مقديشو (قراءات صومالية)-لقى الصومال دفعة جديدة من المجتمع الدولي بإعلان نادي باريس إسقاط ديون على البلاد لمساعدة الحكومة على النهوض بالاقتصاد المحاط بالإرهاب والاضطرابات الأمنية وقلة الموارد في بلد يبلغ سكانه 17 مليون نسمة.
وأبرم وزير المالية بيحي إيمان عغي اتفاقية لإعفاء بلده من ديون قدرها 1.2 مليار دولار مع دول نادي باريس، وذلك في إطار مبادرة صندوق النقد والبنك الدوليين.
وجاء ذلك عقب اجتماعات مكثفة أجراها الوزير الصومالي والوفد المرافق له في العاصمة الفرنسية باريس مع دول النادي خلال الأيام القليلة الماضية.
ونسبت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية إلى عغي قوله الخميس، “لقد تم التوصل إلى توقيع الاتفاق مع عشر دول منضوية تحت نادي باريس من أجل إعفائها الديون المترتبة على البلاد”.
وأضاف “بناء على الاتفاق، سيتمكن الصومال من إبرام اتفاقيات مع دول نادي باريس”، مشيدا بالنادي الذي عمل على شطب الديون الصومالية من قائمته.
وكان صندوق النقد والبنك الدوليان أعلنا، في ديسمبر الماضي، أنه تم إعفاء الصومال من الدين الخارجي البالغ 4.5 مليار دولار بعد 11 عاما من عملية تخفيف عبء الديون، مما يمنح البلد فرصة كبيرة للتعامل مع الأسواق الدولية.
وتقول المؤسستان الدوليتان إن هذه الخطوة ستخفض دين الصومال إلى أقل من 6 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي من 64 في المئة بنهاية 2018.
وفي يوليو 2023، أعلنت الحكومة الصومالية أن روسيا أعفت البلاد من 684 مليون دولار من الديون.
وخلال الأشهر الماضية، سلط عغي الضوء على رحلة البلاد للإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة والقدرة على الصمود، والحفاظ على التقدم وسط كثرة التحديات.
والمسار الإصلاحي، وفق الحكومة، سيؤدي إلى انخفاض ديون البلاد إلى 550 مليون دولار، من أصل 5.2 مليار دولار، أي ما يعادل إعفاء نحو 95 في المئة من الدين الخارجي.
وبينما يعاني البلد من الصدمات المناخية ومكافحة الإرهاب، تمكنت الحكومة الفيدرالية من جني بعض المكاسب من الإصلاحات عبر زيادة الإيرادات المحلية وتعزيز الإدارة المالية العامة.
ويوفر المجتمع الدولي 60 في المئة من ميزانية الصومال، بينما تحصل الحكومة على 40 في المئة من ميزانيتها من مرفأ ومطار مقديشو.
لكن الخبراء يقولون إن الإصلاحات الضريبية غير الفعالة وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة يعيقان تحقيق عوائد مالية تأمل الحكومة منها إصلاح اقتصاد أنهكته الحروب والصراعات لنحو ثلاثة عقود.
وكانت الحكومة قد أقرت في مايو الماضي ضرائب إضافية على الواردات بنسبة 50 في المئة أملا في رفد ميزانية الدولة للعام الحالي، لكن ذلك جعل وتيرة النشاط في الميناء مقديشو تتراجع بشكل ملحوظ.
وفي نوفمبر الماضي اعترفت الكتلة التجارية لمجموعة شرق أفريقيا بالصومال عضوا ثامنا فيها في خطوة تأمل السلطات والشركات الصومالية في أن تعزز اقتصاد البلاد الذي مزقته الحرب بالنظر إلى ما تتيحه من حرية في حركة البضائع والأفراد.
وأظهر الاقتصاد الصومالي البعض من المرونة وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي مطلع ديسمبر الماضي، على الرغم من مواجهة الجفاف طويل الأمد من عام 2020 إلى 2023.
وأشار البنك إلى أن الجفاف الذي أثر بشدة على الزراعة والصادرات أدى إلى هجرة كبيرة حيث بحث الناس عن الغذاء والماء، مما تسبب في تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.4 في المئة خلال 2022، انخفاضا من 3.3 في المئة خلال العام السابق.
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 في المئة خلال عام 2023 مع احتمال ارتفاعه إلى 3.8 في المئة هذا العام.
وتعزى التوقعات الإيجابية إلى تنفيذ الإصلاحات في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تحسن متواضع في دخل الفرد.
وشددت كريستينا سفينسون، مديرة مكتب البنك الدولي في الصومال، على أهمية الإصلاحات الجارية لتحقيق النمو المستدام.
وقالت إن “تحقيق نقطة الإنجاز الخاصة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون أمر محوري بالنسبة للصومال، حيث يعزز ثقة المستثمرين ويستلزم بذل جهود متواصلة لخلق بيئة مواتية للاستثمارات الأجنبية”.