شهدت دولة الإقليم الصومالي خلال العام المالي 2024/2025 (الموافق لعام 2017 بالتقويم الإثيوبي) طفرة ملحوظة في قدرته على جمع الإيرادات المحلية، في إنجاز يُعدّ من أبرز المؤشرات على تطور نظام الإدارة العامة وفعالية المؤسسات الحكومية.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد كان من المخطط تحصيل 17.6 مليار بر من الإيرادات، إلا أن الجهود المكثفة التي بذلتها الجهات المختصة، وفي مقدمتها مكاتب الضرائب والإيرادات، أثمرت عن جمع 18.5 مليار بر، ما يمثل 104.6% من الهدف المُحدد. وبهذا، سجّل الإقليم إيرادات إضافية بلغت 900 مليون بر مقارنة بالخطة الأولية.
هذا الإنجاز لم يكن رقميًا فقط، بل كانت له انعكاسات هيكلية واضحة، حيث أصبحت الإيرادات المحلية تُشكّل 45% من إجمالي ميزانية الإقليم، مقارنة بـ15% فقط قبل سبع سنوات، حين كانت الحكومة الفيدرالية تغطي 85% من الميزانية عبر الدعم المالي. آنذاك، كانت مؤسسات تحصيل الضرائب تعتمد على أساليب تقليدية، وأحيانًا غير عادلة حبث أدت إلى تحميل عبء الضرائب بشكل غير متوازن على قطاعات مثل الرعاة والتجار، مما أحدث حالة من عدم الرضا وفقدان الثقة في النظام الضريبي.
أما اليوم، فقد أسهم الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي في فتح آفاق جديدة أمام النشاط التجاري والاجتماعي، مما وفّر بيئة ملائمة لتوسيع قاعدة الإيرادات المحلية بعدالة وفعالية. وفي هذا السياق، وضعت الحكومة خطة طموحة لرفع الإيرادات إلى 30 مليار بر خلال الأعوام القليلة المقبلة، وهو ما من شأنه أن يجعل الإيرادات المحلية تُغطّي 47% من الميزانية العامة، في طريق واضح نحو الاكتفاء المالي الذاتي.
وأكد رئيس الإقليمالصومالي السيد مصطفى عمر، في تصريح له من أن “نجاح أي نظام حكومي لا يُقاس فقط بحجم المساعدات التي يتلقاها، بل بقدرته على تعبئة موارده الذاتية وتقديم خدمات عامة تموَّل داخليًا، بعيدًا عن الاعتماد على الغير”. وشدّد على أهمية التزام المواطنين بدفع الضرائب باعتبارها واجبًا وطنيًا وأساسًا لتحقيق تنمية عادلة وشاملة.
ودعا الرئيس جميع فئات المجتمع إلى مواصلة التعاون مع الجهات الحكومية، مشيرًا إلى أن زيادة الإيرادات لا تعني بالضرورة فرض أعباء جديدة، بل تحسين الكفاءة، ومكافحة الفساد، وتوسيع القاعدة الضريبية دون ظلم أو استثناء.
** نحو نموذج حكم محلي قائم على الشفافية والاعتماد على الذات **
ما تحقق حتى الآن في الإقليم هو خطوة على الطريق الصحيح،ونحو تعزيز الحوكمة الرشيدة والتنمية المستدامة. ومع استمرار الإصلاحات والتحديث المؤسسي، يبدو أن الإقليم ماضٍ بثبات نحو نموذج تنموي يُحتذى به على المستوى الوطني.


















