مقديشو- قراءاءت صومالية – كثّفت حركة الشباب المتشددة هجماتها العسكرية على قواعد الجيش الصومالي خلال الأسبوع الجاري، مستخدمة أساليب قتالية متنوعة، تتراوح مابين الهجوم المباشر، وحرب العصابات في محافظتي شبيلي الوسطى، والسفلى، ومحافظتي جوبا السفلى – جنوب- وغدو الواقعة غرب البلاد.
فقد شنت الحركة هجومين على موقعين عسكريين للجيش الصومالي في مدينة قريولي، وبلدة عيل سليني في محافظة شبليى السفلى الواقعة جنوب العاصمة مقديشو، ما أدى إلى وقوع خسائرفي صفوف الجانبين،وإلحاق أضرار في الجسر الرئيسي لمدينة قريولي.
وذكر الناطق العسكري باسم الحركة عبدالعزيز أبومصعب عن مقتل 41 من القوات الصومالية،واحراق عربات عسكرية، والإستيلاء على عربتين عسكريتين، وأسلحة مضادة للطائرات، فضلا عن إلحاق جسر مدينة قريولي أضرارا نتيجة تفجير سيارة مفخخة فيها، غير أن الحكومة الصومالية نفت رواية الحركة، وأكدت صدها الهجوم.
بيد أن المتضرر الأول والأخير من تخريب الجسر في قريولي هم سكان المدينة الذين يواجهون ظروفا إنسانية بالغة التعقيد في حال تدمير الجسر الذي يقسم المدينة. هذا التطور الجديد يأكد أن الحركة لا تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية، بل جميع الأهداف مشروعة لديها على طريقة تفجير سوبي بتاريخ 14-10-2017م في مقديشو العاصمة، والذي احرق البشر، والحجر والبيوت، والمحلات التجارية، وكل شيئ كان في الموقع!
وفي سياق متصل شنت حركة الشباب المتشددة هجوما على أحد نقاط التفتيش في مدينة جوهر عاصمة ولاية هرشبيلي، بينما اشتبكت مع الجيش الصومالي في مدينة بلدحاوو في محافظة غدو، وفوق هذا وذاك نصبت كمينا لقوات جوبالاند في بلدة قوقاني اسفر عن قتلى وجرحى في صفوف القوات المستهدفة، فضلا عن اغتيال مسؤول صومالي في مدينة غالكعيو في بونت لاند، وأحداث أمنية أخرى في مدينة مقديشو.
وفي 5 يناير 2020م شن مقاتلون من حركة الشباب المتشددة هجوما مفاجئا على قاعدة عسكرية كينية تضم قوات أمريكية وأسفر عن مقتل متقاعدين أمريكيين، وجندي بالجيش الأمريكي، وتدمير طائرات هلكبتر عسكرية والتي تكلف ملايين الدولارات.
هجمات الحركة تتصاعد خلال العامين الماضيين دون توقف بسبب عدم تعرضها لهجمات رادعة من بعثة القوات الإفريقية، والقوات الصومالية، فضلا عن الخلافات السياسية المتصاعدة بين الحكومة المركزية وبين الولايات الفدرالية والتي انطلقت شرارتها مطلع 2018م.
أما الغارات الجوية الأمريكية المستهدفة على القيادات الميدانية للحركة فلم تقوض قدراتها العسكرية والأمنية، ولم تشل هيكلها الإداري، ولم تحرر المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة، ولم تخلق واقعا جديدا على الأرض لصالح الدولة الصومالية، الأمر يأكد عدم جدواها بقدرما هي تخلف أحيانا خسائر في صفوف المدنيين.
وفي سياق متصل أقال فخامة الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو نائب رئيس الأركان الصومالي الجنرال محمد علي بريسي من منصبه اليوم الثلاثاء، وياتي ذلك إثر هحمات الإرهابيين الأخيرة على الجيش الصومالي في محافظة شبيلى السفلى، وحاجة المؤسسة العسكرية الصومالية إلى تطويرها، وتعيين قيادات ذات خبرة لمواجهة الإرهابيين في ساحات القتال.
