كتاب (المجموعة المباركة) ، تأليف الشيخ عبدالله معلم يوسف القطبي القادري، طبع بمطبعة المشهد الحسيني بالقاهرة، على نفقة الشيخ فقيه بن الشيخ محمد أبي بكر القادري، دون تاريخ نشر. والمجموعة من جزاين: فالجزء الأول من ١٥٩ صفحة، والجزء الثاني من ١٩٨ صفحة، ومجموع صفحات الجزئين ٣٥٧ صفحة.
كنت أسمع منذ أمد بعيد بين الفينة والأخرى أن هناك كتابا مطبوعا في مصر، بعنوان (نصر المؤمنين)، صنّفه الشيخ عبدالله القطبي، ولم تكن علاقتي بالكتاب تجاوز هذا القدر، حتى شاءت لي الأقدار قبل سنين أن أزور يوما مكتبة معهد الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، فشرعت أتصفح الكتب على الرفّ، فإذا أنا أمام كتاب يسمى ب (المجموعة المباركة) للشيخ عبدالله القطبي. قلّبت بعض صفحاته سريعا، ثم سألت مسؤول المكتبة إن كانوا يعيرون هذا الكتاب، فكان الجواب بالنفي، فأعدته إلى مكانه، وتركت المكتبة احدّث نفسي بعودة سريعة إليه، ولكني لم أعد.
وكنت أتساءل هل هذه (المجموعة المباركة) كتاب آخر للشيخ عبدالله القطبي غير (نصر المؤمنين) ! ومما زاد من حيرتي أنتي رأيت على غلاف الكتاب أن هذه المجموعة مكوّنة من خمسة كتب من بينها كتاب (نصر المومنين). مرّت الأيام، وطويت السنون حتى رأيت الكتاب مرة أخرى في بيت صديق لي، فطلبت إليه إعارتي الكتاب، فأجابني إلى ذلك مشكورا، وكان هذا قبل عام أو أكثر. بدأت قراءته بلهف شديد وبشغف بالغ، وما إن طالعت بعض صفحات قليلة منه حتى شعرت في نفسي كسلا ومللا لم أتبين مصدره، فتوقفت عن القراءة، وإن كنت لم أهتدِ إلى أسباب الملل، فقد يكون سببه رداءة طباعة الكتاب، وما يستتبعه من الأخطاء المطبعية الكثيرة، أو الشعور بقدر من التشوش في ترتيب الكتاب، وما يستلزمه من الصعوبة على المتابعة والاستيعاب،
وأيًا ما كان الأمر، فإني توقفت عن القراءة، ألوم نفسي تارة، وألوم الكتاب والمطبعة تارة أخرى. وقديما قال فرنسيس بيكون: بعض الكتب يكفي تذوقها، وبعضها يجب بلعها، وبعضها الأخر ينبغي مضغها ثم هضمها، ولكني وجدتني هنا في موقف لا يدخل تحت أي صنف من الاصناف الثلاثة التي ذكرها بيكون؛ فإنني لم أستطع التذوق ولا البلع ولا المضغ ولا الهضم، وإنما أنا في منزلة بين المنزلتين بل بالأحرى في منزلة بين لا منزلة. وضعت الكتاب جانبا، وانشغلت عنه بموجات الحياة المضطربة حولي، حتى سألني يوما صديقي المعير: هل انتهيت من قراءة الكتاب؟ فقلت له: بدأته، ولم أكمله، وسأكمله قريبا، فذكّرتي سؤاله الكتاب، وأثار في نفسي الأشجان، فأخرجت الكتاب من محبسه.
فكرت في أسباب التكاسل والتثاقل، فقدّرت أن في الكتاب مثبّطات، بعضها من عوادي الزمن، وبعضها من دور النشر، وبعضها من المؤلف، وبعضها -وهو الأهم- مني، فنحن في زمن اعتدنا فيه على التيسير والتسهيل، وقراءة الكتب ذات الطبعات الفخمة والتجليد الأنيق التي تسرّ العين، وإن لم تسرّ القلب والعقل، حتى صرنا ننفر من الكتب الصفراء ذات الطبعات القديمة، فآليت على نفسي أن أعود الى الكتاب، ولا أتوقف هذه المرة حتى النهاية، فكنت أقرا رسائل يقول المؤلف في بدايتها أو نهايتها أنها ملحقة بالكتاب، ولم أر كتابا بعد ! فلما بلغت الصفحة السابعة والأربعين، عثرت على الكتاب، مع بيان المؤلف منهجه في كتابه وخطة بحثه، فهنا بدأت الصورة تتضح، والأفكار تترابط، والتشويش يقلّ، وانتهيت -بحمد الله- من قراءة الكتاب، وقد تكونت لديّ عنه فكرة عامة، فأحببت أن أكتب شيئا من ذلك، عسى أن يضيء لي وللقراء جانبا من جوانب هذا السفر.
