كتاب “مجموع العقائد السبع” إنّه كتاب متميِّزٌ، وجَمَعَهُ الشَّيخ محمد بن الشَّيخ علي معلم الصوماليّ القادريّ في مؤلف واحد، تسهيلا للدراسة والاستيعاب.
ويتألف الكتاب من عدة كتب، تتناول بصورة عميقة ، المسائل العَقَدِيَّة، وخاصة، عقيدة أهل السنة والجماعة.
وعرض الشيخ محمد بن الشيخ علي، عناوين الكتب العَقَدِيَّة على غلاف كتابه الذي سمّاه “مجموع العقائد”.
وفيما يبدو، يعرض الشيخ محمد، هذه الكتب في أصول الدين والتي تتألف من منظوم ومنثور، مباشرة، دون تعليق، ليترُكَ طالبَ العلم أن يدرسَها حسب قدراته الاستيعابية إن كانت نظما أو نثرا.
وهاهي أسماء الكتب ومؤلفيها حسب التسلسل والترتيب :-
1- متن السنوسية ( أم البراهين) لأبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسيني ( ت 895 هـ).
2- جوهرة التوحيد لبرهان الدين بن هارون اللقاني (ت1041هـ)
3- متن بدء الأمالي لسراج الدين عليّ بن عثمان الأوشي الفرغاني، (ت 569 هـ)
4- متن الخريدة البهية في العقائد التوحيدية لأبي البركات أحمد بن محمد الدردير (ت 1202 هـ)
5- القعائد النسفية للإمام عمر بن محمد النسفي (ت 537 هـ)
6- متن الشيبانية في التوحيد للإمام أبي عبد الله محمد الشيباني (ت 777 هـ)
7- رسالة في علم التوحيد لإبراهيم البيجوري (ت 1277 هـ)
8- أسماء الرسل عليهم الصلاة والسلام للشيخ محمد الدمنهوري (ت 1288هـ)
9- منظومة عقيدة العوام للعلامة السيد الشريف أحمد بن محمد المرزوقي (ت 1281 هـ)
10- العقيدة الطحاوية لأبي جعفر الطحاوي (ت 321هـ).
وعند قراءتي لـ”مجموع العقائد”، تبيّن لي أن هذه الكتب في علم التوحيد، تعالج بإسهاب، المواضيع المختلفة لمسائل العقيدة الإسلامية، وتأخذ بأيادي طلاب العلم الشرعي إلى رحاب واسع من الفهم العميق لعلم أصول الدين.
والمعروف، أن علماء أهل السنة والجماعة بذلوا قصاري جهدهم في تصنيف هذه الكتب، حيث توجد في مكتبات العالم، مؤلفات تناسب المبتدئين، وأخرى للمتوسطين، والمنتهين معا، وجميعُها متفقة في الاعتقاد لفظا ومعنى ، وتختلف فقط عند طرق العرض وأسلوب تحليل الآراء والاستدلال عليها.
ومن أهم الموضوعات التي تعرضها هذه الكتب، الصفات الواجبة لله تعالي، والمستحيلات في حقه سبحانه وتعالى، والجائزة في فعله سبحانه وتعالي، وذلك حسبما ورد في السنوسية ( أم البراهين”.
ومن المسائل التي لفت نظري أثناء قراءتي للمجموع، جوهرة التوجيد التي تدرس بدقة فائقة مسألة التأويل والتفويض، حيث يقول مؤلفها برهان الدين :
وكلُّ نصّ أوهم التشبيها أوّله أوفوّض، ورُم تَنزيها
أما سراج الدّين علي بن عثمان الأوشي الفرغاني، فيتناول في بدء آماله، الله سبحانه وتعالى قائلا:
وما إن جوهرٌ ربّي وجسم ولا كلٌّ وبعضٌ ذو اشتمال
ويقول أيضا :
وربّ العرش فوق العرش لكن بلا وصف التّمكن واتّصال
وما التشبيه للرحمن وجها فصن عن ذاك أصناف الأهالي
ولا يمضي على الديّان وقت وأحوال وأزمان بحال
ومستغنٍ إلهي عن نساء وأولادٍ إناثٍ أو رجال
كذا عن كل ذي عون ونصر تفرّد ذُو الجلال وذو المعالي
على الرغم من أن بعض الناس يتجاهل مهمّة حكم العقل، وربّما له إلمام بحكم الشرع ، ولهذا يُفَصِّلُ أبو البركات أحمد بن محمد الدردير في خريدته البهية هذا الحكمَ، ويقول :
أقسامُ حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة
ثم الجواز ثالث الأقسام فافهم مُنِحتَ لذّةَ الأفهام
وواجبٌ شرعا على المُكَلَّف معرفةُ الله العَلِيّ فاعرِفِ
ثم يقول في تنزيه الله سبحانه عن الحلول والجهة :
فهو الجليلُ والجميلُ والولِيْ والطّاهرُ القدّوسُ والرّبُ العَلِي
منزّهٌ عن الحلول والجِهَهْ والاتِّصالِ الانفصالِ والصِّفَهْ
وفيما يتعلق بالرسل عليهم الصلاة والسلام، يتناول الإمامُ الدردير ما يجب علينا في حقهم عليهم السلام، وما يستحيل ضدهم، وما يجوز في حقهم، ويقول :
وصف جميع الرّسل بالأمانة والصّدق والتبليغ والفَطانة
ويستحيل ضِدُّها علـــــــيهم وجائز كالأكل في حقّهِمِ
إرسالُهم تفضلٌ ورحمهْ للعالمين جلّ مُولِي النِّعمَهْ
ويتفق علماء عقيدة أهل السنة والجماعة على أن الله سبحانه وتعالى ليس بعرض ولا جسم ولا جوهر …. وفي ذلك يقول الإمام عمر بن محمد النسفي : ” والمحدث للعالَم هو الله تعالى، الواحد، القديم، الحي، القادر، العليم، السميع، البصير، الشائي، المُريد، ليس بعَرِض، ولا جسمٍ، ولا جوهر، ولا مُصوَّر، ولا محدود، ولا معدود، ولا متبعَّض، ولا متجزء، ولا متركَّب، ولا متناهٍ، ولا يوصف بالماهية، ولا بالكيفيَّة، ولا يتمكَّن في مكان، ولا يجري عليه زمان، ولا يُشبهه شيءٌ، ولا يَخرجُ عن علمه وقدرته شيءٌ”.
