كتب الباحث الأمريكي “مايكل روبين” المقيم في معهد (American Enterprise)، والمتخصص في شؤون إيران وتركيا والشرق الأوسط الكبير مقالا حول عزل فهد ياسين حاج طاهر من إدارة جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي، وهذا نصّ المقال المترجم:

“في 26 يونيو اختطف مهاجمون إكرام تهليل فارح (24 عاما) الخبيرة الإلكترونية في جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي (NISA)، بالقرب من منزلها في مقديشو، حيث تعرضت للتعذيب والقتل على يد آسريها. ألقى رئيس المخابرات “فهد ياسين” باللوم على إرهابيي حركة الشباب في جريمة القتل هذه، لكن عائلة إكرام اتهمت “ياسين” ودائرته الداخلية بأنهم يقفون وراء مقتل إكرام.
صدَّق معظم الصوماليين عائلة إكرام، وأشار محللون صوماليون إلى أن مقتل إكرام يتناسب مع نمط قتل (NISA) لموظّفيها للتغطية على جرائم الجهاز وجرائم “محمد فرماجو”، الرئيس الصومالي الذي دفع الصومال إلى حافة الهاوية من خلال سعيه لتمديد ولايته بشكل غير قانوني. غير أن حركة الشباب ، التي غالبًا ما تدَّعي مسؤوليتها عن قتل مسؤولي الأمن الصوماليين نفت أيّ تورط لها في قضية إكرام تهليل.
يشير الصوماليون إلى أن الدافع وراء مقتل إكرام هو معرفتها بنقل “فرماجو” غير القانوني لمجنَّدِين صوماليين للتدريب في إريتريا حيث قام الديكتاتور الإريتري أسياس أفورقي بإرسالهم إلى إقليم تيغراي لدعم حملة الإبادة الجماعية التي شنها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ضد الإقليم المتمرد، وظلَّت ظروف المجنَّدين الصوماليين المفقودين نازلة مثل الصاعقة في المجتمع الصومالي، ولم يتلق كثير من الآباء الصوماليين أيَّ معلومات عن أبنائهم المجنَّدين منذ أكثر من عام.
الاعتقاد بأن “فهد ياسين” أمر بقتل إكرام للتغطية على تلك القضية تسبب في غضب شديد وإلقاء الزيت على النار، نظرا لسجلّ قوات الأمن الموالية لرئيس المخابرات لإسكات الصحفيين الذين يحققون في القضية.
في الليلة الماضية، دعا رئيس الوزراء “محمد حسين روبلي” “فهد ياسين” إلى تقديم تقرير مقنع في غضون يومين بشأن معرفة الجهاز حول مصير إكرام تهليل، ولكن “ياسين” ردَّ بمطالبة فرماجو بعقد ورئاسة اجتماع لمجلس الأمن القومي لمعالجة الأزمة.
هذه الخطوة لم تظهر فقط ازدراء “ياسين” لرئيس الوزراء لأنها في الواقع ستقطعه عن العملية، ولكنها أظهرت أيضًا ازدراء للقضية برمتها منذ أن توقَّف مجلس الأمن القومي الصومالي عن العمل قبل ثلاث سنوات، وكان رد فعل “روبلي” بطرد “ياسين” عن الجهاز.

ما سيأتي يمكن أن يحدد ليس فقط مستقبل الصومال ولكن أيضًا مسار السلام والأمن في القرن الأفريقي، فالرئيس “فرماجو” و”ياسين” حليفان، وكان “ياسين” مراسلًا سابقًا لقناة الجزيرة، ولديه خلفيَّة في بعض الجماعات المتطرفة نفسها التي وعد بمكافحتها لكنه فشل في ذلك.
ووفقًا لـ”عبد الله محمد علي”، وهو رئيس سابق لـ NISA ، كان لدَى “ياسين” أموال قطريَّة تحت تصرُّفه، والتي استخدمها لتعيين فرماجو رئيسا للصومال، وقد كانت خطوة مربحة لكليهما، حيث شرعت وزارة الخارجية الأمريكية في تقديم مليارات الدولارات لنظام فرماجو، ولكن كانت فترة إدارة “ياسين” للجهاز أيضًا كارثة على مكافحة الإرهاب؛ فبدلاً من مكافحة حركة الشباب، ركز كل من “فرماجو وياسين” جهودهما على مهاجمة المعارضة السياسية.
طبعا، ستكون الأيام القادمة حاسمة، ومن المحتمل أن يقاوم “ياسين” خطوة”روبلي”، كما فعل “فرماجو” الذي يعتمد بشكل متزايد على “ياسين” ورفض الخطوة.
وبينما وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضع الدبلوماسية أولى اهتماماته، فقد أهمل وزير الخارجية أنطوني بلينكين إفريقيا حتى في أفضل الأوقات بعد انتكاسة أفغانستان.
سعى “فهد ياسين” إلى تشكيل حِلف ثلاثي بين “أبي أحمد”، و”إسياس أفورقي” و”محمد فرماجو” حيث يدعم كل طرف الآخر على حساب الديمقراطية، وإن قيام هذا الحلف الثلاثي باللجوء السريع إلى القوة العسكرية ضد خصومهم المحليين، وزعزعة استقرار القرن الأفريقي، وأن يصبحوا بيد المصالح التركية أو القطرية أو الصينية، يُنذر بالسوء لاستقرار المنطقة.
إن ترسيخ إبعاد “ياسين” – ليس فقط من موقعه في جهاز (NISA)، ولكن أيضًا من المشهد الصومالي – يمكن أن يكون الخطوة التي تسحب الصومال من حافة الهاوية، وتسمح لديمقراطيتها بالمضي قدمًا، حيث كان اعتقاد “ياسين” و”فرماجو” أن مستقبل الصومال يكمن في ديكتاتورية مثل “سياد بري”، لكن هذا سيكون وصفة للفوضى المدمِّرة.
إن المدير المؤقت للجهاز اللواء بشير محمد جامع يحتاج إلى دعم دولي. دعُونا نأمل أن لا يكون “بلينكين” (وزير الخارجية) ومدير وكالة المخابرات المركزية “وليام بيرنز” متجاهلين تجاه هذا التغيير. لقد حمل اللواء “جامع” على عاتقه، ليس فقط في المعركة ضد حركة الشباب ولكن أيضًا من أجل تحقيق العدالة.
لا يستحق الصوماليون المعرفة الحقيقة ليس فقط عن أبنائهم المفقودين في أريتريا، ولكن أيضًا يستحقُّون أن يعاينوا أنه لا يمكن لأيِّ شخص – بما في ذلك “ياسين” و”فرماجو” – أن لا يظل أبدًا فوق القانون”.
………………………..
قام موقع “قراءات صومالية” بترجمة المقال.
رابط المقال:
Somali Intelligence Chief’s Firing Could Be Great News for Horn of Africa