هاجتْ وماجتْ وسائل تواصل الاجتماعي الحرة؛ لأجل تصرف عمدة العاصمة تجاه فتية وقتيات تورطوا بسلوكيات مشينة، وجاهروا بالمعاصي في رابعة النهار؛ لترويجها وتكثير الملحقين بركابها، فما كان من العمدة إلا إظهار عدم رضائه بما يجري تحت إمرته؛ فأخذ “درته” فضرهم بها ضربة أب حنون، ومسؤول مشفق؛ ليُلتفت انتباههم إلى أن سلوكياتهم غير مرحّبة، وغير أخلاقية، إلا أن بعض وسائل الاجتماعية التي يملكها بعض الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في عرض البلد وطوله، وأن يعود إلى زمن العلمانية وعَورها: جعلوا بيضة قبة، وهولوا الأمر، وصوروه بالكارثية، ولبسوا الحق بالباطل، وساقوا نصوصا لوَّوا أعناقها وهي ليست لها بالموضوع بأي صلة.
فبدل أن يُشكر العمدةُ وتقدر جهوده لكبح انتشار الخنا والخمور والزنا في العاصمة بدل هذا: انهالت عليه رسائل عتاب، وتحذير وتهديد بعزله، وابعاده عن منصبه من قبل المتأثرين بالمستشرقين والغربيين؛ لأن شعاراتهم تكشف عن هويتهم وإن حاولوا إخفائها بطرق ماكرة.
وحين منعهم جبنهم عن إعلان ارتياحهم بالمعاصي، وانتشار الخنا والبارات، وسهرات الليالي في فنادق سيئة السمعة التي يملكها بعض هؤلاء، أو هم زبائن لها أرادوا بطرق أخرى ملتوية أن يروجوا بضاعتهم المسمومة، وأفكارهم المريضة!
ولكن ليطمئن هؤلاء بأن في بلدنا رجال وقادة شبوا عن الطوق ويعرفون مشاربكم، وهم لكم بالمرصاد، يخرجونكم من جحوركم، ويظهرون عوَركم، ويكشفون دسائسكم، ويعرفونكم بلحن القول. وهم حرّاس الفضيلة، وجنود الوطن، ونوّاب الشعب.
أما العمدة فقد أدى بعض واجبه، له تأديب المتهتكين بولايته، وتأديبه تأديب رحمة وشفقة، كما قال الشاعر:
فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازما
فليقْسُ أحيانا على من يرحم
وما أكثر الذين أدركوا عند النضوج بأن القسوة كانت رحمة، وأن الغلظة كانت في موقعها وهي تحمل في طياتها أرق المشاعر، وعين الحكمة وعين المصلحة.
وفي هذا السياق قلتُ هذه الأبيات:
وشكرا ثم شكرا يا عميد
لقد قمت بما حقا تثابُ
تهشّ بهم عصا موسى وتنهي
شباب الشارع اضْرب لا تعابُ
ووالدهم وسائلهم ظلوم
فأنت العدل فينا إذ تهابُ
وجُرذان الأباطيل لها في
أراضينا صياحٌ هم غرابُ
وهم عند الفواحش صامتون
وعند الحقّ والعدل غضابُ
وإرضاءٌ لخلق لا تنال
فلا تصغي فهم دوما حِرابُ