في عالم التناقض الذي أعيشه شاهدت جلاّدين تجردوا من الرحمة، تتطاير من أعينهم حمم نارية، في أيديهم سياط مطرزة بالأشواك، يجلدون المشاعر حتى يردوها قتيلة!.
في ذاك العالم تراهم يتكلمون عن الحب بحروف الكراهية!، يزفونه إلى الجنازة الموعودة، تراهم ركعا على سجادات الفراق تبجيلا وتكريما، يمسحون دمع العاشقين بأنياب ملتهبة!.
أصبح الحب عندهم لعبة مسلية يمارسونها أحيانا ويتفرجون عليها تارة تماما كالمباريات! ، صارت الشهرة هدفا يسعى وراءها الشباب من خلال الحب!. في ذاك العالم الغريب تصادف عاشقا يزعم أن هوى ليلاه أدمت قلبه واشعلت شظايا قلبه ترانيما يعزف قلبه بمناها، ويتزوج من عروسة أقسم لها أنها أول حورية حظيت بمسكن قلبه وملكت تلابيب عشق قلبه الذي ما نبض إلا لها !.
في عالم التفاهة ذاك تبصر أميرة تجردت من مشاعر الأنوثة وخلعت ثوب العاطفة، نبذت الحب وراء ظهرها حيث تقود ألف تيار وتبحر سفينة حبها الزائف بقيادة ألف ربان مختلفو المذاهب والتخصص! .
عالم صار فيه الحب واحدا من مراسيم العادات والطقوس غير المرغوبة بها، يحبون بعضهم بطريقة السخرية ، جردو الحب من معانيه واذاقوه كأس العلقم ، ولا نصير له ولا عويل !.
تبا للحب الزائف الذي يمارسه الزائفون في عالم الزيف هذا!.
تسألك صديقة – كانت لقلبك مقربة ولأسرارك مقبرة بنبرة مخلصة – عن فارس أحلامك المحنك صاحب القلب الرؤوف والطبيعة الذهبية؟! ،وما إن يقع إسمه الرنان في أذنيها حتى تهب مسرعة- دون منتظرة حتى إنتهاء حروف الاسم- تخطط وتحيك المؤامرة ساهرة عابدة لله ومتهللة له أن يسهل لها كي توقع به ويحبها! سحقا للزيف وللأقنعة المزيفة.
يدمى قلبك حكاية ذاك الشاب الضال عن الطريق الذي قادته ساقاه البريئتان الى هذا العالم المتبرئ من البراءة! ، حكايته مع الفاتنة –التي اسميها الزائفة- تلك التي جاءت إليه مقنعة بكل طيبة الدنيا متقمصة أنوثة الكون ممثلة دور الشامخة ببراعة!.
القت التحية المسمومة فتسللت شرايينه بلحظات وبين عشية وضحاها أصبح متيما بتلك الشخصية الظاهرة أمام شاشة الزائفة تلك! فغنج ودلال وعزف على أوتار القلب وغزل محرما كان أم مباحا مكروها كان أم مستحب . ثم تلاشت البراءة في الضباب وتبخر الحب في الزيف ، وتحول تراتيل العشق الى مسامير مشتعلة! هكذا بكل بساطة إنتهت المسرحية وظهرت البطلة بإسمها الحقيقي “زائفة بنت الزيف”. وهاهو العاشق المغبون ينثر الجنون بكل بقاع الارض ويوصيها بالزيف مرتلا آيات الزيف من عشتارته التي لقنته ترياق البراءة!.
في منتصف الليل وأنت عاكف على قراءة صفحات حياتك الضائعة بين الاوراق والدفاتر تسمع أنينا من عود الناي يأتي من القبر الأشباح المرسلة من عند ملك الزيف يردد: كبلني بالصمت …
حتى ماتت الحروف حزناً
في قلمي المتعب…
قيدني ..
حتى ظننت بأن هذا القيد..
يسكن معصمي…
وقتلني…
حتى ظننتُ بأن قتل الاقلام.
حرفة محجوزة للقلوب..
فتركني…
بدون دفن ولا مراسم.
كأن طقوسه الظالمة.
حرمت دفن القلوب بعد حرقها.
فرفقا بي أيها الزيف ما عدت أحتمل.
يتردد الأنين الى المسامع ويزداد ألما وزيفا… حرمت المشاعر من التحرر وسجنت الشجون في المقابر …وحُكم الحب الحقيقي بالإعدام من قبل الزيف طبقا للطقوس المزيفة!.
لا حب ولا عشق في طريق الحق وللحق ، فالزيف يسود العالم وما زلت أُمني النفس أن الفتح قريب.
بقلب مازال فيه بصيص من الحق، أُعلن أن الحب يعاني من عدم إعطاء حقوقه المستحقة، وأنه ينادي بالتحرر من الاستعمار فعلى الهيئات أن تسرع بالنجدة!.