في غلاف الكتاب أن هذه (المجموعة المباركة) مكوّنة من كتب خمسة:
الأول: عقيدة أهل السنّة والجماعة.
والثاني: سراح الظلام في سلسلة السادة الكرام.
والثالث: السكين الذابحة على الكلاب النابحة.
والرابع: نصر المؤمنين على المردة الملحدين مع بقية أحكام الدين.
والخامس: أنيسة العاشقين في تذكرة المحبين.
والحق أن المجموعة -كما ألمحنا- مكوّنة من كتاب واحد وهو (نصر المؤمنين) والباقي رسائل ملحقة به، بل إن الرسالة الأولى (عقيدة أهل السنة والجماعة) ليست إلا مقدّمة له. وعلى هذا، فالرسائل الملحقة أربع، ويمكن ان نضيف اليها رسالة أخرى ملحقة بالكتاب، ولم يذكر في الغلاف، وتسمَى ب(منير الفؤاد في مناقب صاحب بغداد). وقد بيّن الشيخ خطته في الكتاب كما سنشير إليه لاحقا في الموطن المناسب من هذا العرض. ولكن لأسباب لا نعرفها لم يراع منهج المؤلف في الترتيب عند طباعة الكتاب، فصار الكتاب (نصر المؤمنين) رسالة من رسائل الكتاب، وقد جاءت قبله الرسائل الأولى والثانية والثالثة، وادّى ذلك كله بالتشويش على منهج المؤلف في ترتيب الكتاب.
وكان الأولى أن يتخذ الكتاب صدارته كما أرداه مؤلفه، ثم تتلوه لواحقه من الرسائل. ومما يؤكد هذا المعنى أن مجموع صفحات (المجموعة المباركة) ٣٥٧ صفحة، وتستغرق صفحات كتاب (نصر المؤمنين) وحده ٢٤٦ صفحة منها، وهو ما يساوي اكثر من ثلثي المجموع الكلي للكتاب. وددت لو أنه حذف اسم (المجموعة المباركة) من عنوان الكتاب، ووضع مكانه (نصر المؤمنين)؛ فهذا أكثر اتساقا مع منهج المؤلف، وأدنى إلى إزالة اللبس عن العنوان، وأقرب إلى رفع الحيف عن كتاب (نصر المؤمنين) .
وقد لفت نظري أن الباحثين الذين أشاروا في بحوثهم إلى (المجموعة المباركة) وبسبب هذا اللبس في غلاف الكتاب الذي شرحناه آنفا اختلفوا في أمرها، فمنهم من عدّها كتبا خمسة، ومنهم من عدّها رسائل خمسة، والصحيح أنها كتاب واحد، وخمس رسائل على ما قدمنا بيانه. وقد نسب الدكتور حسن مكي خطأً تأليف (المجموعة المباركة) إلى شيخ سمّاه فقيه بن شيخ محمد ابي بكر القادري، لا إلى مؤلفه الشيخ عبدالله القطبي، وربما يكون الذي أوقعه في هذالوهم أن هذا الشيخ المذكور هو الذي قام بطباعة الكتاب على نفقته الخاصة، واسمه مكتوب في قائمة المعلومات الأساسية عن الكتاب لهذه الغاية (١).
وفي حلقاتنا القادمة سنقف أولا على الكتاب الأم ( نصر المؤمنين على المردة الملحدين) وسنتعرّف على خباياه، ومن هم المؤمنون الذين ينصرهم المؤلف؟ ومن هم المردة الملحدون الذين يردّ عليهم؟ وما أهمية الكتاب وكنه رسالته؟ وما خلفياته وسياقاته والظروف المحيطة به؟ ثم نعرج على الرسائل الملحقة به، ونقف عندها وقفات سريعة، تسلط بعض الأضواء على فحواها. ولكننا قبل ذلك كله سنبدأ بالترجمة للمؤلف، لعلّها تنير لنا شيئا من الخلفيات الفكرية للمؤلف، وتعيننا على فهم كنه رسالة الكتاب.
