المحور الثامن
أسباب عدم إفادة الخبر الواحد للعِلْم القطعي
السبب الأول: الرواية بالمعنى الذي يُعبّر عن مستوى فهم الرَّواي الناقل وإدراكه لا على النصّ المحفوظ:
اعلم أن الأصل في النصّ في الوَحْي الإلهي أن يكون محفوظا بلفظه من غير تغيير، ولكن إذا أصبح مرويّا بالمعنى فلن يكون مصُونا من الخطأ والتحريف والوَهْم بل والتزوير بقصد أو بغير قصد، ولهذا يقول الإمام أبو إسحاق الشيرازي: “الاختيار في الرواية هو أن يُروي الخَبر بلفظه لقوله صلى الله عليه وسلم: “نضَّر الله امرًأ سمع مقالتي فوعَاها ثم أدَّاها كما سَمِع، فرُبَّ حامِل فقهٍ إلى مَن أَفقه منه”، فإن أَورَد الرواية بالمعنى نُظِرَتْ فإن كان ممن لا يَعرف معنى الحديث لم يَجُزْ لأنَّه لا يُؤمَن أن يغَيِّر معنى الحديث، وإن كان ممن يَعرف معنى الحديث نُظِرت فإن كان ذلك في خبر محتمل لم يَجُز أن رُوِي بالمعنى لأنه ربما نَقل بلَفْظٍ لا يُؤدّي مُراد الرسول صلى الله عليه وسلم”(1).
أقول: اختلف الصحابة في الرواية بالمعنى فاحترز من ذلك جماعةٌ من السابقين الأوَّلين إلى الإسلام وجمهور الصحابة الكبار، وتجوَّز فيها صغار الصحابة ومتأخِّرُوهم، وقد سبق النَّقلُ عن السائب بن يزيد وكان من صغار الصحابة أنْ قال: صحِبتُ طلحة بن عبيد الله، وسعدَ ابن أبي وقاص، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فما سمعتُ أحدًا منهم يحدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء كانوا السابقين إلى الإسلام.
وسبق عن عمر بن الخطاب أنه إذا قيل له: حدِّثْنَا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقول: أخاف أن أَزيد حرفًا أو أَنقص، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن كذَب عليَّ فهو في النار” (راجع المحور الثالث).
قال ابن قتيبة في كتابه “مختلف الحديث”: “كان كثير من جِلَّة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله كأبي بكر والزُّبير وأبي عبيدة، والعباس بن عبد المطلب يُقلُّون الرواية عنه بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو أحد العشرة المشهور لهم بالجنة… أفما تَرى تشديدَ القوم في الحديث وتوقّي مَن أمسك كراهيَّة التَّحريف أو الزيادة في الرواية أو النقصان، لأنهم سمعوه عليه الصلاة والسلام يقول: “مَن كذَب عليَّ فليتبوأ مقعده مِن النار”، وهكذا رُوي عن الزبير أنه رواه وقال: أَراهم يزيدون فيه: “مُتعمِّدًا” والله ما سمعتُه قال “متعمّدا”.
وروى مطرف بن عبد الله أن عمران بن حصين قال: واللهِ إن كنتُ لأَرى أنّي لو شئتُ لَحدَّثتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يَومَين مُتتابعين، ولكن بَطَّأني عن ذلك أن رِجالًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سَمِعوا كما سمعتُ، وشَهدُوا كما شهدتُّ، ويحدِّثون أحاديثَ ما هي كما يقولون، وأخافُ أن يُشبَه لي كما شُبّه لهم، فأعلمك أنهم كانوا يغلطون”.
أقول: وفي رواية أحمد في مسنده قال عمران: شهدتُّ كما شهدوا، وسمعتُ كما سمعوا، يحدِّثون بأحاديث ما هي كما يقولون، ولقد علمتُ أنهم لا يَألُون عن الخير، فأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم.
والرّواية بالمعنى روي عن بعض صغار الصحابة مثل واثلة بن الأسقع الليثي الذي سكن الشام، أَسلم عام تِسْعٍ من الهجرة، وروى الترمذيُّ في “العلل” والرامهرمزيُّ في “المحدث الفاصل” عنه أنه قال: إذا حُدِّثتُم بالحديث على المعنى فحسْبُكُم.
