دولار تم اختلاسها من خزينة الدولة، في حين أن المدقق العام السابق لم يكتب تقريرا واحدا بشأن ذلك في فترة رئاستي، أضف إلى ذلك لم يحدث أننا لم نختم على ميزانية سنوية، ولكن الحكومة الحالية لم تختم على ميزانية 2018و و2019 و2020، وتم حل اللجنة البرلمانية للشؤون المالية بسبب ذلك، كما تم فصل العديد من الجنود من خدمتهم لأسباب سياسية أو عشائرية أو مناطقية.
سيادة الرئيس هل تتعهد بصروف الرواتب للجنود والموظفين بشكل دائم إذا تم انتخابك مجدَّدًا؟.
– أريد أن أنبهك بأن ما فقد هذا الشرطي أو غيره من الجنود والموظفين من الرواتب هي حقوق على الدولة الصومالية، وليس عليّ شخصيا، والدولة موجودة فلماذا لم يبحث عن حقوقه؟.
أنت الرئيس الثاني في التاريخ الصومالي الذي يصبح نائبا دائما في البرلمان بعد الرئيس الأسبق آدم عثمان عدي، وكما تعلم فإن الرئيس الحالي فرماجو يقوم هذه الأيام بتشريف الرئيس الأسبق آدم عدي ويصرح دائما بأنه قدوته، فهل للرئيس الحالي صفات يقتدي بها الرئيس الأسبق.
– هذا مع الأسف ليس أول مرة يضلل الشعب، ويضحك عليهم، فإن مثل هذا التصريح والوعود الكاذبة بدأها من أول أيام حملته الانتخابية، حيث صرح بأن كل من يشير إلى أماكن اختباء حركة الشباب فإنه سيتم منحه مائة ألف دولار كمكافئة، ويقوم ببناء كل بيت تهدّم في الانفجارات، ألم تصبح تلك العبارات كذبا؟!.
الرئيس الصومالي الأسبق آدم عبد الله عثمان يعتبر مواطنا محترما وشريفا، لكن تصريح فرماجو بأنه يحذو حذوه يعتبر وصمة عار للرئيس آدم عدي، فلم يحذو خطوة واحدة في أثره، فتاريخ الرئيس الأسبق آدم مدونة في الكتب والدواوين والأرشيف العالمي، ولا يحتاج إلى مثل هذه التصريحات، والواجب على الرئيس فرماجو أن يصنع التاريخ بنفسه، وأن يقوم بالإصلاحات.
يقول أنصار الرئيس الحالي المنتهية ولايته بأنه حقق الانسجام الكامل في المؤسسات حيث عمل معه رئيس الوزراء لمدة ثلاث سنوات، ولكن في فترتك عينت ثلاثة رؤساء وزراء، ما الفرق؟
– الدولة تتكون من مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية، وينبغي أن تنسجم كلها، وتعتبر فترتي الرئاسية هي الوحيدة التي أكمل فيها رئيس الدولة ورئيس البرلمان معا، وهذا مما لم يحدث في الفترة الرئاسية الحالية، فبعد عام من الانتخابات 2018 تم الإطاحة برئيس البرلمان وبشكل غير شرعي، ولكن أهميتنا ليست تكمن في توافق الرجال أو اختلافهم، بل تكمن في الإنجاز والإصلاح السياسي.
لم يحدث أن يعيد الصوماليون انتخاب شخص مرتين، وأنت تريد أن تفوز مرة أخرى برئاسة الصومال، لماذا لم تتنازل لأصدقائك وهم كوادر في حزيك السياسي؟.
– المواطن الصومالي له حقوق دستورية في أن يَنتخب ويُنتخب، وما لم يمنعني القانون يمكن لي أن أترشح، وعندما رأيت بأن الوضع السياسي والاقتصادي أسوأ مما تركت عليه عزمت على الترشح، وقام أعضاء الحزب بتفويضي في المهمة، علما بأنني قمتُ بتأسيس الدولة، ولكن إذا خسرت في الانتخابات فإنني سأذهب إلى مزرعتي، كما أنني سلّمتُ السلطة عند هزيمتي.