تمهيد:
في إطار سعي علماء الصومال إلى مواصلة عقد المؤتمرات العلمية في الأقاليم الصومالية بغية نشر المفاهيم الصحيحة عن الإسلام فقد قرر العلماء عقد المؤتمر في مدينة كيسمايو المدينة الثالثة على مستوى جمهورية الصومال الفيدرالية، وقد عقد في المؤتمرات العلمية الدعوية السابقة في كل من مدينة مقديشو العاصمة، وغروي، وبوصاصو، وهرجيسا، وبرعو.
ويأتي المؤتمر العلمي الدعوي وسط ترحيب رسمي وشعبي في مدينة كيسمايو فضلا عن وجود تغييرات إيجابية في الأوضاع العامة في مدينة كيسمايو التي تخضع لسيطرة إدارة جوبالاند منذ 15/10/2012م.
ولم يكن سكان المدينة يحلمون سابقا باستضافة مدينتهم مثل هذا المؤتمر العلمي الذي يشارك فيه أبرز علماء الصومال.
أهمية المؤتمر:
وتبرز أهمية المؤتمر العلمي في عنوانه، حيث شهدت المدينة اضطرابات أمنية ذات طابع قبلي منذ انهيار الدولة الصومالية عام 1991م، وبالتالي فإن نشر ثقافة المؤاخاة والمحبة بين سكان المدينة تساهم بلا شك إزالة الجدار المعنوي العازل بين أهل كيسمايو.
وتجدر بالإشارة إلى أن مناطق جوبالاند تزخر فيها مختلف أنواع الثروات الطبيعية والبحرية والحيوانية، ولهاا أنشأت الحكومة العسكرية قبل 1991م مشاريع اقتصادية واستراتيجية تنموية، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم فيها سيحقق الكثير للصومال.
هذا المؤتمر العلمي هو مؤتمر دعوي حيث لا علاقة له بالقضايا السياسية والتجاذابات الصومالية وفق صرح به رئيس هيئة علماء الصومال الشيخ بشير أحمد صلاد لإذاعة صوت أمريكا – القسم الصومال.
مشاهد المؤتمر:
في يوم السبت الموافق 13/1/2018 وصل إلى مدينة كيسمايو وفد يضم علماء ودعاة صوماليين في مقدمتهم فضيلة الشيخ بشير أحمد صلاد رئيس هيئة علماء الصومال، ومعه كل من الشيخ عبد الناصر حاج أحمد، والشيخ د. عبد الولي شيخ محمد حاج يوسف، والشيخ محمد آدم عبد الله .
والتحق بالوفد وفد آخر يضم علماء في مقدمتهم فضيلة الشيخ د. هارون شيخ حسين، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن شيخ عبد الله بارك الله، والشيخ أحمد عبد الصمد، والشيخ محمد إبراهيم، والشيخ حسن محمد إبراهيم، والأستاذ مرسل حاشي شروع،وفي يوم الثلاثاء وصل من نيروبي وفد يضم فضيلة الشيخ محمد عبدي أمل أحد كبار العلماء في شرق إفريقيا.
وكان في المدينة قبل وصول الوفود إليها الشيخ محمد عبد العزيز دعالي الذي قدم من أوغنده، والشيخ محمدمعلم أحمد من بوصاصو لإعداد المؤتمر بالتنسيق مع دعاة وعلماء المدينة.
وفي مساء الأحد افتتح في الجامع القديم في كيسمايو المؤتمر العلمي الديني الأول تحت شعار {إنما المؤمنون إخوة}، بمشاركة نائب رئيس ولاية جوبالاند ووزير العدل والشؤون الدينية وشيوخ العشائر وقيادات أكاديمية تربوية ورجال الأعمال، وكان المؤتمر عبارة عن ندوة علمية تخللت فيها إجابات لأسئلة من الجماهير، وكانت كيسمايو تشهد الأنشطة الدعوية الأخرى إلى جانب ذلك المؤتمر العلمي.
