“في الغرب شخصيات فكرية صنعت التاريخ فيما بعد!، وفي العالم الإسلامي ظواهر فكرية تتمثل بشخصيات كبيرة تستدعي التوقف عندها ، وتحديدا في القرن الإفريقي ايضا له ظواهر تحتاج الي دراسة عميقة وافية منها الشيخ المبجل والعالم المفكر عبدالرحمن سليمان بشير”.
رحلتي مع الشيخ
عشت مع افكار الشيخ زمنا ليس بالقصير فوجدته جبلا ضخما وبحرا زاخرا بل وينبوعا من ينابيع العلم والمعرفة ، يتجدد بإستمرار في حالة إستقرار، رأيت الرجل في افكاره الإبداع وفي كتاباته العمق والأصالة ، تارة يغرف من فقه المقاصد وتارة يغرف من فقه الواقع والتوقع والمآلات ، ويختار الصعاب في موضوعات البحث ، ليس درويشيا يحترف بالوعظ والإرشاد ولم يكن كغيره من الفلاسفة الذين يعيشون في الأبراج العالية بعيدين عن هموم الناس ولكن يؤمن بأن العلم يتطور من خلال العمل والمدافعة انبهرت الجبال امام شخصيته فهو عميق القراءة عالميا ومحليا يبحث اصول الأفكار من خلال القراءة الشمولية،الرجل لا يعرف الكلل والملل قلمه سيال وعقله متوقد فهو كشمعة يستنير بها الناس ليل نهار صباح مساء ، لم يكذبوا حين قالوا عنه ”’ المرحلة تحتاج الي أمثاله لأن له فقه ابن تيمية وذكاء ابن القيم وملاحظات الشاطبي ورؤية العز بن عبدالسلام ونقاء البنا وثورية قطب وحنكة الترابي وموسوعية علي عزت وتحليل عبدالوهاب المسيري واستنباط القرضاوي ومقاصدية الريسوني ”’ولكن بنكهته العلمية والسياسية لأنه لا يقبل البقاء في التلمذة الأبدية التي لا تجدد العطاء، قرأت جل اطروحاته فرأيت الرجل عظيما في أمرين :
١- الموسوعية في القراءة : فهوا قارئ من الطراز الأول شغوف بالعلم والمعرفة يذكر الناس بظاهرة الغزالي الفيلسوف العالم وابن تيمية المفكر الثائر وهو كذالك يشبه الي حد كبير روجيه الجارودي الذي كان يقرأ في اليوم الواحد اكثر من عشرة كتاب ، فالرجل يعيش في صومعة الكتاب قارئا ودارسا.
٢- المنهجية في الكتابة : له مذاقه الخاص في عالم الكتابة جمع بين رونق الألفاظ وجمالها وبين دقة الوصف والمعني، كتابة تمتاز بالإنصاف والنظرة العادلة وأيضا التوازن في نقل الأفكار ، لا يعرف تضخيم الأشياء البسيطة ولا تصغير وتهضيم الأشياء الكبيرة ، كتابة فيها خير وفير وعلم غزير .
لقد عاش الشيخ عبد الرحمن جل حياته للفكر والدعوة ولم يتشتت فكريا ولم ينس هدفه الأساسي بل كفارس مغوار ظل يحارب من كل الجبهات بكل شجاعة ولكنه ينطلق من فكر واحد (الإسلام عقيدة وشريعة ، دين ودنيا ) فلا يمكن علمنة الإسلام ولا دروشة الإسلام بإسم رجال الدين.
محطات مشرقة من حياة الشيخ :
المحطة الأولي: مرحلة ما قبل السجن
١-بداية نشأته و رحلته العلمية : كان الشيخ حفظه الله من مواليد عام 1964م في مدينة جمهور في جيبوتي، درس الإبتدائية والثانوية في جيبوتي ، ثم يمم شطره نحو السعودية في مطلع الثمانينات والتحق بجامعة الإمام سعود وبعد عامين ترك الشيخ السعودية وارتحل الي بلد الإيمان والحكمة صنعاء مخرجة الفقهاء والتحق بجامعتي ”صنعاء” و ” العلوم والتكنولوجيا ” قسم الشريعة والقانون ، وبعد اكمال البكالوريس ذهب الي السودان لينهل من معينها العذب ويواصل مشواره التعليمي فالتحق بجامعة ام درمان الإسلامية قسم الدراسات العليا تخصص الشريعة والقانون.
٢- عمله في الدعوة : كان للشيخ باع ليس بالقليل في مجال الدعوة فقد عمل فيها اكثر من خمسة وعشرين عاما ومارس الدعوة في الإعلام الجيبوتي اكثر من عشرين عاما وكان خطيب مسجد حمودي في جيبوتي اكثر من عشرين عاما ولا زال الشيخ في المعمعة والمعترك مجاهدا ومحتسبا.
٣- مناصبه : عمل الشيخ في مجال القضاء الشرعي حتي اصبح قاضيا في المحكمة العليا.
٤- نشاطاته ومؤلفاته : شارك الشيخ في مؤتمرات كثيرة في العالم العربي والغربي وألقي العديد من المحاضرات حول الدعوة والفكر والسياسة والأسرة في اكثر من عقدين ، وايضا مارس العمل السياسي فكرا ومشاركة ، وللشيخ مؤلفين في غاية الأهمية الأول ”الرؤية الإسلامية في مواجهة مرض الإيدز ” والثاني ”العمل” وللشيخ اكثر من مئة مقال مبثوثة في مواقع مختلفة وفي صفحته الشخصية في الفيسيوك ، له حلقات في برنامج ‘الشريعة والحياة ‘ لقناة الجزيرة فحسب اطلاعي اظن انه الأول والأخير الصومالي الذي ظهر في هذا البرنامج .
المحطة الثانية : مرحلة مابعد السجن وايضا سنينه في السجن
لقد كان السجن فى جيبوتى بالنسبة للشيخ محطة هامة من محطات حياته ، بل يرى أنه كان اهم محطة فى حياته ، ويقول الشيخ متحدثا عن تلك المحطة ”لست ذلك الشخص الذى عاش بين الناس ما قبل السجن ، فقد ولدت من جديد ، والحمد لله” .
استفاد الشيخ من خلال سجنه فقرا وحفظ في السجن كتاب الله عزو جل وايضا قرا مذكرات نيلسون منديلا وهنري كلينتون وقرا ايضا كتب القرضاوي ومالك بن نبي والمسيري والغزالي بل وغاض في عمق التراث الإسلامي والغربي بشكل غير مسبوق فتحولت حياته وكأنه لم يكن عبدالرحمن قبل السجن ذاك الخطيب الجلي والسياسي المحنك .
لاذ الشيخ بعد ذالك الي كندا حيث الأمن والأمان والرخاء ولا يزال تلشيخ مقيما في هذا البلد يكب علي القلم والقراءة فهو حقيقة موسوعة علمية تمشي علي الأرض نفع الله به الكثير من الأمة فجزاه الله عنا وعن الإسلام خيرا.