لم تتسم العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية بالهدوء منذ انتخاب محمد عبد الله فرماجو رئيسا للجمهورية في الثامن من فبراير عام 2017م.
وقد استبشر الشعب الصومالي بانتخاب فرماجو آملين أن يحقق لهم طموحهم نحو قيادة البلاد إلى بر الأمان، وقد عرف فرماجو أثناء توليه رئاسة حكومة الانتقالية لمدة وجيزة بداية 2011 والتي سميت (حكومة تكنوقراط) ببساطته وإشرافه على عملية إخراج حركة الشباب من العاصمة وصرف رواتب الجيش والأمن وبقية موظفي الدولة خلال تلك الفترة.
حظي محمد عبد الله فرماجو ترحيبا محليا وإقليميا ودوليا واسعا ليس له نظير بعد توليه لمنصب الرئاسة، إلا انه ورث تركة سياسية وأمنية واقتصادية ثقيلة من سلفه، تستدعى تحقيق الاستقرار الأمني، و إنعاش الآمال التي تداعب قلوب الملايين من الصوماليين.
فقد أبدى فرماجو قدرا كافيا من المرونة في الأيام الأولى من فترة حكمه فيما يخص بالتعامل مع تلك الولايات التي كلف تشكيلها من الدولة الكثير من الوقت والمال والجهد.
وبعد فترة وجيزة من تشكيل الحكومة الفيدرالية برزت خلافات عميقة بينها وبين إدارات الولايات الإقليمية؛ وسرعان ما نشب الخلاف بين رؤساء الولايات الاقليمية وحكومة الفيدرالية عقب اندلاع أزمة دول الخليج.
وقد تفاقمت أزمة الخلافات مطلع شهر أكتوبر 2017م عندما أعلن رؤساء الولايات انعقاد أول مؤتمر يجمع خمسة رؤسا الولايات في مدينة كسمايو بولاية جوبلاند.
و استمر هذا مؤتمر لمدة ثلاثة أيام ونوقش عدد قضايا خلافية والتى أثارت الدهشة والغرابة، وتحميل الحكومة الفيدرالية على كل المشاكل التي تمر بها البلاد واتهامها بالتقصير في استتاب الأمن، ومن أبرز النتائج التي تمخضت عن اجتماعات تشكيل ما يسمى بمجلس تعاون الولايات الاقليمية.
يرى خبراء ومحللون سياسيون أن هدف تأسيس مجلس التعاون كان إيجاد كتلة سياسية قادرة على مواجهة الدولة المركزية في مقديشو.
مؤتمر بيدوا….
وبعد سبعة أشهر من مؤتمر كسمايو التأسيسي للمجلس عقد في مدينة بيدوا المؤتمر الثاني برعاية رئيس الولاية شريف حسن، ولم يختلف عن سابقه من حيث القرارات والانتقاذا الموجهة للدولة الفيدرالية.
مؤتمر كسمايو…..
أعلن رؤساء الولايات الإقليمية في مؤتمرهم الثالث في كيسمايو في شهر سبتمر2018م إيقاف التنسيق مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو واتهموها بالتدخل السافر في شؤون الولايات.
وبعد أسابيع من مؤتمركسمايو أعلن رئيس ولاية هيرشبيلي توصله إلى اتفاق مع الحكومة الفيدرالية، وكان محمد عبدي واري نائب رئيس مجلس تعاون الولايات الإقليمية، لتكون هذه خطوة أولى نحو تفكيك المجلس، وبداية العد التنازلي لسقوط مجلس التعاون .
لم يكن أحد يتوقع أن يتم انسحاب رئيس ولاية هيرشبيلي من المجلس بهذه السرعة بسبب انتفاداته الشديدية للحكومة الفيدرالية وتوليه أعلى منصب بعد رئيس مجلس التعاون، ما يعنى أنه لن يشارك في المؤتمرات القادمة ،وأن الحكومة الفيدرالية بدورها وعدته بحل كافة المشاكل وعقبات التي كانت تواجه ولاية هيرشبيلي وتوفيرها كمساندة مادية ومعنوية.
مؤتمر غرووي.
وفي شهر أكتوبر 2018م عقد مؤتمرا في مدينة جروي في ظل توتر العلاقات بين الحكومة الفيدرالية و الإدارات الإقليمية التي أعلنت سابقا إيقاف التنسيق مع الحكومة الإتحادية مع غياب نائب رئيس مجلس التعاون محمد عبدى واري رئيس ولاية هيرشبلي بسب اتفاقه وعقده المصالحة مع الحكومة الاتحادية في مقديشو، لتصبح الولايات المشاركة في المؤتمر أربعة ولايات بدلا من خمسة ولايات.
وقبيل انعقاد مؤتمر جروى أعلن نواب في برلمان ولاية جلمدغ انتخاب أحمد محمد محمود (باست) حاكما جديدا لولاية جلمدغ خلفا لأحمد دعاله حاف وذلك في عملية انتخابية جرت بمدينة عدادو.
شهد ولاية جلمدغ خلافات حادة بين حاكم الولاية أحمد دعاله حاف ونائبه محمد عبدي حاشي الأمر الذي أدى بدوره إلى انقسام في نواب برلمان الولاية .
وقد أغضبت خطوة انتخاب حاكم جديد رئيس ولاية جلمدغ أحمد دعالي، وفي مقابلة معه للوسائل الإعلام عبر تصريحاته انفعالية قائلا” لاتوجد حكومة فيدرالية في البلاد،!! واعتبر انتخاب النواب في عدادو لحاكم جديد باطلا وغير الدستوري” .
استقالة شريف حسن شيخ آدم….
يرى الخبراء أن خسار ة الرئيس شريف حسن آدم في انتخابات ولاية جنوب غرب الصومال شكلت انتكاسة كبيرة لمجلس تعاون الولايات الاقليمية الذي كان يضم ولايات جنوب غرب الصومال، وبونت لاند، وجوبالاند، وجلمدغ،
وتعد استقالة شريف بداية العد التنازلي لسقوط حكام الولايات الصومالية ، مما يمنح الحكومة الاتحادية فرصة ذهبية للمضي قدما في سياساتها الهادفة إلى تقليص نفوذ رؤساء الولايات وتوصل اتفاق مع رؤساء الولايات .
انتخابات ولاية بونت لاند
بينما يساور عبدالولي غاس الخوف من أن يلقي مصير شريف حسن إلا أنه يحاول إيجاد مخرج حتى آخر رمق ،وأن إعادة انتخابه رئيسا لولاية بنت لاند لفترة ثانية صارت ضئيلة وكل المعطيات والمؤشرات تدل على أنه سيخسر أمام منافسيه بسبب الدعم الكبير الذي يتمتع به بعض المرشحين بالإضافة إلى تدني شعبية لدى رجال الأعمال وشيوخ القبائل بسبب سياسته المتهورة التي كرست الفساد والمحسوبية وتدهور الوضع الامني و إشعال خلافات مع الحكومة الفيدرالية .
وقد عارض نائب رئيس ولاية بونت لاند عبد الحكيم حاجي عمي البنود الصادرة من مؤتمر رؤساء الإدارات الإقليمية.
ويمكن القول إن العد التنازلي لسقوط حكام الولايات بدأ يأخذ مساره الحتمي في الانتخابات القادمة و التي تشهدها ولاية جنوب غرب الصومال وبونت لاند و جوبا لاند والأيام القادمة كفيلة بالحكم على ذلك.