من يتابع الأحداث المتسارعة والتحركات السياسية والعسكرية التي تقوم بها إسرائيل والولايات المتحدة، يشعر وكأن الأمور تتسارع بشكل غير مسبوق. ويبدو أن هناك من يعتقد أن هذه التحركات تهدف إلى تحقيق أهداف مشبوهة موثقة في كتبهم التي يدّعون أنها مقدسة، رغم أنها ليست سوى خرافات تُسجل ضمن تقارير أفعالهم باسم الدين والحرب المقدسة، بهدف بناء “الهيكل المزعوم” أو ما يسمونه “إسرائيل الكبرى”. كما أنهم يُسرعون في ظهور “الدجال” الذي يعتقدون أنه الخلاص النهائي لهم، ويعتبرونه المنتظر في معتقداتهم.
قال تعالى: “يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِّنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ”.
وقد فسر العديد من المفسرين هذه الآية على أن “يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا” تعني الاستهزاء بها وإنكارها من قبل الذين لا يؤمنون بها. ولكن يمكن أيضًا تفسير “يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ” على أنهم يظنون أن مجيئها سيجلب لهم الخير والنصر والغلبة، وذلك بسبب جهلهم بما سيحدث حينها، إذ يعتقدون أنها ستؤول لصالحهم دون أن يدركوا حقيقتها ونتائجها الوخيمة عليهم.
في الآونة الأخيرة، تابعت مقاطع فيديو يظهر فيها قادة وكهنة اليهود، حيث يعبرون عن اعتقادهم بأنهم يقتربون من تحقيق حلم بناء دولة تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات، وبناء “الهيكل المزعوم” اليهودي على أنقاض “مسجد الأقصى”، وهو ما يعني أن دائرة الصراع ستتسع بشكل أكبر في المستقبل القريب. هذا التأكيد من إسرائيل على تحقيق هذه الأهداف يعكس دعماً قوياً من قبل الإدارة الأمريكية الحالية، التي تبنت سياسة متشددة تتماشى مع العقيدة التيارات المسيحية المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا. حيث يعتقد هؤلاء أن دعم إسرائيل ليس فقط واجباً سياسياً بل هو واجب ديني مقدس، وأن هذا الدعم يعجل في تحقيق ما يسمونه بـ “النبوءات” التي يؤمنون بها.
الإدارة الأمريكية، تحت قيادة الرئيس ترامب، لم تقتصر على دعم إسرائيل فقط، بل اعتمدت في سياستها على ربط هذا الدعم برؤية دينية تجعل من “إسرائيل الكبرى” هدفاً مقدساً يجب تحقيقه. وعليه، نجد أن وزير الخارجية الأمريكي، سفير الولايات المتحدة في القدس، وجميع المسؤولين الأمريكيين الذين يدعمون هذه السياسة يعبرون عن نفس الموقف المتسق مع تلك الرؤية الدينية والسياسية. هذه السياسة ليست مجرد تكتيك سياسي عابر، بل هي استراتيجية ممنهجة تحظى بتأييد قوي من دوائر دينية تؤمن أن دعم إسرائيل هو السبيل لتحقيق التطلعات الدينية الخاصة بهم.
أما بالنسبة للمسيحيين الإنجيليين، فإنهم يعتبرون أن ما يحدث في المنطقة هو بداية للظهور المنتظر للمسيح عيسى عليه السلام، وأنه سيكون بمثابة الخلاص لهم. ومن ناحية أخرى، يعتقد اليهود أنهم على مقربة من ظهور “الدجال” الذي سيكون جزءاً من النهاية المقررة في معتقداتهم.
أما المسلمون، فيرون أن ما يحدث الآن هو مقدمة لحروب ومصائب كبيرة لا يمكن تجنبها مهما حاولوا تأجيلها، مع إيمانهم بأن الساعة ستقع في وقتها المحدد من قبل الله تعالى، وليس بناءً على استعجال إدارة ترامب أو رغبات الذين يسعون لتحقيق تلك الأهداف الباطلة مصداقا لقول الله تعالى: (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ ۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِى ٱلسَّاعَةِ لَفِى ضَلَٰلٍ بَعِيدٍ)
بقلم: علي أحمد محمد المقدشي