مدينتي مقديشو كثير ما سميتُها” دار السلام” تيمّنا وتفاؤلا، عاصمة يحبّها الصوماليون ، فهي بمثابة الرأس لسائر الجسد إن صلحت سيصلح الصومال، وإن فسدت سينتشر الوباء في سائر البلاد، وفي بيت كل صومالي، فهي جوهرة الدنيا، ودرة إفريقيا،لقد أراد كل زعيم صومالي أن يستأثر بحكمها ويتمتع بإدارتها ويصفق الجميع له مدى الحياة ويتسلّط على رقاب الناس بمزاجه، لا بالنظام والدستور، وتحت شعار الدكتاتورية “من القصر إلى القبر”، ولكنها مدينة عصيّة على الطغاة من زمن الاستدمار والاستعمار،إلى زعماء الحروب والجبهات،ومقبرة الرانجرس وجنرلات التجراي والحبشة، إن التدافع بين السياسيين الصوماليين لنيل السلطة وقيادة البلاد ووصول القصر الرئاسي في العاصمة فيلا صوماليا جلبت المصائب للشعب الساكن في العاصمة لا سيما الاستقواء بالأجنبي، والاستبداد والطغيان للزعيم المنتخب أو غير المنتخب وفي الآونة الأخيرة وانطلاقا من دولة المصالحة في عرتا أجريت انتخابات غير مباشرة في مقديشو ترشح فيها مجموعة من المرشحين من يبينهم الرئيس شريف الذي انتخب في جيبوتي،ولكنه نجح في فترته بعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مقديشو وتلك من إنجازاته، وفي عام 2012م، ترشح الرئيس الأكاديمي حسن شيخ محمود ، وفاز بكرسي الرئاسة،وواصل المسيرة وأعاد المؤسسات الحكومية المنهارة إلى خدمة الشعب وكان للأكاديميين الحظ الأوفر لزعامة البلاد، وفي نهاية فترته بحلوّها ومرّها، قام بعقد الانتخابات البرلمانية في الولايات،والرئاسية في العاصمة مقديشو،وفي فبراير عام 2017م فاز الأمريكي الصومالي الرئيس محمد عبد الله فرماجو وكان للمغتربين نصيب الأوفر للسياسة في البرلمان وفي مجلس الوزراء، بل سيطروا مفاصل الدولة ولم يتركوا منصبا سياديا للآخرين ،حتى كاد الجواز الأجنبي شرطا أساسيا لحصول الوظيفة المرموقة في المؤسسات الحكومية بل يمكن القول أن الجواز الأجنبي حلّ محل الشهادة، فحاز من لم يتعلّم يوما الوظائف لأنه عاش في أزقة منسوتا وأوسلو ولندن واستكهوم،والزمالة والمحسوبية كفيلة لنيل المناصب، وقد فشلت حكومة المغتربين بعقد الانتخابات في موعدها وازداد الاحتقان السياسي في البلاد،وانتهى بالفشل جميع المؤتمرات بين رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية ،ويتهم كلّ منهما الآخر بعرقلة التصالح والتوافق الوطني،
وفي آخر فصول الصراع كانت هذه الجمعة يوما تاريخيا حيث أعلن المعارضون التظاهر السلمي في مقديشو لإعلان مبادئهم والضغط على الحكومة ورفعت شعارات ضد الاستبداد وجابهت الحكومة التظاهرات بالرصاص وتفريق المتظاهرين بالرصاص الحيّ،
مازلنا نسمع صوت الرصاص من الليل وفي الصباح قبيل صلاة الجمعة، والشعب في وجل ورعب ، والذاكرة رجعت إلى ويلات الحروب والنزوح وتأمين الأسر والممتلكات ، والناس يتصلون بك للاطمئان بحياتك وسلامتك، بل توقفت مظاهر الحياة منذ مساء أمس،واغلقت الطرق الرئيسية
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها *ولكن أخلاق الرجال تضيق
في الختام عقلية الرصاص والحرب لا تنفع، وما ذا جناها الصوماليون العقود الثلاثة الماضية من سفك الدماء والصراع الصومالي الصومالي إلا الخسران في الدارين ،
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ* وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً* وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
الصلح والتوافق خير، فأين المصلحون من بني الصومال، قبل أن يتسع الخرق على الراقع،
أم ننتظر المبادرات الأجنبية الإفريقية والغربية والأممية وكأنّ الأجنبي حزام الأمان للبلاد؟؟
أم شهوة السلطة تعمي البصر والبصيرة، ويصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا؟؟ سأترك الإجابة لكل غيور لوطنه حتى لا تغرق السفينة، ويلتهمنا الطوفان تارة أخرى؟