تحولت مساحات شاسعة من الريف الصومالي إلى أرض قاحلة، وتسبَّب الجفاف الناجم عن تغير المناخ في تَلَف المحاصيل ونفوق قطعان الماشية وموت الأطفال جوعًا.
ويتأثر الصومال بأزمة مناخ عميقة تعكس صورة مخيفة لما قد يحدث في أماكن أخرى جرّاء ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وفق التقارير التي اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.
في جميع أنحاء أفريقيا، أفقر قارات العالم، لا يمتلك أكثر من خُمس سكانها البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة ما يكفي من الطعام، إذ يندرج نقص المياه والظواهر الجوية الشديدة ضمن التحديات الأساسية التي تتأثر أكثر بتغير المناخ، حسب بلومبرغ.
الجفاف في الصومال
لا يوجد مكان تتجلى فيه هذه الظاهرة أوضح مما هي عليه في الصومال، وهو أحد أكثر دول العالم تأثرًا بتغير المناخ، ويعاني من أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 4 عقود.
ويحتاج ما يقرب من نصف سكان الصومال -البالغ عددهم 17 مليون نسمة- إلى المساعدة العاجلة، إذ هجرَ أكثر من مليون شخص منازلهم بحثًا عن الطعام والرعي.
في المقابل، انحبست الأمطار لمدة 5 مواسم متتالية، وكانت أزمة نقص المياه، في أوائل التسعينيات، أشدّ وطأة عندما أودت المجاعة بحياة نحو 260 ألف شخص.
وفي مواجهة الأدلة المتزايدة التي تربط بين الظواهر الجوية القاسية، من الجفاف والفيضانات والعواصف، إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، أكد مندوبو نحو 200 دولة حضروا قمة المناخ كوب 27 التزام بلدانهم باحتواء ارتفاع درجة حرارة الكوكب في المستقبل إلى 1.5 درجة مئوية.
وأخفق أولئك المندوبون في الاتفاق على خطوات جديدة لتحقيق هذا الهدف، أو على الحاجة إلى التقليل التدريجي من استعمال جميع أنواع الوقود الأحفوري، ما يشير إلى غياب نهاية تلوح في الأفق لمحنة الصوماليين.
تُظهر البيانات الرسمية أن أكثر من 900 طفل دون سنّ الخامسة لقوا حتفهم في جميع أنحاء الصومال منذ يناير/كانون الثاني 2022.
معاناة أطفال الصومال
تُعدّ الحصيلة الحقيقية غير معروفة -ومن المحتمل أن تكون أعلى بشكل كبير-، لأن مناطق شاسعة من الصومال تخضع لسيطرة المتمردين، ولا يمكن للمسؤولين وعمال الإغاثة الوصول إليها.
في المنطقة المحيطة بغالكايو، على بعد 550 كيلومترًا شمال غرب العاصمة مقديشو، يعاني أكثر من نصف الأطفال من سوء التغذية.
في جميع أنحاء البلاد، عولِجَ أكثر من 350 ألف طفل صومالي من سوء التغذية هذا العام، وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع عددهم إلى 1.5 مليون بحلول نهاية هذا الشهر، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتدفَّق إلى الصومال نحو 1.2 مليار دولار من المساعدات، معظمها من الولايات المتحدة، لكن هذا المبلغ يُعدّ أقل بمليار دولار لما هو مطلوب لـ 7.6 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
إعلان المجاعة
تتوقع الأمم المتحدة إعلان المجاعة -قريبًا- في 3 مناطق منعزلة من الصومال، ويُعدّ التصنيف مخصصًا للمناطق التي يواجه فيها ما لا يقلّ عن خُمْس الأسر نقصًا حادًا في الغذاء.
ويعاني 30% على الأقلّ من الأطفال من سوء التغذية الحادّ، ويموت اثنان على الأقلّ من كل 10 آلاف شخص يوميًا بسبب الجوع أو مزيج من الجوع والمرض الناجم عن الجفاف وتغير المناخ.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصومالية تجنّبت، حتى الآن، اتخاذ هذه الخطوة، خشية أن تفسّر على أنها أخفقت في توفير الاحتياجات الأساسية لشعبها واستعمالها لتقويض قبضتها الهشة على السلطة.
وقال وزير خارجية الدولة الصومالية، علي عمر، في مقابلة: “الحقائق الفنية لا تدعو لإعلان المجاعة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة تعتقد أنه إذا أعلنوا مجاعة فسوف يحصلون على المزيد من الأموال”.
على صعيد آخر، أكثر من 12 امرأة أخرى جرت مقابلتهن في المخيمات، تحدّثن عن جيران أو أصدقاء أو أقارب يموتون بسبب نقص الطعام والماء في المناطق الريفية أو يُقتلون في المعارك.
وقالت بعض النساء، إن الضغوط الاقتصادية على أُسرهن كلّفتهن زواجهن، بينما أفادت أخريات بزيادة العنف القائم على التصنيف الاجتماعي والجرائم الجنسية وزواج الأطفال.
المصدر: الطاقة