وروى الحاكم في “المستدرك” عن مكحول قال: دخلتُ أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا: يا أبا الأسقع حدِّثنا بحديثٍ سمعتَهُ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه وَهْمٌ ولا زِيادة ولا نقصان!، قال: هل قرأ أحدٌ منكم مِن القرآن الليلة شيئا؟!، فقلنا: نعم وما نحن بالحافظين له، حتى أنَّا لَنَزيدُ الواو والألِف، فقال: هذا القرآن مُذ كذا بين أَظهركم لا تألون حِفْظَهُ وإنكم تزعمون أنكم تَزيدون وتنقُصون، فكيف بأحاديثَ سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى ألا يكون سمعناها منه إلا مرَّة واحدة، حَسْبُكم إذا حَدَّثتكم بالحديث على المعنى.
أقول: وقد تجوَّزَ كثير من التابعين وتابعيهم ومُعظم أهل الحديث الرواية بالمعنى، فروى الترمذي في “العلل” عن زيد بن حباب، عن رجل، قال: خرج إلينا سفيان الثوري، فقال: إن قلتُ لكم: إني أُحدِّثُكم كما سمعتُ، فلا تصدِّقوني، إنما هو المعنى.
ورواه الخطيب في “الكفاية” من طريق الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا زيد بن الحباب قال سمعتُ سفيان الثوري إلخ، ورواه أيضا من طريق الفريابي قال: سمعتُ سفيان يقول: لو أردنا أن نُحدِّثَكم بالحديث كما سمعناه مَا حدَّثنَاكم بحَديثٍ واحِد.
ولكن شعبة بن الحجاج كان يخالفهم وكان من أهمِّ عباقرة مَن بدأ بالتفتيش عن الظاهرة الروائية وأحوال الرجال في بداية القرن الثاني الهجري، وكان يتشدد بالرواية بالمعنى، وسيأتي في نهاية هذا المحور أنه استنتج بنتائج سلبية جدا تجاه الظاهرة الروائية.
وروى الخطيب أيضا عن ابن بكير قال: ربّما سمعتُ مالكا (هو الإمام ابن أنس صاحب المذهب) يُحدِّثُنا بالحديث، فيكون لَفظُه مختلفًا بالغَداة وبالعَشِيّ!.
وبالتالي فإن الحديث الشريف انتشر في الآفاق بالنَّقْل الشَّفوي، مُعتمدًا على فَهْمِ الرَّاوي ومستواه وعِلمه وتصرُّفه بألفاظه انتشارَ النار في الهشيم، وزِيدَ فيه ونُقِصَ على حسب مِزاج الراوي ومَذهَبه ومُيولاته ووَرعه وَمَدى حفظه وضبطه.
نماذج من توهيم الصحابة لآخَرين رووا ألفاظا منسوبة إلى رسول الله:
إن الصحابة رضوان الله عليهم قاموا بتَوهيم وتخطئة العديد من روايات نُسِبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت مُبكّر، قبل أن تستفحل ظاهرة الرواية، وتنتشرَ في الآفاق قبل تَدْوِينها، فما بالُك بما وقَع بعدهم في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، والقرنين الثاني والثالث من انتشار ظاهرة الرواية بالمعنى، والتصُّرف وانتشار التَّحريف والوَضع في الرواية؟!!.
نحاول في هذا القسم من هذا المحور أن نسُوق نماذج من توهِيم الصحابة لألفاظ منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
النموذج الأول: توهيم الزبير بن العوام لرجل نَسَبَ إلى النَّبي “إسرائيليات”:
روى البيهقي في كتابه “الأسماء والصفات” من طريق ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة [كذا في طبعة الحاشدي] أن الزبير بن العوام سَمع رجلًا يحدِّث حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاستَمع الزُّبير له حتى إذا قَضى الرجل حديثَه قال له الزبير: أنتَ سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!، فقال الرجل: نعم، قال: هذا وأشباهُه مما يَمنعُنا أن نحدِّثَ عن النبي صلى الله عليه وسلم!، لَعَمْرِي سمعتُ هذا مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدَأ هذا الحديث فحدَّثَناه عن رجل مِن أهل الكتاب حدَّثَه إياه، فجئتَ أنت يومئذ بعد أن قضى صَدْرَ الحديث، وذَكر الرجل الذي مِن أهل الكتاب فظننتَ أنه مِن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أقول: هذه الرواية ضعفها الشيخ المعلّمي في كتابه:”الأنوار الكاشفة”، فقال: “فيه أبو جعفر لم أعرفه، والصبغي هو محمد بن إسحاق بن أيوب مجروح، وابن أبي الزناد فيه كلام، وعبد الله بن عروة وُلد بعد الزبير بمدة، فالخبر منقطع، وكأنه مصنوع”.