وتفقد رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري اليوم الثلاثاء مستشفى القوات المسحلة في مقديشو العاصمة حيث يعالج فيه أفراد من القوات المسلحة المصابين في الهجوم الأخير للحركة في محافظة شبيلى السفلى.
وليست الزيارة الأولى،ولن تكون الأخيرة كذلك لمسؤول صومالي كبير في المستشفيات، شأنها في ذلك شأن التعازى المستمرة دون رد عسكري صومالي مدعوم من بعثة القوات الإفريقية لتنظيف محافظتي شبيلى الوسطي والسفلى من الوجود العسكري للحركة.
ويرجع الأستاذ عبدالرحمن سهل يوسف الخبير في الجماعات المسلحة في منطقة القرن الإفريقي تكثيف حركة الشباب المتشددة هجماتها خلال الأسبوع الجاري إلى خمسة عوامل أساسية وهي:
- رسالة موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مفادها، وبرغم زيارة وفدكم إلى كينيا والصومال، وإثيوبيا، ومواصلة الغارات الجوية عليها،وكأن الحركة تقول ” إلا أنننا قادرون على مواصلة القتال ضدكم، وضد بعثة القوات الإفريقية، والقوات الصومالية، وفي داخل كينيا كذلك “
- رسالة أخرى عسكرية وأمنية ترسلها الحركة إلى قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الصومالية التي نشرت مؤخرا بوقوع انشقاق في صفوف القيادة العليا للحركة حيث أقال أميرها أبوعبيدة أحمد ديرية، مهد كارتي من منصبه، وهو كان الصاعد الأيمن له، والرجل الثاني للحركة، وبالتالي فإن موجة الهجمات العسكرية الجديدة للحركة نفي لهذا الخبر ورد عسكري يأكد تماسكها، وقدرتها على حماية مصالحها الإستراتيجية في الصومال,
- هجمات الحركة الجديدة تأتي في سياق الهجمات الإستباقية ضد استعدادات الجيش الصومالي الجارية في الوقت الراهن، وذلك إثر إعلان الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو بعزمهم إعلان الحرب على الحركة بغية تحرير المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقويض قدراتها العسكرية.
- تستثمر الحركة في الخلافات السياسيّة المتصاعدة بين الحكومة المركزية، وبين ولاية جوبالاند، حيث نقلت الحكومة وحدات من الجيش الصومالي إلى محافظة غدو في جوبالاند بغية الإستيلاء عليها، والقضاء على إدارة جوبالاند، ثم التحرك نحو مدينة بؤآلي عاصمة ولاية جوبالاند، والمدينة تقع الآن تحت سيطرة الحركة، وتعد أحد أهم حصونها ومعاقلها في الصومال، مهمة عسكرية وأمنية صعبة للحكومة، وحتما تحتاج إلى مشاركة القوات الإفريقية، والحكومية، وقوات جوبالاند، وبدعم أمريكي في الجانب المعلوماتي، لإنجاز المهمة في وقت قصير، وبأقل تكلفة ممكنة.
- هجمات الحركة المتصاعدة، تكشف جانبا من خبراتها العسكرية والأمنية الممتدة منذ 2007م، ومع إرتباطها العضوي لتنظيم القاعدة، وتبعيتها الإدارية للتنظيم الدولي، وتعتبر الحركة أنشط أفرع التنظيم في إفريقيا،والشرق الأوسط،ولهذا فهي تشكل تهديدا وجوديا للدولة الصومالية، والمصالح الغربية في منطقة القرن الإفريقي.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يلوح في الأفق حتى هذه اللحظة بودار إنهاء الوجود العسكري لحركة الشباب المتشددة في الصومال، برغم تدريب قوات صومالية جديدة بدعم أمريكي، وتركي، وقطري، وأريتري إلا أن عين الحكومة المركزية منصبة على الانتخابات البرلمانية،والرئاسية المقرر إجرائها 2020-2021م بينما عينها الآخر موجهة إلى المعارضة السياسية المتمثلة، في ولايتي وجوبالاند، وبونت لاند، وأحزاب المعارضة، الأمر الذي يشتت قوة الحكومة المركزية وجهودها، وهو ما يعطي فرصة ذهبية للإرهاب الدولي في الصومال.