بعد سقوط الخلافة العثمانية في بدايات القرن الماضي اجتاحت العالم الاسلامي ما يسمى بالصحوة الاسلامية ، وتم تأسيس مجموعة من الحركات الاسلامية والتي انتشرت في ارجاء العالم الاسلامي.
وترسخت الفكرة السلفية في بلاد نجد متمثلة بالمنهج الوهابي الذي تزعمه الشيخ محمد بن عبدالوهاب والذي لقيت دعوته ترحيبا واسعا في ارجاء المملكة العربية السعودية والخليج وكثير من البلدان الاسلامية.
وكذالك تم تأسيس حركة الاخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن البنا من مصر العربية وانتشرت حركته في الكثير من البلدان الاسلامية .بينما كان المذهب الصوفي واسع الانتشار في العالم الاسلامي وكان له الملايين من الاتباع في العالم الاسلامي.
انتشرت هذه الحركات الاسلامية الصحوية في العالم الاسلامي ولقيت ترحيبا منقطع النظر لدى المسلمين واصبح لهذه الحركات الملايين من الاتباع في العالم الاسلامي.
ورغم انتشار مناهج هذه الحركات الاسلامية في جميع البلدان الاسلامية الى ان معظم رواد فكر هذه الحركات في البلدان الاسلامية التي وصلت اليها هذه الحركات استطاعوا توفيق منهج هذه الحركات لتجربات وطنهم ، فهؤلاء رغم استلهامهم بهذه الحركات التي كان منبعها السعودية ومصر الا ان قرارها كان وطنيا ولم يكن تابعا للبلدان الاخرى .
فرواد الحركات الاسلامية في تونس وتركيا والمغرب والسودان على سبيل المثال مستقلون في ادارة قرارات حركاتهم مما اتاح لتجربة الحركات الاسلامية في هذه البلدان نجاحا باهرا.
وبالنظر للصومال فكان المذهب الاشعري هو سيد الموقف في القرن الافريقي وكان لهذا المذهب علماء اجلاء حافظوا للامة الصومالية شرفها وعزها وحاربوا الاستعمار وتولوا مهمة الدفاع عن الدين الاسلامي.
وبعد ان اجتاحت الصحوة الاسلامية في العالم الاسلامي وصلت الحركات الاسلامية الى الصومال في السبعينات من القرن الماضي ، وتمكن خريجوا الجامعات الاسلامية من العلماء الصوماليين من نشر افكار هذه الحركات في الصومال.
وحمل خريجوا الجامعات السعودية الفكر السلفي وحاربوا بشدة الفكر الاشعري الذي كان يسود الصومال ، وانتشر الفكر السلفي في الصومال بصورة كبيرة ، وكان علماء السلفية منذ ذا الزمن مرتبطين بالخليج العربي واصبح قرارهم مرتبطا بالفكر السلفي السعودي ، ولم يستطيعوا صوملة الفكر السلفي في الصومال ، فعلماء السلفية في الصومال يبجلون ويتبعون بصورة كبيرة لعلماء السلفية في السعودية دون غيرهم من العلماء في العالم الاسلامي ، ويرى الكثير منهم ان المبدأ الاسلامي الذي لا ينبع من نجد فهو غير ديني وغير صالح للامة الاسلامية .
ولقي الفكر السلفي دعما منقطع النظير من الخليج العربي مما اتاح له ازاحة الفكر الصوفي الذي بدوره لم يجد دعما كما دُعِم الفكر السلفي في الصومال.
اما الفكر الاخواني الصومال فقد حمله العلماء الصوماليون المتخرجون من الجامعات المصرية ، واستطاعوا تأسيس حركة الاخوان المسلمين المسمى بالاصلاح في القرن الافريقي ، واستنسخوا تجربة الحركة الاخوانية المصرية في الصومال.
ويتراس الحركة الاخوانية الصومالية مراقب عام يتبع اداريا وفكريا للحركة الام في مصر، ولم يستطع رواد الفكر الاخواني في الصومال من صوملة الفكر الاخواني في القرن الافريقي كما استطاع رواد هذا الفكر في البلدان الاسلامية الاخرى مثل التجربة التونسية والمغربية والتركية التي استطاعت ان يكون قرار الحركة في هذه البلدان نابعا من الفكر الوطني لهذه البلدان.
ولعل افضل مثال بفشل صوملة قرار وادارة الحركة الاخوانية الصومالية هي انه في ابان الخلافات التي حدثت لحركة الاصلاح في الصومال في بدايات هذا القرن وانشقاقها الى حركتين الدم القديم والدم الجديد ، فقد سعى كل من هذا الطرفين الى حصول الشرعية من مكتب الارشاد للحركة في مصر ، وتبنى الاخير مكتب الارشاد في مصر ان ما يعرف بالدم القديم لحركة الاصلاح في القرن الافريقي هو الممثل للفكر الاخواني والمعتمد من قبل مكتب الارشاد.
ونستنتج من هذه ان رواد فكر الحركات الاسلامية في الصومال لم يستطيعوا صوملة فكرهم وقراراتهم لكي تواكب تجربة الحركات الاسلامية في البلدان الاسلامية ، بل اصبحنا تابعين لتجربات بلدان معينية ، فتجربة الفكر السلفي في السعودية لن تكون مثل تجربة الفكر السلفي في الصومال ، وايضا تجربة الفكر الاخواني في مصر لن يكون مثل تجربة الفكر الاخواني في الصومال.
لذا فمقالي ليس طعنا لهذه الحركات ، وانما اود ان اشير وانصح انه يجب ان يكون قرارها صوماليا وان تكون لهذه الحركات تجربتها الخاصة لنكون نحن الرواد ويكون علماؤنا روادا في هذه الافكار ولتكون لهم كلمة مسموعة في العالم الاسلامي بدل ان يكونوا محكومين من علماء ومفكري دولة اخرى، وبحيث لا نرفض التعاون والتكامل مع العلماء والمفكرين الآخرين وانما نقول خلونا نعيش تجربتنا الخاصة بنا.