أقول: لم أر هذه الرواية إلا في كتاب “الأسماء والصفات” للبيهقي كي نُقارن مع غيرها، وعندي احتمالٌ بأن هناك اختلاف في النُّسَخ، لأن النسخة التي حقَّقها الشيخ زاهد الكوثري فيه رواية ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عروة، لا عن أخيه عبد الله بن عروة، مع أن محقّق النسخة الجديدة الشيخ عبد الله الحاشدي ذكر أنه اعتمد على نسخة مخطوطة في مكتبة الحرم المكي التي وقف عليها الشيخ المعلّمي، ولكن رواية ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه هي المتوافقة مع المشهور في الأسانيد، ويؤيّده أن البيهقي عندما أورد هذه الرواية احتجّ بها على ردِّ خبَر الواحد في العقائد، خاصة ردَّ بها على رواية منسوبة إلى النبي في استِلْقاء الله ووَضْعِ رِجلَه على الأخرى بعد خَلْقه السموات والأرض!، وهي رواية إسرائيلة صرفة!!، سبحانه وتعالى عما يقولون علوًّ كبيرًا!.
فقال البيهقي بعد روايته لقول الزبير: “ولهذا الوجه من الاحتمال ترَكَ أَهلُ النَّظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى، إذا لم يكن لما انفرَد منها أَصْلٌ في الكتابِ [القرآن] أو الإجماع واشتَغلُوا بتأويله، وما نُقِل في هذا الخبر إنما يفعله في الشاهد مِن الفارغين مِن أعمالهم مَن مسَّه لُغوب أو أَصَابه نَصَب مما فعله”.
أقول: لو كان البيهقي يعلم أن هذا الأثر منقطع بين عبد الله بن عروة، وبين جدِّه الزبير بن العوام لبيَّنه وأوضح، لأنه حافظ خبيرٌ بالصّنعة.
توهيم الزبير أيضا لبعض مرويات أبي هريرة:
روى ابن أبي خيثمة في “تاريخه” وعنه ابن عساكر في “تاريخ دمشق” من طريق ابن إسحاق عن عمر أو عثمان بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام قال: قال لي أبي الزبير: أدنني من هذا اليمانيّ يعني أبا هريرة فإنه يُكثر الحديث عن رسول الله ﷺ فأدنَيتُهُ منه، فجعل أبو هريرة يحدِّثُ، وجعل الزُّبير يقول: صدَق، كذَب، صدَق، كذَب، قلت: يا أبتِ!، ما قولك: صدَق كذَب؟، قال: يا بُنيَّ أمَا أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله ﷺ فلا أشُكُّ، ولكن منها ما يضَعُه على مَواضِعه، ومنها ما وضَعه على غير مواضعه.
النموذج الثاني: توهيم عائشة لألفاظ رواها أبوهريرة عن النبي:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لِأَن يمتلئ جَوف أحدكم قَيحًا ودَمًا خيرٌ له مِن أن يمتلئ شِعرًا”.
وروى الطحاوي في “شرح معاني الآثار” أنه قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: “لِأَن يمتلئ جَوف أحدكم قَيحًا ودَما خيرٌ له مِن أن يمتلئ شِعرًا”، فقالت عائشة: يرحَم الله أبا هريرة، حَفِظ أوَّل الحديث ولم يَحفظ آخره: إن المشركين كانوا يَهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “لأن يمتلئ جَوف أحدكم قيحًا خيرٌ له من أن يمتلئ شِعرًا مِن مُهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
ورواه الزركشي في “الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة” بلفظ: “قالت عائشة لم يحفظ أبوهريرة الحديث، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لأن يمتلئ جَوف أحَدكم قيحًا ودَمًا خيرٌ له من أن يمتلئ شِعرًا هُجِيتُ به”.
