بعد سنوات من الابتعاد عن المشهد السياسي، عاد الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو إلى مقديشو في 13 نوفمبر، في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والشعبية. وأعلن فور وصوله أنه عقد لقاءات مع مختلف فئات المجتمع للاطلاع على أوضاع البلاد الراهنة وتقييم التحديات التي تواجهها.
وخلال خطابه الأخير، صوّر فرماجو الوضع الحالي على أنه “الأخطر” في تاريخ الصومال الحديث، معتبرًا أن الظروف الاقتصادية والمعيشية اليوم أسوأ مما كانت عليه خلال سنوات الحرب الأهلية. غير أن كثيرين رأوا في هذا الطرح مبالغة واضحة ومحاولة لإثارة المخاوف، إذ اعتاد الشارع الصومالي على خطاباته التي تتسم بالتضخيم وقلة الدقة، ما جعل العديد من المواطنين يتلقّون تصريحاته بكثير من الريبة.
وعلى الرغم من غيابه الطويل عن الحكم، يحاول فرماجو إعادة تقديم نفسه كقائد وطني قادر على إنقاذ البلاد، معتمدًا على خطاب عاطفي يسعى من خلاله إلى كسب التأييد الشعبي وإعادة بناء قاعدة سياسية تمهيدًا لدور انتخابي . غير أن سجله خلال فترة حكمه لا يزال حاضرًا في ذاكرة المجتمع، بعد تعثّره في التعامل مع ملفات أمنية واقتصادية واجتماعية، وتسببه في أزمات سياسية أثّرت على مؤسسات الدولة واستقرارها.
إن الطريق نحو عودة سياسية حقيقية لا يمكن أن يُبنى على خطاب يعتمد على المبالغة أو تزييف الحقائق. كما أن غياب المصطلحات الدقيقة والرؤية القانونية والمؤسسية عن خطابه الأخير يعكس ضعفًا في الطرح ويُظهر أن العودة جاءت دون برنامج واضح أو رؤية واقعية لمعالجة التحديات.
كيف ينظر الشعب الصومالي إلى خطاب فرماجو؟
ترى غالبية كبيرة من المجتمع الصومالي أن خطاب فرماجو يفتقر إلى المصداقية ولا يستند إلى تقييم موضوعي للأوضاع. كما أن المواطنين اليوم أكثر وعيًا وقدرة على التمييز بين الخطاب السياسي الحقيقي وبين محاولات التأثير العاطفي، خصوصًا في ظل وجود حكومة تعمل على تحسين ظروف الأمن والاستقرار والتعليم والخدمات العامة، وهي ملفات لمس المواطنون تحسّنًا فيها خلال السنوات الأخيرة.
إن الشعب الصومالي لا يبحث عن خطاب عاطفي بقدر ما يبحث عن قيادة تمتلك رؤية، وتطرح حلولًا واقعية، وتضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات انتخابية أو حسابات شخصية.