ترجمة المؤلف:
مولده:
هو الشيخ العارف الفقيه الأديب عبدالله بن معلم يوسف القلنقوليّ مولدا، القطبيّ الشيخالي نسبا، القادريّ طريقة، الشافعي مذهبا، الأشعري عقيدة. ولد الشيخ عبدالله القطبي بقلنقول سنة (١٢٩٩ هـ – ١٨٨٢ م) في المنطقة الصومالية في اثيوبيا. وهو سليل أسرة علمية مشهورة في منطقة القرن الإفريقي بالعلم ونشر الدين. ذهب إلى الكتّاب صغيرا في مسقط رأسه لحفظ القرآن. ولما أتمّه جلس لدراسة العلوم الشرعية، فتتلمذ لشيوخ كبار في قلنقول، أبرزهم: الشيخ أبو بكر بن الشيخ يوسف، والشيخ عبدالسلام حاج جامع، وهما من تلاميذ الشيخ عبدالرحمن الزيلعي (١٨٨٢).
رحلاته العلمية الداخلية:
وبعد ما ارتوى من حياض العلم في مدينته، تاقت نفسه إلى التعمق في بحار العلوم، فضرب أكباد الإبل إلى مقديشو، ومعاقل العلم في جنوب الصومال؛ لتوسيع معارفه، فتتلمذ هناك لعلماء فطاحل، منهم الشيخ أويس بن محمد البراوي القادري (١٢٦٣هـ / ١٨٤٦م – ١٣٢٧هـ / ١٩١٩) والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الشاشي المشهور بالشيخ صوفي ( ١٢٤٥ هـ – ١٣٢٣ هـ ) والشيخ أحمد حاج مهد البنطبو وغيرهم، فنهل من معينهم الصافي، واغترف من بحرهم الزاخر، حتى اكتمل، واستغلظ، فاستوى على سوقه، فجلس للتدريس والتعليم.
ومن تلاميذه: الشيخ عبدالرحمن بن الشيخ عمر العلّي، والشيخ احمد شري علي شرماركي، أخ الرئيس عبدالرشيد علي شرماركي، والشيخ محمد معلم يري، والشيخ المعلم طاهر الحاج محمد اوغادين، والشيخ خليف عبد علي فارح، والشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي بكر الورسنكلي وغيرهم. وقد نظم المؤلف أسماء بعض شيوخه في هذه الأبيات، منبّها إلى ان النظم قد ضاق عن ذكر كثير منهم.
أويس القادري والشيخ صوفي …. وبحر العلم شيخه ابن نور
وحبشي علي بن محمد …. شموس الأرض سادات الذكور
أبي بكر وكم له من صفات …. لقد ضاق النظم عن الكثير (٢).
رحلاته العلمية الخارجية:
ويظهر أن الرحلات العلمية للشيخ إلى حواضر العلم في بلاده لم تنقع غلته للعلم، ولم تبلّ صداه إلى ينابيع الحكمة، فقصد اليمن والحجاز ومصر، فلقي علماءها، وجلس إليهم في حلقاتهم، وأخذ منهم الإجازات، ومن هولاء العلماء الذين لقيهم وأخذ منهم الإجازة الشيخ السيد أحمد بن السيد أبي بكر شطا، المدرّس والإمام بالمسجد الحرام؛ فقد أجازه كتب منها: كتاب (دلائل الخيرات وشوارق الأنوار) للشيخ أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، فكتب الشطا في إجازته “أقول أنا الفقير إلى الله تعالى، الراجي من ربه كشف الغطا، خادم العلم بالمسجد الحرام، إمام الشافعية بمقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أحمد بن أبي بكر شطا: إني قد أجزت أخي وصديقي الفاضل الكامل العالم العلّامة عبدالله بن معلم يوسف بقراءته دلائل الخيرات (٣)”.
