التوحيد في الاسلام رمز لوحدة الامة على الأصول وتسامح على الفروع ولكنه تحول الى اداة للتفريق والتقسيم على أيدي بعض التيارات اسلامية حيث حولت التوحيد الى عامل من عوامل الفرقة والاختلاف وجعلته ايديولوجية خاصة بها وإضافته الى بنود اخرى ليكون لها نسختها المميزة في التوحيد حسب فهمها ومن لم يُؤْمِن بهذه الإضافات فهو خارج دايرة الاسلام.
بعد ان جاءت بعض الجماعات بأنواع التوحيد الثلاث حسب فهمهم الخاص بحيث لا يكتمل توحيد الانسان حتى يُؤْمِن ان لله يدا وعينا وساقا. ثم جاءت جماعات أخرى بتوحيد الحاكمية التي بدونها لا ينفع الانسان توحيده ولا صلاته ولا صومه واعتبروا أنه هو أصل أنواع التوحيد الاخرى! فإذا انهدم الأصل سقطت الفروع. ولا نستبعد أن تظهر جماعات أخرى وتضيف بنودها الخاص في التوحيد مثل توحيد الهجرة أو توحيد العزلة، والحبل على الجرار.
الاسلام ليس رمزا لوحدة الامة فحسب وانما هو رمز للوحدة الوطنية لامتنا ودعامة من دعائم توحيد الصفوف فهو ملك للجميع ورأسمال رمزي لا يمكن ان تحتكره فئة او جماعة من المسلمين لانه اكبر من هذه الجماعات كلها ويسعنا جميعا مع تعدد مذاهبنا واختلافنا في الفروع.
فهذا الاختلاف في الفروع شيي طبيعي ومن سنة الله في الكون وحكمة الله اقتضت هذا الاختلاف لأنه خلقنا مختلفين ومن يطلب الوحدة والتشابه في كل شيي فكأنه طلب المحال أو عارض إرادة الله في خلقه. ولكن الاختلاف في الفروع ليس بالضرورة أن يؤدي الى الخلاف والانقسام والتنازع، لان الاختلاف ثراء وتنوع اذا احسنا التعامل معه ويتحول الى تشرذم وتفرق اذا أسأنا التعامل معه. نحتاج الى إشاعة ثقافة الاختلاف بيننا والإنصات للاخر فما يجمعنا اكثر مما يفرقنا ولكننا نركز دائماً على نقاط الاختلاف مما يوسع هوة الخلاف والشقاق بيننا ويبث الحقد والكراهية في علاقاتنا .
هذه المجتمعات التي نراها اليوم آمنة ومستقرة ومتسامحة مرت بفترات من عمرها تشبه بالمرحلة التي تمر بها محتمعاتنا اليوم أي مرحلة التيه جماعات متناحرة تكفر كل منها الاخرى وتخوض حرب الكل ضد الكل وتكفير الكل للكل حتى انتهت اخير الى ان القتل لا يودي الا الى القتل والتكفير لا يفضي الا الى التكفير والاقصاء لا يلد الا الاقصاء فقرروا اعمال العقل وانتهوا الى انه لا مناص من الحوار والتسامح والتعايش. هذه النقاشات وهذا الحراك والتيارات المختلفة والطوائف المتصارعة في طول العالم الاسلامي وعرضه مرحلة ضرورية لا بد منها ولكننا لا ندري كم من الويلات والدماء نحتاج الى دفعه حتى نعود الى رشدنا ويعترف الجميع ان هذا الطريق مسدود ولن يؤدي إلا إلى مزيد من الدماء والدمار والخراب، وأن البديل هو الحوار واستيعاب خلافاتنا والاعتراف بالاخر واحترام حريته في الاقتناع وحقه في الاختبار.
















