كان في أقصى المدينة زقاق ضيق ، ينعدام فيه الأكسجين، درجة الاختناق ، كل من في هذه المدينة، يزورون هذا الزقاق ، مرة نهاية كل أسبوع، الناس بكل طبقاتهم ، الفقير المعدم، والفقير الذي يحمل الايفون، أغنياء، وأغنياء من نوع جمع ثرواته من نهب أشياء كانت تخص أولئك الفقراء، سيارات مصفحة ضد الرصاص، وسيارات عادية، و أخرى من النوع الذي كان يفترض به أن ينقرض، باصاصات وعربات تجرها الحمير.
أختلطة في الهواء رواح العطر ورواح فضلات المواشي السائبة، بدأت إحداهن تلتهم أشياء تشبة الأحلام ، لبقرة مشردة في هذا الزقاق، أثناء ذلك تتظاهر البقرة، أنها لاتفهم وهي تسحب ثمرة البابايا الكبيرة ، من بسطة سيدة في الأربعينات من عمرها ، إذا لايمكنها أن تفعل ذلك وهي تفهم، أثناء ذلك و قفت السيدة تصرخ بأعلى صوتها تهش البقر، عاندت البقرة، ثم كأن شيئاً طار من عينيها ،يشبه الشرر ، بدأت البقرة تفهم، عندما بلعت ثمرة الباباي كلها، أسقطت بعض البدور خطأ لا أكثر ، وتجة إلى البسطات المجاورة ، ثمرة بابايا واحدة، لا تسد جوع، بقرة جائعة ومشردة ،لكنها تحاول أن تكون أكثر اللصوص لطفاً، في هذا الزقاق ،شعرت أنها تتعاطف مع تلك المرأة المسكينة، بدأ لها أن هذا، كل ماتملك، ولزم عليها أن تدافع عنه، تفهمت الأمر، وشعرت البقرة أنها تتعاطف، ثم قالت في سرها ربما أمتلك شيئاً، لست متأكده من وجودة يدعى الضمير.
كانت السيدة تضع حجاباً من قماش سميك، رغم أرتفع الحرارة في الزقاق ، على الحجاب بعض أثار التراب ، تلك التربة اللتي تأتي ملتصقة مع الخضروات القادمة من المزارع الطينية على ضفاف النهر، بدأت السيدة متعبة من عملها ومن البقر الذي لايدعها في شأنها ، رغم أنها سيدة في الأربعين ، إلا أن قسوة هذا الزقاق تجعلتها تبدوا في الستين ، ببشرة شاحبة، عيننان غارقتان في الاسى ، وسط الضجيج.
وقف رجل بزي الشرطة ، يحمل السلاح وقف قرب المراة التي تبيع، بدأ كأنه سيقول لها سراً، بعدها قال بهدوء، تعرفين القوانين في هذا الزقاق جيداً ، البيع هنا على الرصيف ممنوع، إلا لو أعطيتني ما اشتري به القات، سيصبح البيع على الرصيف أو أي شيئاً أخر تريدنه مشروعاً، أنا لا أكترث للقانون، بقدر ما أكثرث للقات، ماذا تقولين، دفعت له كالعادة ، بملامح باردة، هي معتادة على أكثر القوانين قسوة في هذا الزقاق، ككل سكان هذا الزقاق ، الظلم، أن تعمل حتى الموت ثم يأتي أخر لياخذه ، في نفس الزقاق، في الركن الأول هناك مقهى وتجمع للعاطلين و عاطلين يبدون كأنهم منشغلين، الشاي هنا من أجل الحكايات التي لاتنتهي، عن السياسة التي لايفهم فيها أحد، يرتاد هذا المقهى رجال من نوع الذي يتحدث في كل شيء إلا الذي يفهمه، من النوع الذي يظن الامور تسير هكذا، دون أي مشاكل ، يلعن الرجل قبيلة رجل، ثم يضحكون، عندما كنت أمر بقرب منهم، سمعت صوت رجل يقول أعطوا لي قبيلتنا حكم هذه البلاد سنه واحدة، أعني واحدة ، أقسم، سنجعل الأنهار تجري من تحتكم، سكان هذا الزقاق، يعيشون في وهم، بدلاً من مواجهة الحقيقة ، وهم على الخريطة مجرد زقاق، لكنهم يعتبرون أنفسهم الخريطة، كل الخريطة ، كلها .