إثنين في واحد (1).
قد روي عن الرسول المجتبى -صلى الله عليه وسلم- قوله (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف) صحيح مسلم برقم 2638 وروي بلفظ آخر (فتشامّ كما تشامّ الخيل فما تعارف منها إئتلف) المطالب العالية لابن حجربرقم 3529، وقد يعبر بعضهم عن علامات هذا التعارف للأرواح بشيء يسمونه توارد الخواطر وتلاقح الأفكار فقد تجد عند بعض الناس فكرة كانت على طرف لسانك وكأنه إنتزعها من فيك فتقول هذه فكرتي وقد سئل عمرو بن العلاء عن التخاطر فقال: تلك عقول رجال توافقت على ألسنتها.
هذا الذي أشرناه في مقدمة العنوان هو ما وجدته تفسيرا لرغبتي الشديدة في تأسيس كيان للجامعات يعبر عنهم ويسعى لتطيرهم ويتبنى رؤاهم ويوحد كلمتهم ويطور خدماتهم ويرفع من كفاءة كوادرهم ولكن لما عدت إلى الوطن وجدت الفكرة مطبقة على أرض الواقع بل يجرى الإعداد لمؤتمر علمي للجامعات البونتلاندية على قدم وساق.
الخطوة التي طال إنتظارها واشرأبت الأعناق ألى المسير نحوها وتمنت القلوب تحققها ها هي قد تم خطوها فتحول الحلم إلى حقيقة والوقوف إلى سير لا يعرف التوقف وحالة الكساد إلى سيولة متدفقة وتم بحمد الله تأسيس منظمة الجامعات البونتلاندية في 19/06 عام 2024 وكانت هذه الخطوة الأولى ذات الأهمية الإستراتيجية للجامعات البونتلاندية وقد أتت في وقتها وصادفت رجالها وصادفها رجالها إلا أن تلك لم تكن مصادفة بالمعنى الحرفي للكلمة ولكنت كانت تخطيطا وعملا سهر من أجله الرجال وشارك في تلقيح أفكارها قامات علمية طالما سعت إلى تطوير المؤسسات وتنوير العقول والخروج من المألوف ومخالفة العوائد التي لا تأتي بجديد.
فكرة التاسيس لهذا الصرح المؤسسي الجامعي البونتلاندي كانت واحدة في الإتجاه الصحيح والأخرى التي لم تقدروا قدرها كانت أنهم إختاروا لهذه المؤسسة شخصية عملية وقامة علمية رفيعة المستوى وعضوا بارزا في المجتمع المدني ووزيرا مخضرما وأستاذا جامعيا ومؤسسا لبعض الجامعات في بونتلاند ليكون المسؤول عن هذه المنظمة ويدير دفتها هو الدكتور محمد علي فارح – حفظه الله – فوفقوا في التأسيس كما وفقوا في اختيار المدير التنفيذي لهذه المؤسسة.
وكانت الخطوة الأخرى التي دلت على هذا التوفيق الذي أشرنا إليه والتي تمثل إنعطافة مهمة في التعليم الجامعي في بونتلاند بل وربما في الصومال هو تنظيمهم لمؤتمر علمي صومالي كبير يومي الخامس والسادس من مايوا لعام 2025 والذي حمل عنون (تقوية الخدمات الإجتماعية الصومالية بشكل عام والبونتلاندية بشكل خاص).
عرض في هذا المؤتمر العلمي والذي هو الأول من نوعه في بونتلاند حوالي 17 ورقة بحثية سلطت الضوء على كثير من المشكلات في مجالات الحياة والتي أهمها المجال التعليمي ومجال الحوكمة والبلديات وتقديم الخدمات الحكومية ومجال الصحة ومجال التقانة وتقنية المعلومات وغيرها من المجالات التي طالتها البحوث العلمية المقدمة من كوكبة من محاضري الجامعات في بونتلاند والصومال عموما وقد غلب على الشريحة التي ألقت البحوث علينا أن أغلبهم من الفئة العمرية التي تحت سن الأربعين أو الخمسين كما أن معظمهم من حاملي شهادات الماجستير وهذا إن دل على شيء فإن أول ما يدل عليه هو أن المنظمة تطأ أجنحتها لفئة الشباب حتى يبدعوا ويرتقوا ويصلوا.
شارك في المؤتمر وزراء سابقون وحاليون يتقدمهم وزير التعليم البونتلاندي سعادة الوزير فؤاد أبشر أحمد وبعض الشخصيات البارزة يتقدمهم الأستاذ الدكتور علي شيخ أحمد أبوبكر المؤسس والرئيس الحالي لمنظمة شرق إفريقيا للبحث والتنمية وغيرها من الشخصيات البارزة في المجالات الحكومية والمجتمعية.
قد يكون عنوان المقالة غامضا لكن لأن الفكرة وتطبيقها وعقد أول مؤتمراتها العلمية كانت بمثابة حلم لم أتصور أنني أفتح عيني عليه في أول أيامي في الوطن قلت هذه ليست واحدة ولكنها خطوتان في خطوة وجوهرتان في جوهرة وفكرتان في فكرة وواحد في إثنين فاستلهمت عنوان المقالة من هناك وهذه مقدمتها أما ملاحظاتي على المؤتمر وتقييمي لمردوده وملاحظاتي عليه فأنظروني يومين.
أ. محمد نظيف محمد
باحث دكتوراة في الإدارة التربوية
