عين الرئيس الصومالي، محمد عبد الله محمد فرماجو في 17 سبتمبر الجاري محمد حسين روبلي، رئيسا للوزراء خلفا لرئيس الوزراء السابق حسن علي خيري الذي بقي في منصبه منذ مارس 2017، وتم إطاحة البرلمان به سريعا قبل شهرين إثر خلاف بينه وبين الرئيس محمد عبد الله فرماجو حول الانتخابات.
ويعتبر روبلي وجها جديدا في الساحة الساسية الصومالية إذ لم يتقلد أي منصب رسمي من قبل، ودرس الهندسة المدنية وعمل سابقا في منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة حيث عمل في إدارة وتنفيذ مشاريع الهندسة الإعمارية والتنمية، داخل الصومال وخارجها، ويحمل الجنسية السويدية.
وفي جلسة استثنائية لمجلس الشعب (البرلمان الفيدرالي) الأربعاء الماضي، حضرها 215 نائبا من أصل 275، صوَّت النواب بالإجماع لصالح منح “روبلي” الثقة، لتشكيل حكومة خلال ثلاثين يوما، وتم الترحيب بتعيينه من قبل كافة الأطراف الصومالية.
وبعد أيام قليلة من منحه الثقة التقى رئيس الوزراء الجديد مع قيادات صومالية بدأ من رئاسة غرفتي البرلمان ورؤساء الولايات والمعارضة لاسيما الرموز المشهورين بانتقاد الرئيس محمد عبد الله فرماجو مثل السياسي عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي، والنائب في البرلمان عبد القادر عسبلي علي.
فقد رحب رئيس الوزراء الجديد كلا الرجلين في مكتبه بالقرب من فيلا صوماليا على حدة، وهي تخالف السياسات التي انتهجها رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء السابق حسن علي خيري منذ ثلاث سنوات حيث تم إقصاء السياسيين الذين لا يتوافقون مع سياسات القيادة الصومالية.
ويعتبر عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي من أبرز معارضي سياسات الرئيس فرماجو، وشنت قوات الأمن هجوما على منزله في مقديشو بهدف القبض عليه في ديسمبر 2017م، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص من حرسه وإصابته شخصيا بجروح، وقد أدنته النيابة العامة بأنه يشكل خطرا على الأمن القومي.
وينتظر رئيس الوزراء الجديد إرثا ثقيلا من قضايا عالقة، أبرزها تشكيل حكومة توافقية تستوعب الأطراف المختلفة، وإجراء الانتخابات على النحو الذي تم الاتفاق عليه بين الرئيس فرماجو ورؤساء الولايات الإقليمية، إلى جانب ملفي الأمن والاقتصاد حيث تعاني البلاد من تدهور أمني جراء هجمات حركة الشباب على أهداف حكومية خارج العاصمة مقديشو وداخلها.
ويرى المرقبون والمتابعون أن سياسات رئيس الوزراء الجديد ستركز على إذابة الجليد بين الحكومة الفيدرالية وخصومها السياسيين التقليديين، وانتهاج سياسية محايدة لإحلال جو سياسي ملائم يسع الفاعلين السياسيين، وإمساك خيوط اللعبة في المشهد السياسي من الوسط، وإقناع الفرقاء السياسين بالعمل معا نحو إجراء انتخابات توافقية وشاملة.
وتعتبر الانتخابات المقبلة مع فيها من صعوبات تقنية وسياسية معركة فاصلة بين الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو الذي طالما كرر أن إعادة انتخابه مرة ثانية إنقاذ لدولة القانون وتقوية المؤسسات الحكومية وبين خصومه الذين لا يريدون إعادة انتخابه مرة أخرى، وتشهد العاصمة مقديشو هذه الأيام لقاءات سياسية وتحركات وتحالفات يقودها السياسيون المعارضون وبعض رؤساء الولايات الإقليمية لدق المسمار الأخير في نعش الرئيس فرماجو، ومنع إعادة انتخابه لفترة ولائية ثانية.
وعلى كل حال، ينتظر من رئيس الوزراء الجديد أن يقود البلاد إلى برّ الأمان، وأن تقوم حكومته بتنظيم انتخابات توافقية تبدأ من تشكيل اللجان الانتخابية على مستوى الفيدرالية والأقاليم، بجانب المسارات المتقاطعة بين رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية، مع محدودية الزمن المتبقي.