في قلب منطقة أوَّاره، تقع مدينة غردُومي، إحدى المدن الصومالية التي تختزن إرثًا تاريخيًا وثقافيًا عظيمًا. ولا تُعرف هذه المدينة فقط بجمال طبيعتها الريفية، بل هي أيضًا شاهد حي على مرحلة مفصلية من تاريخ الكفاح الوطني ضد الاستعمار، حيث كانت مقرًا استراتيجيًا ومركز قيادة للمجاهد الصومالي الشهير السيد محمد عبد الله حسن، قائد حركة الدراويش.
المعالم التاريخية في غردُومي
وتحتفظ مدينة جُردُمي بعدد من الآثار العينية النادرة التي تعود إلى الحقبة الدراويشية، وتدلّ دلالة قاطعة على النشاط السياسي والعسكري والثقافي الذي شهدته المنطقة آنذاك، ومن أبرز هذه المعالم:
1. صخرة الضيوف:
وهي صخرة عظيمة كان يُستقبل عندها الضيوف من شيوخ القبائل والعلماء والرسل. لا تزال قائمة وتُروى حولها القصص الشعبية التي تُشير إلى كرم الدراويش ونظامهم الاجتماعي.
2. البئر الكبير:
بئر تاريخي كانت تشرب منه أكثر من 500 فرس تعود للمجاهدين، مما يعكس الحجم العسكري والتنظيمي الذي كانت عليه الحركة في تلك الفترة.
3. أشجار السيد محمد عبدالله حسن:
أشجار ضخمة لا تزال باقية حتى اليوم، يُقال إن السيد محمد كان يربط عندها فرسيه، وتُعدّ رموزًا محلية للوفاء والانتماء.
4. حوض الغسيل الحجري (الباف)
مصنوع من الإسمنت أو الصخر الطبيعي، وكان يُستخدم لغسل الملابس والأغطية، ويُظهر تفاصيل الحياة اليومية في المعسكرات الدراويشية.
5. منصة الخُطب
موقع مرتفع كان يخطب منه السيد محمد عبد الله حسن أمام أتباعه، ويدعو فيه إلى الجهاد والوحدة والاستقلال. هذا الموقع يُعد رمزًا للإرادة السياسية والإصلاح الديني في تلك الحقبة.
* أهمية جُردُمي ثقافيًا وتاريخيًا *
مدينة جُردُمي ليست مجرد موقع أثري، بل هي ذاكرة وطنية تستحق الحماية والرعاية. فهي تمثل رمزًا للبطولة والصمود، وتُجسد مرحلة ذهبية من مراحل مقاومة الاستعمار، كما أنها تقدم للأجيال الحاضرة دروسًا في:
1- التنظيم المجتمعي التقليدي
2- قيم الشجاعة والقيادة
3- وأهمية الحفاظ على الهوية والكرامة الوطنية.
* دعوة للحفاظ على الإرث*
ونوصي في هذا التقرير الجهات المختصة — وعلى رأسها وزارة الثقافة وهيئة الآثار في الإقليم الصومالي بضرورة:-
1-توثيق معالم مدينة جُردُمي بالصورة والصوت؛
2-إدراجها ضمن المواقع الأثرية المحمية رسميًا؛
3- تنظيم زيارات ميدانية تعليمية للطلاب والباحثين.
4- وتشجيع الاستثمار في السياحة الثقافية في المنطقة
* خاتمة *
في وقت يتسارع فيه العالم نحو الحداثة، تبقى الذاكرة التاريخية حجر الأساس الذي تبنى عليه الهوية الوطنية. وجُردُمي، بما تحمله من شواهد حية على النضال والتضحية، تستحق أن تُحفظ لا كذكرى فحسب، بل كنبض من نَبَضِ الوطن.


















