وهم السيطرة ومقامرة التصريحات: حين يتحدث فيصل علي ورابي بلغة لا تشبه الوطن
✍️ بقلم:
عبد الرحمن سهل يوسف
كاتب وخبير إعلامي صومالي
يبدو أن بعض الأصوات تعمدت مؤخرًا إثارة الجدل من خلال تصريحات عبثية لا تستند إلى حقائق، بل إلى أوهام أو ربما نوايا مبيتة.
ما ورد على لسان المهندس فيصل علي ورابي زعيم حزب (اوعد ) في صوماليلاند حول امتلاكه معلومات تتعلق بحركة الشباب، لا يمكن فهمه إلا في سياقين: إما أنه يحلم ويتحدث بأحاديث المجالسوالمصاطب، أو أن هناك علاقة خفية تربطه بالحركة، وهذا أمر خطير يستحق التوقف عنده.
لكن ما يدفعني أكثر للرد ليس مجرد التصريح بحد ذاته، بل الخطاب الكامن خلفه، الخطاب الذي يحاول تصوير الوضع وكأن حركة الشباب قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على البلاد، أو أنها كيان سياسي يجب الإنصات له.
وهذا تضليل صريح، لا يخدم سوى أجندات تتعارض مع فكرة الدولة الصومالية الواحدة والمستقرة.
لنكن واضحين: حركة الشباب تنظيم تابع للقاعدة، وهذا الارتباط هو الحاجز الأكبر الذي يمنعها من التغلغل في النظام السياسي أو من تحقيق طموحات السيطرة على الحكم.
من يتحدث عن معلومات من داخل هذا التنظيم، فإما أنه واهم، أو أنه قريب منهم بما يكفي ليُسأل عن دوافعه.
أما المقارنة مع حركة طالبان في أفغانستان، فهي مقارنة سطحية لا تصمد أمام أي تحليل موضوعي.
طالبان، رغم اختلافنا معها، خاضت حوارًا سياسيًا ولعبت دورًا في مفاوضات إقليمية ودولية.
أما الشباب، فلا تؤمن بالحوار أصلًا، ولا تمتلك من القوة ما يمكّنها من فرض رؤيتها بالقوة، لا في مقديشو ولا في غيرها.
الدولة الصومالية اليوم أقوى من أي وقت مضى، ليس فقط من حيث المؤسسات، بل من حيث الإرادة السياسية والشعبية التي تدفع نحو الاستقرار.
نحن نرى اليوم دولة تنمو ببطء ولكن بثبات، قادرة على استيعاب التحديات وتجاوزها، مستندة إلى دعم داخلي متين وإجماع إقليمي ودولي على رفض عودة البلاد إلى مربعات الفوضى.
ثم كيف نتحدث عن احتمال استيلاء جماعة كالشباب على السلطة، بينما الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يقفون بوضوح ضد هذا السيناريو؟.
هل نغض الطرف عن هذا الواقع لمجرد أن شخصًا قرر أن يُدلي بتصريح مثير؟
حتى الحوثيين في اليمن يُواجهون مقاومة شرسة، فهل نُصدق أن الشباب، بكل ما تعانيه من عزلة وضعف، ستُفتح لها أبواب الحكم؟
لننظر إلى المناطق التي تُعد اليوم نموذجًا في الأمن مثل إدارة خاتمو الإقليمية ، ولنفكر في الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء حمزة عبدي بري إلى مدينة لاسعانود، التي تمثل بوابة حقيقية لتحولات كبيرة في القرن الإفريقي.
فمثل هذه التحركات السياسية الجادة هي ما يصنع الواقع، لا التصريحات التي تُطلق بلا رصيد.
في النهاية، يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا: الجماعات الإرهابية لن تحكم مقديشو، ولن تنتصر على مشروع الدولة.
وحدة جمهورية الصومال الفيدرالية ليست مجرد شعار، بل مشروع يتحقق يومًا بعد يوم، بكل ما فيه من تحديات. والخطاب الذي يروج لعكس ذلك، لا يخدم إلا الفوضى.
المصدر: الصومال_الآن