بونتلاند خارج الملعب: هل كتب دني نهاية نفوذ الولاية الأم في الصومال بيده؟
✍️ بقلم:
عبد الرحمن سهل يوسف
كاتب ومحلل سياسي صومالي
(مدخل)
عندما يقرر السياسي أن يعزل نفسه كما فعل الرئيس سعيد عبد الله دني، فإن الأمر يتحول إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر قد تضعه في مسار غير محسوب العواقب.
فالسياسي الذي يقطع علاقته بحلفائه السابقين، سواء مع قادة ” فيلا صوماليا” ورئاسة الوزراء الفيدرالية أو حتى مع من ساعدوه للوصول إلى سدة الحكم، ثم يقنع نفسه بأنه قادر على إدارة الأمور وحده.
إنما يسير في طريق مليء بالتحديات، وهو ما ينطبق اليوم على رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني.
(أزمة التحالفات المقطوعة)
منذ أن أدار دني ظهره لتحالف “Aran Jaan” وقطع اتصاله مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو، أغلق على نفسه أبوابًا واسعة كانت تتيح له فرصًا كبيرة للتأثير والمشاركة.
هذه الخطوة لم تحرمه فقط من دعم سياسي مهم، بل أدخلته في مواجهة مباشرة مع تحديات اقتصادية وتنموية ضخمة مثل إنعاش الاقتصاد المحلي، تنفيذ المشاريع الاستراتيجية، وتوفير فرص عمل للشباب.
وهي مهام لا تستطيع ولاية واحدة إنجازها دون تعاون وثيق مع الحكومة المركزية.
(العزلة السياسية وخسائرها)
إن المضي في سياسة الانعزال ليس مجرد خيار، بل خطأ استراتيجي يقود إلى فقدان النفوذ تدريجيًا، حيث يتحول السياسي إلى لاعب وحيد في ملعب فارغ، فتفقد اللعبة معناها وتتحول إلى خسارة مؤكدة.
السياسة تقوم على الحوار، بناء التحالفات، والتفاعل المستمر مع مختلف الأطراف، حتى الخلافات المفتوحة قد تكون مفيدة أحيانًا، لكن الانسحاب الكامل عن المشهد يحول الفاعل السياسي إلى عنصر هامشي في معادلة معقدة.
(تناقض المواقف والمأزق القائم)
المفارقة أن دني، الذي يعيش اليوم في عزلة سياسية صنعها بيده، يحاول في الوقت نفسه إخراج شخصيات أخرى مثل الشيخ أحمد مذوبي من عزلاتهم، في مشهد يثير التساؤلات حول جدوى هذا النهج.
ولعل الدوافع التي تقف وراء هذه العزلة لا تخرج عن سببين
: الغرور وسوء التقدير السياسي، أو الرهان على قوى خارجية يعتقد السياسي أنها ستلبي مطالبه، وهو رهان يحمل مخاطر حقيقية على سيادة الدولة الصومالية ويقود إلى مزيد من الاضطرابات.
(بين الماضي والحاضر: مقارنة تكشف الفارق)
الوضع الحالي للرئيس دني يختلف جذريًا عما كان عليه بين عامي 2019 و2022، حين كان حاضرًا بقوة في المشهد السياسي ويتنقل بين بونتلاند ومقديشو، بينما اليوم يبدو غائبًا بشكل كامل.
في في الماضي، لم يتردد قادة بونتلاند مثل عبد الله يوسف، عبد الرحمن فرولي، وعبد الولي غاس في خوض النقاشات السياسية الساخنة في العاصمة.
فلماذا يختار دني الآن سياسة الغياب؟ هل ينتظر لحظة معينة لقلب الموازين أم أن الأمر مجرد مناورة سياسية؟
في كل الأحوال، فإن الانعزال لم يكن يومًا أداة فعالة لتحقيق المكاسب السياسية، لأن السياسة تُدار بالحضور، بالمفاوضات، وببناء الجسور، لا بالابتعاد وكأن الأمر حجر صحي سياسي.
(الحل: العودة إلى طاولة التفاهم)
رغم كل شيء، لا تزال أمام الرئيس دني فرصة ذهبية لتغيير المسار وكسر هذه العزلة التي فرضها على نفسه.
الطريق واضح: إنهاء سياسة الانعزال، والتوجه إلى مقديشو والجلوس مع الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء حمزة عبدي بري، وإعادة دمج بونتلاند في المشهد الفيدرالي بشكل يخدم مصالحها ومصالح الدولة ككل.
السياسة ليست ساحة للمكابرة، بل مجال للحوار والمصالح المشتركة، وكل يوم يمر يزيد من كلفة هذه القطيعة.
لذا، فلتكن العودة قبل أن يفوت الأوان، فمقديشو كانت وستظل البيت السياسي لكل الصوماليين
المصدر: الصومال الآن
















