اللواء آدم عبدي حاشي، قائد قوات دفاع بونتلاند
شاهدتُ لقاء الصحفي المشهور فارح عبدالقادر غيلن “Gayan” مع الجنرال آدم عبدي حاشي، وكانت تلك أول مرة أتعرف فيها عن كثب على هذه الشخصية العسكرية المحنكة. ولأول مرة، أُعجِبتُ بشخصيةٍ يكلّفها الرئيس سعيد عبد الله دني بمهمة شاقة. لقد اختار الرئيس هذه المرة، بحقٍّ، الرجلَ المناسبَ للمكان المناسب.
وجدته خبيرًا عسكريًا من الطراز الرفيع، ومثقفًا ذا إلمامٍ واسعٍ بالتاريخ، ورجلًا يمتلك ذاكرةً فولاذيةً، يتذكر أدق التفاصيل في أصعب الأوقات التي عاشها الجيش في الصفوف الأمامية. وقد أعجبني ذلك القائد الذي يتأمل في الأمور بدقة، حتى وهو في قلب معارك لم تشهد المنطقة مثلها من قبل. إنه رجلٌ لا تغيب عنه جزئية، ولا تفلت من إدراكه معلومة.
رأيته رجلًا فصيحًا بليغًا، لا يتكلف في قوله ولا في شرحه، يجلس بين أفراد الجيش وكأنه جنديٌّ عاديٌّ، يتحدث بهدوء، وعلى ملامحه آثارُ الوقار والثقة بالنفس. تراه في ساحة القتال قائدًا، وتراه بين جنوده أخًا، فلا عجرفةَ ولا تعالٍ. وتراه عالمًا حين يتحدث، وأستاذًا في التاريخ والجغرافيا حين يصف المنطقة وصفًا دقيقًا، وكأنه يقرأ من كتاب، من شدة روعة كلامه وحسن انتقائه للكلمات والعبارات.
رأيتُ قائدًا لم نعرفه من قبل، لكنه كان محبوبًا بين الجيش وقياداته منذ عقود. شاهدت قائدًا قضى عمره في ساحات الحروب، ولا يحب أن يظهر أمام الإعلام. إنه قائدٌ يعمل أكثر مما يتكلم، ولقد كسب قلوبنا بتواضعه وخبرته وانتصاراته الساحقة.
> يُخبِرُك مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني
أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ
— عنترة بن شداد
أُعجبتُ – ما شاء الله – بمعرفته الواسعة، العميقة، والدقيقة بمعالم الأرض وتضاريس المنطقة، وإتقانه اللغةَ الصومالية ومصطلحاتِ الجغرافيا، وسعةِ علمه، وسرعةِ بديهته، وبساطةِ شرحه، وتعددِ مواهبه. إنه رجلٌ يعرف أرضه كما يعرف راحة يده، ويقرأ الجغرافيا كما يقرأ الكتاب المفتوح.
وأُعجبتُ أيضًا بعدمِ استخفافه بخصومه، وترصده لمعلوماتهم، وبلدانهم، ومواهبهم، وتأمله في آثارهم في المنطقة. إنه لا يُقلل من شأن خصمه، بل يدرسه ويتعمق فيه، فالحرب قبل أن تكون سلاحًا، هي معرفةٌ وإدراك.
وقد كان الجنرال دائمًا يكرر: “قوات بونتلاند في الصومال”، وكان يمنح كلامه دائمًا طابعًا وطنيًا، ويكرر اعتزازه بالهوية الصومالية، ويصف الجيشَ بـ”قوات بونتلاند في الصومال”، ويحرص على ذكر اسم الصومال دائمًا، رغم الظروف السياسية التي نعرفها جميعًا. إنه رجلٌ يرى يتحلى بروح تملؤها الثقة والأمل.
الكاتب عبدالرحمن راغي بونت لاند