وفاؤه لشيوخه وثناؤه عليهم:
وقد أورد الشيخ عبدالله في كتابه سلاسل بأسماء شيوخه في العلم وفي الطريقة، مثل سلسلة الشيخ شطا، وسلسلة الشيخ أويس القادري، وسلسلة الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني وسلسلة الشيخ السيد علوي بن عبدالرحمن (٤). ويذكر أنه أورد هذه السلاسل لإثبات نسب الأرواح بينه وبين شيوخه، بعد أن أثبت نسب الاشباح بينه وبين أجداده. وكان الشيخ عبدالله القطبي محبا لشيوخه، يثني عليهم، ويكثر من ذكر فضلهم بالمنثور والمنظوم، وخاصة شيخه عبدالرحمن بن عبدالله (شيخ صوفي) فإنه يكثر من ذكره في كتابه، وتشعر أنه يكنّ له ودّا خالصا، وتعلّقا به خاصا، فكلما جرى له ذكر في كتابه، يفيض قلبه حبا وثناء، ويسيل قلمه مودة وعرفانا، فيذكر سريان ذكره في الآفاق، حتى تعحب أهل مكة وغيرهم من فصحاء العرب لما وقفوا على دلائل نبوغه “شيخنا قطب السواحل، وشيخ الأفاضل، الشيخ عبدالرحمن بن شيخ عبدالله المشهور بالحاج صوفي رضي الله عنه، وهو الذي قال أنا حاكم العروض، ونظم بكل وزن من الأوزان الشعرية…. وتآليفه مشهورة في بلدنا، ورآها أهل مكة وغيرهم من فصحاء العرب فتعحبوا منها (٥)”.
وفي سنة ١٣٢٤ هجرية، زار الشيخ عبدالله القطبي شيخه أويس بن محمد شيخ الطريقة القادرية في الصومال، فيصفه ب “الشيخ الرئيس، مربي النفوس الى حضرة القدوس” وأنشده بهذه المناسبة قصيدة يثني فيها على شيخه، ويذكر فيها انتسابه الى هذه السلسلة:
بسلسلة البدر أويس انتسابيا … إلى الغوث عبدالقادر الجيلي يائه
طريقته أصل الطرق إلهنا …. أجلّ وأعلى عند ثباته
ولم لا وشيخ الكل حقا تسلسلت … أرتبها بالنظم رغم عداته
تلقنتها عن جوهر الفرد صوفنا … عبيد لرحمن روى عن ملاذه
أويس بن أحمد عن المصطفى سليل …. سليمان سادا عن علي وداده (٦).
وكذلك يعظّم شيخه بالواسطة الشيخ عبدالرحمن الزيلعي ويذكره بالفضل والعلم، ويصفه بسيبويه رمانه وابن حجر أوانه “شيخنا ومربينا الشيخ عبدالرحمن بن أحمد الزيلعي -قدس الله سره الذي هو رأس الطريقة العلية- سيبويه زمانه وابن حجر أوانه (٧).
وهكذا نرى السيخ عبدالله يعظم شيوخه، وينثّ ذكرهم، وينشر فضلهم، ويذكرهم بالخير، كلما سنحت له فرصة، أو عرض له ذكر أحد شيوخه في ثنايا الكتاب. وهذا وفاء لا تطيقه إلاّ النفوس العظيمة، ولا يعرف الفضل لأهله إلاّ أولو الفضل. وهذا الوفاء لم يكن محصورا في علاقته مع شيوخه فحسب، وإنما كان عنده جبلّة راسخة وطبيعة متأصلة في النفس، وتتلمس آثارها حتى في علاقته مع تلامذته، فيراسلهم ويراسلونه. ومنها رسالة بعث بها إليه تلميذه المعلّم إبراهيم بن الشيخ ابي بكرٍ الورسنكلي، وفيها هذان البيتان:
سلام من المولى على نجل يوسف … سلام على شيخي مربي وموئلي
وملجأنا في كل هول وشدّة … اذا كنت في ضيق فغوثي ونائلي.
ويعقّب الشيخ على البيتين بقوله : “اللهم اجعلني كما يظنون بي خيرا، واغفر لي ما لا يعلمون، جزاهم الله خيرا في الدارين بحرمة سيد الثقلين (٨).
