رائيلا أودينغا. الخاسر الذي لم يخسر أبدا.
استطاع بناء قواعد ديمقراطية في بلده، وتغيير الدستور وفق تعددية سياسية. هو قائد يمتلك قدرات فذة للحكم وهو خارج المكاتب الرسمية.. يخسر كل الانتخابات، ويأخذ نصف الدولة تقريبا. كان لديه كاريزما عالية لتحريك الجماهير، وقدرات فائقة لبناء التحالفات.
لم أويد حزبه ولا سياساته في حياتي، لما له من مواقف سلبية تجاه الوحدة الوطنية الصومالية، وكانت له نزعات تقوده إليها مصالحه الذاتية، وكان ينحرف قليلا عن القيم والمبادئ التي ناضل لاجلها مرات عديدة، ورغم ذلك، فهو قائد تاريخي، ومن النادر أن يتكرر نظيره في المشهد السياسي الكيني. والمؤسف حقا، أنه لم يورّث ولم يهيئ خليفةً يقود المسيرة من بعده، ويرحل في مرحلة سياسية فارقة.
تعازينا للرئيس الكيني وليام روتوا، الذي خسر صديقا أنقذ معه الواقع السياسي للبلاد من الانهيار والصدام، ومع ذلك، ومن الآن فصاعدا، سيلعب الرئيس الكيني وحده في الملعب وسط حلبة فارغة وبدون منافس. وربما سيتمكن الرئيس “روتوا” أن يمد رجليه كما يشاء.
كينيا، تفقد اليوم رجلا كان جهاز التحكم في التوازنات السياسية والتجاذبات المجتمعية قرابة نصف قرن مضى.
رائيلا أودينغا كان زعيما فذاً وقائدا افريقيا، مع أنني لم أكن معجبا ببعض مواقفه وطموحاته الذاتية.
بخلاصة، رحل عن عالمنا بهدوء رجل سياسي محنّك وبامتياز.