السِّياسيُّون جزء من المجتمع الصومالي،وبأيديهم القرار، والتَّغيير المنشود إن صلحوا وتصالحوا، كثيرا مايبتعد عنهم المصلحون، ويتقرَّب إليهم كل نفعيٍّ مصلحيٍّ عنده همّ التَّعيين والإمّعة والتَّصفيق، وتلك مصيبة دول العالم الثَّالث، لقد قالوا قديما:” إذا رأيتُ العلماء على أبواب الملوك، فقل بئس الملوك وبئس العلماء، وإذا رأيتُ الملوك على أبواب العلماء فقل نعم الملوك ونعم العلماء”،بعد زيارة خيري لتركيا ولقاءاته مع أطياف المجتمع الصومالي في إسطنبول، اتصل بي أخ عزيز وشيخ فاضل من خارج تركيا وقال: إن السَّيِّد خيري يرغب بزيارة فضيلة الشَّيخ المقرئ عبد الرَّشيد الشَّيخ عليّ صوفي، فرتّب الجلسة والاجتماع يا شيخ حنبلي، وبعد دقائق استقبلتُ مكالمة من السَّيِّد حسن علي خيري، فرحبتُه ووافقتُ طلبه فنعم السَّاسة، ساسة على أبواب أهل القرآن، ونسقتُ الجلسة، واجتمع خيري مع الشَّيخ عبدالرَّشيد – حفظه الله – بجلسة عامرة بالذِّكر والنَّصائح والدُّعاء والابتهال للأمة الصوماليَّة والإسلاميَّة، فالقرآن جزء لا يتجزَّء من ثقافة أهل الصومال رؤساء وشعوبا،ومن تمسك به عزّ ومن ابتعد عن هداه هان،
بعدها قال لي السَّيِّد خيري يا شيخ حنبلي: “سنتلاقى بجلسة أخرى مع علماء اسطنبول وأستضيفكم في مقرّ اقامتي إن شاء الله”
خبرتي مع السَّاسة الصوماليين
قبل عقدين زار مدينتي أودنسية الدَّنماكيَّة،وفد رفيع المستوى من حكومة عبد القاسم، أتذكّر منهم السَّيِّد عبدي حاشي عبد الله رئيس مجلس الشُيوخ الحالي والسَّيِّدة عائشة، رافقتُهم كمترجم ودليل في الدَّنماك الَّتي عشتُ فيها زمنا، وهي في رأس القائمة الدّول من الشَّفافيَّة، وحسن الإدارة، بينما تحتل الصومال – للأسف – الرَّقم الأوَّل في الفساد والدَّولة الفاشلة، ومن الغرائب أني تجنستُ بأحسن دولة في العالم في الإدارة، وأنتمي إلى أفشل دولة،
السياسي الصومالي كما هو المشهور اليوم يجتهد بنيل الكرسي بكل حيلة، فإذا نال المنصب تصرف موارد الدَّولة كأنَّه يتصرف بماله وثروته،وتلك سمة الفشل وخيانة الأمانة وضياع الرَّعية وهلاك الشعوب بالفقر والجهل ووضع الدَّولة في رأس قائمة الفساد .
كنتُ أستاذا في مدرسة هو سي أندرسن (H. C. Andersen)، في بلديّة أودينسة الدّنماكيَّة، ففي بعض الأيام رافقتُ الوفد الصومالي لزيارة بعض المؤسسات البلديَّة،فقررتُ أن ألقي درسًا في حسن الإدارة للوفد الصومالي،فسألتُ سكتيرية المكتب،و كان عندها أقلام كثيرة متنوعة بإعطائي قلما، فقالت :” أقلام المكتب ملك للبلديَّة ولا يمكن لي التَّصرف به شخصيا “، حينها قلتُ للسَّاسة والوفد الصومالي ” تلك سرّ تقدّم الأمم إنَّها أمانة المنصب”.
الخبير المحنّك والخطيب البارع حسن علي خيري
اعتذر بعض العلماء لأمور صحية وبعضهم سافر قبل اللقاء، فذهبتُ أنا والدِّكتور مختار الشَّيخ عثمان، مساء الخميس 19-11-2020، فقابلنا رئيس الوزراء السابق خيري في الجناح الذي يسكنه من فندق غراند، فرحبنا ترحيب إكرام واحترام، وتناولنا أطراف الحديث، وولجنا في باب السِّياسة والرَّعيَّة ، وكيفية إنقاذ الشَّعب الصومالي من المتاهة، فشكرناه على إدارته للحكومة ثلاثة سنوات ونصف، وما قام من إنجاز، فالمرء بين إنجاز وقصور، وقلَّما سلّم مقدام من قصور وخلل،وشكرناه أيضا كيف أدار قضيَّة سحب الثقة عن حكومته بخطبته الشهيرة، “Aniga oo og “، صلَّينا المغرب معا، وطال بنا الحديث واستغرق اللِّقاء حوالي ساعتين أخّر مواعده الأخرى،
وقدَّمنا له مجموعة من النَّصائح خلاصتها ما يلي:
– أنَّ المُلك بيد الملك عزّ وجلّ، لامانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
– أنَّ المسؤوليَّة أمانة وتُسئل عنها يوم التناد.
– أنَّ سياسة العالم مبنية بإرادة الشَّعب ورغبتها ، والإنسان الصومالي مسلم ثم صومالي، فماخالف دينه من قوانين ملغاة، ولا يستطيع الحاكم تطبيقه فشيوعية حكومة الثَّورة ذهبت إلى مزبلة التاريخ، والعلماء قادة المجتمع مهما تشعبت آراءهم ونكثت قوى الإسلاميين، ولكنَّهم قاموا بواجبهم نحو إصلاح المجتمع الصومالي إبان الحروب الأهلية وانهيار الدَّولة.
بعد ذالك تحدَّث لنا السَّيِّد خيري وقصَّ لنا القصص، وشرح لنا تحليله وتشخيصه لمعضلة الصومال،وكيفية إصلاح البلاد ليسود العدل والقانون في المجتمع، وخططه في بناء الوطن الَّذي يتَّسع للجميع ويحبّه الجميع، وأنّ الصومال سترجع عافيتها قريبا بجدارة.
ختاما :
السَّيِّد حسن خيري زعيم شاب، وحكيم صقلت التّجارب مواهبه السِّياسيِّة، وعمل في كلّ الظروف، فحنّكته الأيام حتَّى أصبح ابن بجدتها.
الأيام حبلى بالمفاجآت، وكل آت لناظره قريب، فمرحبا بالرَّئيس القادم
وهنيئا للابن الصومال البار،ّ و جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب .
عبدالله شيخ حنبلي
اسطنبول – تركيا