وكان الشيخ عبدالله القطبي قطب من أقطاب الطريقة القادرية في الصومال، يجول البلاد طولا وعرضا لنشر الدين، وتأسيس زوايا دينية تابعة للقادرية. وقد أسس مسجد مقام الشيخ عبدالقادر الجيلاني في مقديشو بحيّ حمروين في عام ١٣٢٥، كما أسس زوايا أخرى في مدن شتى في جنوب الصومال وشمالها. وقد ذكر الأستاذ حمدي سالم في كتابه (الصومال قديما وحديثا) أن الشيخ عبدالله القطبي هو من أدخل الطريقة القادرية في بلاد مجيرتنيا (٩). وفي قراءتنا لكتابه وقفنا على ما يدلّ على ما كان يتمتع به الشيخ من المودة والتقدير بين سلاطين مجيرتينيا، خاصة عند الملك عثمان محمود، وان كانت بعض هذه العلاقات لا تخلو من تحالفات سياسية ضد الدراويش. ولما تفرعت الطريقة القادرية في الصومال إلى أويسية نسبة إلى الشيخ أويس، وزيلعية نسبة إلى الشيخ عبدالرحمن الزيلعي، انتظم الشيخ في الطريقة الزيلعية، ومقرّها في قلنقول مسقط رأسه، حتى انتهت إليه رئاستها خلفا لشيخه ابي بكر بن الشيخ يوسف (١٠).
لقد عاش الشيخ عبدالله القطبيّ في أجواء مضطربة، تواجه فيها طريقته القادرية تحدّيا خطيرا لنفوذها من الطريقة الصالحية التي بدأت تبسط نفوذها في شمال البلاد وجنوبه، وتطرح نفسها حركة صوفية إصلاحية، تتجاوز كثيرا ما تراه من الغلوّ القادري، حتى تطوّر هذا التنافس الفكري بين الطريقتين الصوفيتين إلى صراع عنيف لتكسير العظام وتكفير الأنام، وتصفية الخصوم. دار هذا الصراع في أشدّه بين القادرية وبين ما يسميه الأستاذ آدم الشيخ حسن حسين بالصالحية (الجهادية) في الشمال أي حركة الدراويش بقيادة السيّد محمّد عبدالله حسن (١١). وهنا ظهر الشيخ عبدالله القطبي أحد أبرز الأصوات القادرية – إن لم يكن أبرزها على الإطلاق-التي خاضت في أتون هذه الصراعات في جانبها الفكري، وندبت نفسها للذود عمّا تراه عدوان الصالحية ضد نفوذ طريقته القادرية، وانحرافها عن طريق الحق، فشمّر عن ساق الجد، ونزل إلى ساحة المعركة وشنّ عليها هجوما عنيفا شاملا كما سنرى عند العرض.
وفاته:
توفي الشيخ عبدالله القطبي في الثامن عشر من رجب سنة ١٣٧١ هجرية، الموافق في الثاني عشر من أبريل سنة ١٩٥٢ ميلادية (١٢) بعد حياة حافلة بالعلم ونشر الدعوة، وخلّف لنا وراءه إرثا علميا عظيما، أثرى المكتبة العربية بسجالاته الفكرية ورسائله النقدية في زمن علا فيه صليل السيف على صرير القلم.
عبدالواحد عبدالله شافعي
يتبع في الحلقة الثانية.
المراجع
١- حسن مكي محمد أحمد، السياسات الثقافية في الصومال الكبير (الخرطوم، دار المركز الإسلامي ١٩٩٠م) ط١، ص ٥١.
٢- القطبي، عبدالله معلم يوسف، المجموعة المباركة، مطبعة المشهد الحسيني، القاهرة، دون تاريخ نشر، ج ١، ص ٢٩.
٣- المصدر السابق، ج١، ص٢٥.
٤- المصدر السابق ج١، ص ٢٤-٣٥.
٥- المصدر السابق، ج٢، ص ١٧٠.
٦- المصدر السابق، ج١، ص ٢٩.
٧- المصدر السابق، ج١، ص ٧٤.
٨-المصدر السابق، ج٢، ١٦٩.
٩- حمدي السيد سالم: الصومال قديما وحديثا، الدار القومية للطباعة والنشر، مقديشو، ١٩٦٣، ج١، ص ٤١٣.
١٠- الشريف علي العيدروس النضيري: بغية الآمال في تاريخ الصومال، مقديشو، ١٩٥٤، ص ٢٢٣.
١١- آدم شيخ حسن حسين،، من وحي تاريخ الصالحية في الصومال، دار الفكر العربي، القاهرة، ٢٠٢٠، ط١، ص ٦٧-٦٨.
١٢- نقلنا تواريخ الميلاد والوفاة وأسماء التلاميذ من مقابلة عبر الواتساب مع الأستاذ نور بن الشيخ عثمان بن الشيخ عبدالله القطبي، حفيد الشيخ عبدالله القطبي.