واستقبل رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي مساء يوم الأحد الذي افتتح فيه المؤتمر في مقره وفد العلماء على مأدبة عشاء وترحيب وتقدير، وعقد العلماء اجتماع مشورة ونصيحة مع الرئيس مدوبي، واستمع الوفد من رئاسة ولاية جوبالاند آخر التطورات في الإقليم والبلاد بشكل عام، وحث العلماء على الرئيس مدوبي ضرورة مراعاة الوحدة والعدالة والمؤاخاة بين المجتمع، والجهود المبذولة في تحقيق الاستقرار وتكوين السلام في جوبالاند.
أهم الأنشطة:
ومن أهم تلك الأنشطة الفرعية برنامج المؤاخاة ونبذ العصبية والقبلية التي كان يتولّاها الشيخ أحمد عبد الصمدحيث عقد ما يقارب عشر لقاءات مع مختلف شرائح المجتمع، ونتج عن تلك اللقاءات هيئة مستقلة للمؤاخاة ونبذ العصبية في مناطق جوبالاند، وشارك في حفلة تأسيس الهيئة نائب رئيس جوبالاند محمود سياد.
أهمّ محتويات المؤتمر العلمي:
تم إلقاء 15 محاضرة حول عنوان المؤتمر الرئيس (إنما المؤمنون إخوة)، وكان كل ليلة يلقى ثلاثة من المشائخ محاضرة واحدة، وبعدها أجاب العلماء عن 100 سؤال أثناء استمرار الندوة تم انتخاب تلك الأسئلة عن ألف سؤال حول القضايا المختلفة.
خصص محاضرتان للنساء ألقاهما كل من فضيلة الشيخ محمد عبدي أمل، والشيخ مختار، مع أن النساء كن يحضرن المؤتمر العلمي باستمرار، وشملت الدروس العلمية لقاءات ودروس خاصة للدعاة والعلماء في كيسمايو.
وبجانب فعاليات المؤتمر زار أعضاء من الوفد 10 مدارس ثانوية في كيسمايو حيث ألقى العلماء في طوابير الصباح كلمات ومحاضرات للطلاب.
وزار العلماء ستة من المعاهد الشرعية، وشاركوا في حفلات التخرج لبعض تلك المعاهد، وكان من أبرز تلك الحفلات حلفة التخرج لمعهد الشيخ محمود معلم نور التي أقيمت في مدرسة غُولْوَدي في 20/1/2018، وكان الشيخ أحمد عبد الصمد رئيس رابطة المعاهد الشرعية في الصومال يوزع الشهادات للمتخرجين.
كما ساهم العلماء في محاضرات مباشرة عبر إذاعة الحكمة، وتسجيل 8 دروس بالفيديو، وكان بعضها على الهواء مباشر بثها التلفزيون المحلي في كيسمايو.
وخطب العلماء في خطبة الجمعة الموافق 19/1/2018، عشر خطب في 10 مسجد بالمدينة، وست خطب في الجمعة التالية 26/1/2018م، وكانت معظمها تتعلق بالمؤاخاة ونبذ القبلية.
وكذلك كان العلماء يعقدون لقاءات موسعة مع مدراء وطلاب المعاهد الشرعية، ورجال الأعمال والقائمين على محجر الماشية، ومع جمعية التوفيق الخيرية، ومع شيوخ العشائر في كيسمايو حيث تناول العلماء معهم ضرورة توحيد المجتمع الصومالي والمؤاخاة بينهم ونبذ القبلية .
كما زار العلماء مدينة غوبوين التاريخية السياحية يصب نهر جوبا من خلالها بالمحيط الهندي
وقد بقي بعض وفد العلماء في المدينة ما يقارب 20 يوما، وبعضهم 10 أيام، حيث انتهت تلك الفعاليات الأنشطة الدعوية بكل نجاح، وجزى الله خيرا لهؤلاء العلماء الذين قاموا بهذه الأنشطة الحيوية.