تحليل زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى مصر: مجاملة دبلوماسية تخفي خلافات استراتيجية
رغم الأجواء البروتوكولية والطابع الرسمي الدبلوماسي التي رافقت وغلّفت زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مدينة العلمين بجمهورية مصر العربية، إلا أن فحوى اللقاءات المغلقة كشفت عن تباينات عميقة بين الجانبين الصومالي والمصري، خصوصاً في الملفات الإقليمية الحساسة التي تمس الأمن القومي المصري.
1- الموقف من التحالف الثلاثي: الصومال، مصر، وإريتريا.
تشعر مصر بالقلق من أي تقارب استراتيجي صومالي- إثيوبي في هذا التوقيت بالذات، خصوصاً في ظل التحالفات الجديدة بالقرن الإفريقي، والتي تراها مصر تهديداً محتملاً لأمنها القومي، لا سيما مع التصعيد الإثيوبي في ملف سد النهضة بينما الموقف الصومالي وُصف في مصر بأنه “مائع” ولا يعكس أي التزامات سابقة تجاه التحالف الثلاثي.
2- قضية مشاركة مصر العسكرية والشرطية في قوات بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة:
من بين النقاط الخلافية البارزة، برز ملف مشاركة مصر العسكرية والشرطية في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة، حيث عبّرت مصر عن انزعاجها من تباطؤ الحكومة الصومالية في تسهيل الإجراءات الفنية واللوجستية، رغم إعلانها دعم البعثة بشرط التنسيق مع الشركاء الدوليين بينما مصر ترى أن غياب الجدية الصومالية يعوق الجهود المبذولة، ويطرح تساؤلات حول التزام الصومال بتعهداتها للشركاء الإقليميين والدوليين.
3- سد النهضة… والموقف الصومالي الغامض:
ربما كان هذا هو الملف الأكثر حساسية، إذ كانت القاهرة تأمل في موقف صومالي أكثر وضوحًا ودعمًا لموقفها في أزمة سد النهضة. لكن تصريحات الرئيس حسن شيخ حملت نبرة حيادية وعمومية، فُهمت في القاهرة كنوع من ” التحايل أو الهروب من الالتزامات”، مما زاد من فتور الأجواء.
وأخيراً، زيارة الرئيس حسن شيخ محمود لم تحقق اختراقًا في العلاقات الثنائية، بل ربما زادت من تحفظ القاهرة على سياساته الإقليمية. والرئيس الصومالي بات يُنظر إليه في بعض الأوساط المصرية كـ”حليف متقلب”، وهو ما قد يُلقي بظلاله على العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة.
الدكتور عبدالقادر غولي