الصومال والولايات المتحدة: شراكة استراتيجية لترسيخ الأمن ومنع التطرّف في القرن الأفريقي
تُعَدّ جمهورية الصومال الفيدرالية اليوم شريكاً أساسياً وفاعلاً للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة التي تفرضها التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها حركة الشباب وتنظيم داعش. وقد أثبتت الشراكة الأمنية بين مقديشو وواشنطن فعاليتها من خلال عمليات ميدانية مشتركة وتعاونٍ استخباراتي متقدم أسهم بشكل مباشر في تقليص قدرة هذه الجماعات على التمدد داخل الأراضي الصومالية.
وخلال عام 2025 وحده، نفذت القوات الصومالية بالتنسيق مع القوات الأمريكية أكثر من عشرين ضربة جوية دقيقة وناجحة، وهو ما يعكس مستوى عالٍ وغير مسبوق من التعاون الثنائي. وقد تجاوز هذا التعاون البعد العسكري التقليدي ليشمل دعم بناء القدرات المؤسسية للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الصومالية، وتبادل المعارف والخبرات، ووضع خطط تكتيكية مشتركة تهدف إلى استعادة الأمن والاستقرار في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة الجماعات المتطرفة.
ومن المهم التأكيد في هذا السياق على أن التنظيمات الإرهابية لا تنجح في تحقيق مكاسب على الأرض إلا في بيئات تعاني من الانقسام الداخلي أو ضعف الأجهزة العسكرية والأمنية. ولذلك فإن وحدة الصومال وسلامة أراضيه، إلى جانب قدرة جيشه الوطني وأجهزته الأمنية على فرض السيادة على كامل الجغرافيا الوطنية، تُعدّ الحجر الأساس لأي استراتيجية ناجحة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وأي موقف سياسي أو خطاب داعم لمسارات الانقسام أو التشجيع على فصل أجزاء من التراب الصومالي، سواء صَدَر عن أفراد أو مجموعات داخل الولايات المتحدة أو بريطانيا، لا يخدم أهداف محاربة الإرهاب، ولا يعكس حرصاً حقيقياً على استقرار المنطقة. بل على العكس من ذلك، يشكّل عاملاً يقوّي التنظيمات الإرهابية ويمنحها فرصة لاستغلال الثغرات والانقسامات من أجل توسيع نشاطها، وهو ما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء، بما في ذلك أمن الملاحة عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
إن استمرار الشراكة الصومالية – الأمريكية في إطار احترام سيادة الدولة الصومالية ودعم قدراتها العسكرية والأمنية، يمثل الخيار الأكثر فعالية لضمان مستقبل آمن ومستقر لشعب الصومال، والمحافظة على المصالح الحيوية للمجتمع الدولي في هذه المنطقة الاستراتيجية.
الخلاصة
1. تؤكد الدراسات الأمنية أن وجود قوات عسكرية وأمنية وطنية موحدة وقادرة على بسط السيادة على كامل التراب الوطني هو العامل الحاسم في نجاح عمليات مكافحة الإرهاب.
2. الانقسام أو دعم أي مشاريع انفصالية يضعف الدولة ويخلق بيئة ملائمة لنمو الجماعات المتطرفة.
3. القوات الصومالية أثبتت ميدانياً قدرتها على مواجهة الجماعات الإرهابية، وهي لا تقبل بأي مسار يُضعف وحدة البلاد أو يمس بسلامة أراضيها.
4. التصريحات الصادرة عن بعض النواب في الولايات المتحدة وبريطانيا، التي تُفهم على أنها دعم لمشاريع الانقسام، لا تصب في مصلحة مكافحة الإرهاب، ولا تُسهم في حماية وحدة الصومال أو استقرار القرن الأفريقي.
5. المسار الأمثل لضمان أمن المنطقة يتمثل في دعم الجيش الصومالي وتعزيز مؤسسات الدولة الصومالية في إطار احترام وحدتها وسيادتها على كامل أراضيها.















