*معارك بلا ميادين *”
أكثر ما يلفت الانتباه في المعارك دائرة في المنابر بين الحركات السلفية الصومالية *بأنها هي ذات المعارك التي تسمى بلغة القرآن “فتنة” وبلغة القانون “نزاع داخلي”، وبلغة الثقافة المعاصرة “حروب منتهية الصلاحية” وبلغة الواقع المجتمعي “مأزق مستورد” وبلغة السياسة “أجندة خارجية”، وبلغة المنطق “ملاحم خاسرة”*.
وإذا حاولنا من زاوية أخرى أن نلقي من أعلى الجبل نظرة تحليلية شاملة فالانعكاس النظري يعكس لنا *أن هذه المعارك كلامية الطاحنة هي معارك بلا ميدان بشري ولا إيدلوجي ولا حتى برغماتي نفعي*.
فالجمهور البشري المستهدف من هذه تراشقات الجدلية هو *جمهور شبابي عصري دون سن الثلاثين*، لا يهتم كثيرا بمواطن اختلاف، له نظرة كلية تقربه إلى اعتزال الجزئيات، وهو إنساني في تفكيره، مثله مثل شاب الغربي الذي يناضل لغزة من أجل أنها قضية إنسانية، *فالشاب الصومالي اليوم “إنساني وفردي في تحركاته وفي انتمائاته الفكرية *” لا يمكن أن يعود وينفض الغبار عن جولات وتكتلات عفي عليها الزمن من أجل أن يكون جزءا غير مستفيد من *حلقات صراع*.
أما *أيديولوجيا* فإن الأفكار والمعتقدات *التي تشكل أساس النظام الفكري والعقدي لمعركة المنابر للطرفين هي متشابه ومتطابقة*، وجل الصراع هو في المنهجيات التي تعالج هذه الأسس، ومعالجتها تكون في أورق البحث وليس أمام الملأ متفاوت التفكير، لذا؛ هي ليست معركة إيدلوجية إطلاقا *.
وهذا الصراع لا يحمل في أفاقه القريبة أو البعيدة أي نفع للإنسان الصومالي المعاصر، بل *هي خطيرة جدا وقد تكون سببا في أن تتحول إلى صراع قبلي رخيص بثوب الدين، وهو ينطلق من منطلق الدفاع السلبي ظاهريا عن معتقده الديني*.
ولا يختلف اثنان بأن هذه المعارك *لا تؤسس لفعل حضاري*، والبعد النظري فيها لا يرتبط بالبعد الفعلي الذي ينتظره المجتمع، وهي أيضا ضيقة الأفق لا تراعي فقه الواقع، ولا تناسبه *لأنها تستقوي بالمذهبات القديمة التي يغيب عنها الحالة المعاصرة*، والمضحك والمبكي بأنها معارك توقف فيها الإبداع، *وتسير بمحركات بألية قديمة الصنع تفتقد القدرة على إقناع المجتمع صومالي المسحوق من جميع الجهات بأنها معارك ضرورية*.
فمن الحكمة الاعتراف *أنها معارك دون قصد منها فرقت أكثر ما جمعت، وأن لا غالب فيها ابداً مهما بلغت قوته*، وأن المغلوب والخاسر الوحيد هي *آمال ومعنويات الأمة الصومالية التي تنظر مفجُوعة إلى نخبتها الدينية تتصارع بلا تدبر*.
د.*فاطمة حوش*
20/7/2025















