في الشؤون السياسية والاجتماعية في المجتمعات المُتخلّفة يزداد سلوك إفشال الآخرين وإحباط إنجازاتهم، وهو مما يوحي بتدنّي هذا المجتمع وابتعاده عن الرقيّ، ولأن الحسد والسحر منتشر في تلك البيئات التي لن تنمو على المدى البعيد!!.
لدى الدراسين للشخصية الصومالية التي هي جزء من المجتمعات التي يُعاني جزء كبير منها هذا السلوك تتعدد الأمثلة على الامتعاض من الإنجاز، والسعي إلى الإفشال، وهو سلوك نفسيّ يُعرف بـ(التفكير الرغائبي، أو التفكير الرغبوي)، ويعرّفه علماء النفس بأنه تكوين الاعتقادات واتخاذ القرارات القائمة على رغبات الفرد بتمنّي ما يريده عوضًا عن التفكير الذي يستند إلى الأدلة المنطقية.
الشخصية الصومالية شخصية سريعة التمنّي الذي يوصله إلى الأعَالي والإنجاز السريع، ولكن لها أيضا سلبية ناتجة عنها، وهي الامتعاض عن إنجاز الآخرين!.
في السياسية نجد أمثلة كثيرة: تحاول المعارضة الصومالية إحباط أيّ نجاح تقوم به الحكومة، ولو على حساب ما تم إنجازه من تحقيق الأمن والاستقرار للعاصمة مقديشو التي لم تستقر منذ 1989م، فلا تريد إعطاء الحكومة فرصة لتحقيق وعودها من استكمال الدستور المؤقت، وإجراء انتخابات عامة، رغم أن هذا كان مطلبًا أساسيًّا موجودا في الدستور الانتقالي منذ 14 عاما، ولكنه لم يتحقق؟!!، لماذا؟، ألم يكن يكفي لإنجازه أربع أو خمس سنوات على الأكثر.
السياسي المحافظ الآن سواء كان رئيسًا أو رئيس حكومة أو وزيرًا سيُزَاوِل عمَل تلك المعارضة يوم غدٍ إذا تمّ إحباطه اليوم، وهكذا ندور في حلقة مفرغة.
في الشأن الاجتماعي المؤسسات العامة والخاصة يوجد فيها هذا السلوك، فالشخص المنجز الناجح أو المبدع يتم إفشاله إمّا بعَرْقلته أو بتنزيل مستواه أو بفَصْلِه إن أمكن تحت ذرائع مَّا… وهذا يعرفه من يعمل في المؤسسات العامة، اما المؤسسات الخاصة فيقلّ هذا السلوك حسب قوة المديرين أو ضعفهم.
والنتيجة أننا لن نصل إلى النتائج المطلوبة في التقدّم والتطور في الحياة العامة، سواء في التطوير الإداري المحلي الحكومي أو التقدم في الخدمات العام وانتشار المحسوبية والفسادة.
وكثير من جيلنا الجديد يفكر في الهجرة إلى الغرب، وهذا التفكير ازداد ضعفا في العقد الأخير… وهو ناتج عن إحباط كبير.!!
وهذا السلوك ينبغي لعلماء النفس دراستها، وقد راسلتني إحدى الباحثات الفاضلات التي لها قلم سيّال في الشؤون الاجتماعية، وهي متخصصة في علم النفس التوبوي قبل أيام للحصول على معلومات ودراسات حول الشخصية الصومالية، فهي أَولَى وأجدر من يَدرُس هذه الظاهرة، وغيرها طبعا من المتخصصين والباحثين، عَلَّنـــا نجد علاجا لهذا المرض الاجتماعي الخطير.