في المشهد الجيوسياسي الدائم التطور في القرن الأفريقي، تتكشف روايتان في وقت واحد: نفوذ إثيوبيا المتضائل وسط الصراع الداخلي والتحديات الاقتصادية، وصعود الصومال التدريجي إلى الصدارة، مدعومة بمعالم مهمة في تخفيف عبء الديون والتمكين العسكري.
صورة الصومال الصاعدة: أمة في طريقها إلى التحسن
وعلى العكس من ذلك، فإن الصومال، التي كان يُنظر إليها لفترة طويلة على أنها دولة أضعف مبتلاة بالتمرد وعدم الاستقرار، بدأت تظهر علامات التحول الملحوظ. وتمثل موافقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على إعفاء من الديون بقيمة 4.5 مليار دولار في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون خطوة مهمة نحو تجديد النشاط الاقتصادي. إن هذا الإعفاء من الديون لا يخفف العبء المالي على الصومال فحسب، بل يشير أيضا إلى الثقة الدولية في عمليات الإصلاح والحكم في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برفع حظر الأسلحة المفروض على الصومال يعزز مكانته. وتمكّن هذه الخطوة الحكومة الصومالية من تعزيز قدراتها العسكرية، الضرورية للحفاظ على الأمن الداخلي ومكافحة الجماعات المتمردة مثل حركة الشباب. فهو يرمز إلى التصويت على الثقة في قدرة الحكومة الصومالية على إدارة شؤونها العسكرية بشكل مسؤول، وهو جانب حاسم من الاستقلال السيادي والنفوذ الإقليمي.
مكانة إثيوبيا المتضائلة: أمة تحت الضغط
إن مكانة إثيوبيا كقوة إقليمية معرضة للتهديد بشكل متزايد. إن التحديات التي تواجهها البلاد متعددة الأوجه، وتمتد من الصراعات الداخلية إلى الانكماش الاقتصادي. لقد أدى الصراع الذي طال أمده في منطقة أمهرة ضد الجماعات المسلحة مثل فانو إلى خسائر فادحة، سواء من الناحية الإنسانية أو الاقتصادية. وقد أدى هذا الصراع، إلى جانب صراعات أخرى، إلى تفاقم التوترات العرقية والإقليمية، مما أدى إلى استنزاف موارد الحكومة وتقويض قدرتها على الحفاظ على الاستقرار الوطني.
اقتصاديا، تواجه إثيوبيا منعطفا حاسما.
علاوة على ذلك، أدى السعي الأخير للوصول إلى الموانئ البحرية إلى توتر العلاقات مع الدول المجاورة، وخاصة إريتريا. وقد أدى هذا الموقف العدواني، الذي يُنظر إليه على أنه تهديد محتمل للسيادة والاستقرار الإقليميين، إلى عزلة دبلوماسية، مما أدى إلى إضعاف نفوذ إثيوبيا الإقليمي.
قانون التوازن لإثيوبيا
وفي هذا السياق، تأتي مبادرة إثيوبيا الاستراتيجية للوصول البحري عبر أرض الصومال، على الرغم من كونها نعمة اقتصادية محتملة، في وقت يتسم بحساسية متزايدة. وتعد مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، والتي من المحتمل أن تعترف باستقلالها مقابل الوصول إلى الموانئ، خطوة جريئة. ومع ذلك، فإنه يمكن أن يثير رد فعل قويًا من الصومال، بالنظر إلى مطالبتها الإقليمية بأرض الصومال.
ويتعين على إثيوبيا الآن أن تتنقل بين توازن دقيق. فمن ناحية، تسعى إلى التخفيف من القيود المفروضة على البلدان غير الساحلية ونقاط الضعف الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، فهي تواجه منطقة تشهد تحولاً في ديناميكيات القوة، مع ظهور الصومال كلاعب أكثر حزماً وقدرة. إن التحديات الداخلية التي تواجهها إثيوبيا ــ والتي تتراوح بين الصراعات العرقية إلى الصعوبات الاقتصادية ــ تزيد من تعقيد قدرتها على إبراز القوة والنفوذ في الخارج.
حقبة جديدة في القرن الأفريقي
يشهد القرن الأفريقي عملية إعادة تنظيم كبيرة. وإثيوبيا، التي كانت ذات يوم الزعيمة الإقليمية بلا منازع، تواجه الآن تحديات داخلية وخارجية تعمل على تآكل مكانتها المهيمنة. وفي الوقت نفسه، يرسم الصومال مساراً نحو التعافي وزيادة النفوذ الإقليمي.
وسيكون لهذا التحول في ديناميكيات القوة آثار عميقة على مستقبل المنطقة، وربما يعيد تشكيل التحالفات والتعاون الاقتصادي والاستراتيجيات الأمنية. وبالنسبة لإثيوبيا، فإن التكيف مع هذا الواقع الجديد، وموازنة تطلعاتها الوطنية مع القوى الإقليمية الناشئة، ومعالجة نقاط الضعف الداخلية لديها، سيكون أمراً بالغ الأهمية في الحفاظ على أهميتها في القرن الأفريقي.
ترجمة تقرير لصحيفة بصيرة أديس أبابا https://addisinsight.net/end-of-an-era-ethiopia-faces-a-newly-empowered-somalia/