الكل يبحث عن التغيير تغير من ماضي مؤلم ومظلم ومترنح اكثر ؛ بحيث يبدوا كل شيء فوضيا ومملا إلى اكبر درجة ، فالمحاولات اغلبها تبوء بالفشل ، فنحاول الكرة وتأتينا نفس الأجوبة .
واحيانا يأتينا الحماس ويدفعنا قليلا نحو الأمام ليجعلنا نسعد ويبعث الحيوية في نفوسنا ولكنه لن يدوم طويلا إلى أن نرجع إلى أدراجنا حاملين معنا آثار الإستسلام وغلبة النفس وإتباع الهوى ، وتكون الضربة موجعة أكثر من ذي قبل ؛ وكأننا نوقن أكثر بأننا خلقنا للفشل وعدم إجادة شيء على الإطلاق..
وتتكرر تلك الظاهرة في نفسية الكثيرين ؛ وربما أنا وأنت “أيها القارئ ” من ضمن أولئك الفريق ؛ وربما كنت كذلك مسبقا وتغلبت عليها ورفعت علم الفوز ولم تعد منهم … هذه الظاهرة يمكن تعبيرها بمتلازمة الفشل وتوقف الحيوية في حين لاتقوى على فعل شيء “أقل شيئ ” ، وتحتاج إلى علاج أنجع يتخلص منها ولن يكون لها وجود من جديد.
اذا السؤال المطروح دوما هو كيف نتخلص من هذا المرض المستشري في أهم عضو في جسدنا؟ ويأتي الجواب بأشكال واساليب مختلفة ، وربما كلها تؤدي مفعولها لو إستحضر المريض الرغبة الجامحة في التخلص منه وبذل الجهود في مقاومته والإيمان القوي ، حينها تكون النتائج المرجوة مقنعة وإيجابية ..
إن أهم الخطوات التي تقودك نحو التحول السليم من ماضيك ؛ هو التوكل على الله والإتكال عليه سبحانه وتعالى ؛ والإنكباب على الدعاء والتضرع إليه فذلك هو خير الرفيق في السر والعلن وفي السراء والضراء .. واكثر المحاولات في تغيير النفوس إن لم ترافقها تقوى الله تبوء بالفشل او على الأقل تفقد طعمها الحقيقي ..
وتأتي المسؤولية الفردية في الدرجة الثانية ؛ مما يعني أن الشخص الذي يريد التغير عليه أن يعمل في إقناع نفسه وبكل السبل أن أية خطوة لتحسين حياتك ستكون ثمارها من نصيبك ، وان الفوائد المقتطفة من ذلك هو نتاج عملك على نفسك وإجتهادك عليها ، فالإقناع والتمسك بالقرار وقوة العزيمة والصبر كل ذلك يكون على عاتقه .
ثم يلي بعدها ؛ أهمية الجدولة والتنظيم ، فالحياة الفوضوية هي نتاج من غياب الترتيب ووضع الأمور على اسس نظامية وجدولتها ، لذا حتى يتسم التحول بالجدية والرسمية يجب أن يكون هناك خطوات مكتوبة واهداف محددة يريد الفرد تحقيقها ويتأكد من تنفيذها ، وترويض النفس في إنجاز المهام على أتم الوجه ، سواء أكان موضوعا علميا أكاديميا او عملا مهنيا يريد الوصول إلى قمته في التميز والإجادة .
ومن طبعية البشر الملل وعدم رغبة الروتين لان ذلك يبعث في النفوس العجز ، لذا من اللازم عمل بعض المرونة في بعض المهام وعدم التشدد عليها أحيانا لدرجة تنفرك من مشروع تغييرك بالأساس وتقلبه رأسا على عقب .. إذا لا يخلوا اية مشروع من منافذ للتنفيس عن الآلية والتصرف بقليل من الإنسانية ..
أما دور من حولك من الأهل والأصدقاء ؛ فكبير أمره ؛ فهم إما يكونوا عونا وسندا كبيرا لمشروعك ، وإما ثغرة تتسبب في فشلك ورجوعك إلى زاوية صفر ، لذا حذاري أن يكونوا أعباءا عليك … ومن الشائع في بعض المجتمعات أنه لايمكن الإبتعاد عن من حولك من الأهل وحتى لو كانوا خطرين في وجه مشروعك ؛ لذا يجب عليك وانت صاحب المشروع أن تأتي بطريقة تنفذ ما عزمت عليه دون التعرض لنكساتهم وتثبيطهم .
ويقول الكاتب عبد الحكيم الشباني : إن نقاط التحول في حياتنا هي دلالة على أننا أصبحنا ناضجين بما يكفي، وواعون بما يكفي، ومستعدون بما يكفي للانتقال للمرحلة الموالية، نعم أنت ناضج وواع ومستعد لما أنت مقبل عليه، لكن قبل المرحلة الموالية هناك اختبار صغير وأخير لقبولك، انه اختبار الصبر!
وأخيرا ، من الطبيعي أن يسقط الإنسان ويتعثر في طريقه نحو تحقيق اهداف ، ولا غرو في ذلك فهي من طبيعة الحياة ودروسها المتتالية لنا نحن البشر ، إذا لا تتأثر او تضعف همك وحماسك إذا تعرضت لتقصير في قتالك مع نفسك ، فالإستمرار أولى أن تتمسك به حتى تصل سفينتك إلى بر الأمان ، وتحتضن النجاح بلحمه وشحمه واقفا أمامك.