قال الدكتور صلاح الأدلبي: “تابع عائشَةَ على هذه الزيادة جابرُ بن عبد الله كما أخرجه أبو يعلى الموصلي في “مسنده”.
وأضاف: “ويظهر من هذه الروايات أن أباهريرة لم يَضبَطْ لفظ الحديث كما ضبَطه جابر وعائشة، ولعلَّ مما يقوّي إنكارها لروايته أنها مخالفة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لحسَّان بن ثابت على قول الشِّعر، ودُعائه له، فكان رسول الله يضَع لحسَّان منبرًا في المسجد يفاخر فيه ويُنافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”(2).
وروى أبو داود الطيالسي في “مسنده” عن محمد بن راشد عن مكحول قال: قيل لعائشة: إن إبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الشُّؤم في ثلاثة في الدَّار والمرأة والفرس” فقالت عائشة: لم يحفظ أبوهريرة، إنه دخَل ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قاتل الله اليهود، يقولون: الشؤم في ثلاثة إلخ” فسَمِع آخِرَ الحديث ولم يسمع أوَّله!.
وسبق هذا الحديث أيضا في محور عَرْض السُّنة على القرآن من رواية أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة فذكرا له رواية أبي هريرة، فقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن كان نبي الله يقول: كان أهل الجاهلية يقولون الطيرة في المرأة والدابة والدار.
ووهَّمَت عائشة أيضا أبا هريرة في روايته أن ولد الزنا شرُّ الثلاثة، فروى الحاكم في “المستدرك” عن عروة بن الزبير قال: بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “لأن أمتع بسوط في سبيل الله، أحبّ إليّ مِن أن أعتق ولد الزنا”، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “ولَد الزّنا شرُّ الثلاثة، وإن الميت يعذب ببكاء الحي”، فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة أَساءَ سَمْعًا فأسَاء إصابة!!.
توهيم عائشة لابن عمر في ألفاظ أحاديث رواها عن النبي:
روى البخاري ومسلم واللفظ له عن عمرة أن عائشة ذُكِر عندها أن ابنَ عمر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم:”إنَّ الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله عليه”، فقالت: رحم الله أبا عبد الرحمن سَمِع شيئا فلم يَحفظه، وفي رواية: أما إنه لم يكذب ولكنه نَسِي أو أخطأ، إنما مرَّت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة يهودي وهُم يبكون عليه، فقال: أنتم تَبكون وإنه ليعذب”.
وأخرج الطبراني في “الأوسط” عن موسى بن طلحة: قال: بلغ عائشة أنّ ابن عمر يقول: موتُ الفجأة سخطة على المؤمنين، فقالت عائشة: يغفر الله لابن عمر، إنّما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَوت الفجأة تخفيف على المؤمنين وسخطة على الكافرين”.
قال الزركشي في “الإجابة”: فيه صالح بن موسى الطلحي وهو ضعيف.
وروى أحمد في مسنده من طريق يحيى بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: “الشهر تسع وعشرون”، فذَكُروا ذلك لعائشة، فقالت: يرحم الله أبا عبدالرحمن، إنّما قال: “الشهر يكون تسعاً وعشرين”.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنّ بلالاً يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن ابن اُم مكتوم”.
قالت عائشة: غلط ابن عمر!،كان بلال يُبصِرُ الفجر، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ ابن اُمّ مكتوم رجل أعمى، فإذا أذّن فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن بلال”، أخرجه البيهقي في سننه.
قال الزركشي: وقد روى ابن أبي شيبه في مصنفه حديثا شهد لعائشة، فروى عن أنيسة وكانت قد حجَّتْ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن ابنَ أمّ مكتوم يُنادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال”.
أقول: ولكن روى ابن مسعود هذا الحديث بلفظ: “لا يمنعَنَّ أحدَكم أذَان بِلال مِن سحوره، فإنه يؤذن بليل”، فهو مما يُبعد غلط ابن عمر، وحمله العلماء على أنهما كانا يتناوبان.
هوامش:
(1) “اللمع في أصول الفقه” ص:80.
(2) الدكتور الإدلبي، مرجع سابق ص: 121.
…………………………………………….
في الحلقة التالية: تكملة أسباب عدم إفادة الخبر الواحد للعِلْم القطعي.