وقضية ” الاستواء ” حاسمة عند الإمام عبد الله محمد الشيباني، حيث يقول في ذلك :
إلهٌ على عرشِ السَّماء قد استوى وبَايَن مخلوقاتِه وتوحّدا
فلا جهةٌ نحو الإله ولا له مكان تعالَىْ عنهما وتمجَّدا
إذ الكونُ مخلوق وربِّي خالِقٌ لقد كان قبل الكون ربَّا وسيِّدا
ولا حلَّ في شيء تعالَىْ ولم يَزَلْ مليَّا غنيَّا دائمَ العِزِّ سرْمَدَا
وليس كمثل الله شيءٌ ولا له شَبِيْه تعالى ربنا أن يُجَدَّدا
ولا عينَ في الدنيا تراه لقوله سِوَى المُصْطَفىْ إذ كان بالقُرب أُفْرِدا
وفي رسالته في علم التوحيد، يتحدث الإمام إبراهيم الباجوريّ، عن استجابته لنداء بعض إخوانه ومريديه، ويقول :” طَلب منّي بعضُ الإخوان، أصلح الله لي ولهم الحال والشَّأن، أن أكتب له رسالة لطيفة تشتمل على صفات المولى وأضدادها، وما يجوز في حقه تعالى، وما يجب في حق الرسل، وما يستحيل في حقهم وما يجوز؛ فأجبته إلى ذلك…”.
ويتناول الباجوريّ، ما يجب على كل مكلّف، أن يعرف ما يجب في حقه سبحانه وتعالي، وما يستحيل وما يجوز، قائلا :” ويجب في حقه تعالى: المخالفة للحوادث، ومعناه: أنه تعالى ليس مماثلاً، فليس له يدٌ، ولا عينٌ، ولا أذنٌ، ولا غيرُ ذلك من صفات الحوادث، وضدها المماثلة. والدليل على ذلك: أنه لو كان مماثلاً للحوادث لكان حادثاً مِثلَها وهو مُحالٌ”.
كما تناول ما يجب في حق الرسل عليهم السلام، ويقول :” ويجب في حقهم عليهم الصلاة والسلام: الأمانة، وضدها الخيانة. والدليل على ذلك: أنهم لو خانوا بفعل محرم أو مكروه لكنّا مأمورين بمثل ذلك، ولا يصح أن نُؤمر بمحرم أو مكروه
ويجب في حقهم عليهم الصلاة والسلام: تبليغ ما أمروا بتبليغه للخلق، وضده كتمان ذلك. والدليل على ذلك: أنهم لو كتموا شيئاً مما أمروا بتبليغه لكنا مأمورين بكتمان العلم، ولا يصح أن نؤمر به، لأن كاتم العلم ملعون”.
ويفردّ الشيخ محمد الدِّمنهوري في منظومة ” أسماء الرسل عليهم الصلاة والسلام “، جميع الرّسل ابتداءا من أبينا آدم عليه السلام، إلى خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول في مستهل منظومته :
أَلاَ إِنَّ إِيمَانًا بِرُسْلٍ تَحَتَّما وَهُمْ آدَمٌ إِدْرِيسُ نُوحٌ عَلَى الْوِلاَ
ويسرد كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام بالترتيب والتسلسل.
وحول متن عقيدة العوم، يتحدث صاحبها السيد أحمد المرزوقي، عن الإلهيات والنبويات، والسمعيات، ويسهب في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن أبيات عقيدة العوام :-
أبــدأ بسم الله والـرحـمنِ * وبـالـرحـيـم دائـم الإحـسان
فالـحـمـد لله الـقديم الأول * والأخـر الـبـاقـي بلا تـحـول
ثـم الـصلاة والسلام سرمدا * عـلـى الـنبي خير من قد وحَّدا
وآله وصـحبه ومـــن تبع * سـبـيـلَ دين الحق غير مبتدع
ويقول مؤلف العقيدة الطحاوية، أبو جعفر الطحاوي : –
” إن الله واحدٌ لا شريكَ له، ولا شيءَ مثلُه ، ولا شيءَ يُعجزه، ولا إله غيرُه، قديمٌ بلا ابتداء، دائمٌ بلا انتهاء، لا يَفنىْ ولا يَبيد، ولا يكون إلا ما يُريد، لا تبلغه الأوهام، ولا تُدركه الأفهام، ولا يُشبه الأنامَ، حي لا يموت، قيُّوم لا يَنام…. ليس بعد خَلْقِ الخَلْق استفادَ اسمَ ” الخالق” ، ولا بإحداث البَرِيَّة ، استفاد اسمَ ” الباري …”.
وأخيرا وليس آخِرا، إن كتاب ” مجموع العقائد السبع ” مفيد جدا في باب العقيدة، بالنسبة للمبتدئين، والمتوسطين، والمنتهين جميعا، وذلك لأنَّ هذه المتون لها شروح، وحواشٍ جمة تشرح بعمق، مباحثَ ومسائلَ علِم أصول الدين.