يستعد الصومال لتحقيق انتعاش اقتصادي كبير بحلول عام 2024، مدفوعًا بالانتعاش في الزراعة والخدمات والاستهلاك الأسري، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن بنك التنمية الأفريقي.
ويتوقع أن يشهد نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7 في المائة في عام 2024 و3.8 في المائة في عام 2025، مما يشير إلى تحول واعد في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
وأشار وزير المالية في الحكومة الصومالية الفيدرالية بيحي إيمان عغي إلى أن تنفيذ الإصلاحات المالية حققت نتائج ملموسة حيث شهدت الإيرادات زيادة ثابتة بنسبة 25 في المائة كل شهر على مدى الأشهر الثمانية الماضية.
وبالإضافة إلى زيادة الإيرادات المحلية فإن الصومال متفائل أيضًا بشأن آفاق نموه الاقتصادي لعام 2024، وأعلن الوزير عن معدل نمو اقتصادي متوقع يبلغ 3.7 في المائة مقارنة بـ 2.8 في المائة المسجلة في العام الماضي.
وأفاد مديرية الإيرادات المحلية للبي بي سي – القسم الصومالي أن الصومال شهد نموًا اقتصاديا كبيرا بين عامي 2013 و2023.
وأرجع الخبير الاقتصادي الصومالي شافعي يوسف عمر ارتفاع النمو الاقتصادي إلى تحسن الوضع الأمني في البلاد، ومن أجل اتخاذ خطوة إلى الأمام يمكن تشجيع الاستثمار في البلاد والحكومة التي عززت الضرائب والعقوبات والديون.
ولأول مرة بات الاقتصاد الصومالي واعدًا إثر عقود من الدمار في ظلّ حرب أهلية طاحنة، وجفاف وفيضانات مدمّرة، بات الصومال الآن على أعتاب نهوض غير مسبوق منذ عام 1990م.
أوّل هذه المعطيات؛ انضمام الصومال إلى (مجموعة شرق أفريقيا) في 24 نوفمبر 2023م، وهي مجموعة إقليمية مقرّها في أروشا بتنزانيا، وتضمّ في عضويتها: الكونغو، كينيا، رواندا، جنوب السودان، أوغندا، تنزانيا، وهذا ما يوفّر أسواقًا مجاورة للصومال، فضلًا عن قدرات أكبر في مكافحة الإرهاب، مما يعزز الاستقرار، وثاني هذه المعطيات إعفاء الديون عن الصومال في ديسمبر 2023م.
وقد أدت أهلية الصومال للحصول على 4.5 مليار دولار لتخفيف عبء الديون بعد نهاية عام 2023 للبلدان المثقلة بالديون إلى تحسين القدرة على تحمل ديون البلاد بشكل كبير، كما أن الانضمام إلى مجموعة شرق إفريقيا (EAC) يمكّن الصومال من الاستفادة من التعاون التجاري والأمني في المنطقة.
ويرى شافعي في حديثه لخدمة البي بي سي القسم الصومالي أنه من المهم للغاية تحسين استراتيجية الحكومة المركزية والحكومة الفيدرالية، التي يجب توحيدها من جميع الجوانب، وتوحيد الأعمال العامة والأنشطة الأخرى.
وفي كلمة له في منتدى تنمية الصومال الذي نظمه معهد دراسة التراث والسياسات “هيرتيج” الذي انعقد في مقديشو الأسبوع الماضي أفاد رئيس الوزراء الصومالي السيد حمزة عبدي بري أن الاستثمارات الخارجية وصلت قيمتها إلى سبعمائة مليون دولار، كما ارتفعت موازنة الحكومة الفيدرالية لأول مرة إلى ما يقارب مليار دولار، وكذا التجار المحلية التي تعتبر عصب الاقتصاد الصومالي ارتفعت بشكل ملحوظ.
التعافي من أزمة “كوفيد 19”:
وشهد النمو الاقتصادي في الصومال عام 2020 انخفاضا بنسبة (8%) بسبب أزمة الانتخابات وفيروس كوفيد19 الذي اجتاح العالم، إلا العجزي المالي العام في الصومال شهد تحسنا حيث تجاوزت الإيرادات المحلية مستويات ما قبل كوفيد 19 ابتداء من عام 2022.
ويعمل صندوق النقد الدولي مع الحكومة الصومالية لزيادة العائدات المحلية، لسد جزء من العجز السنوي، من خلال تنفيذ إصلاحات هيكلية كلية، تشمل قانون ضريبة الدخل الجديد، وزيادة تحصيل الإيرادات من الشركات الكبرى، وخطة دمج الرواتب وتنفيذ سياسة الأجور والدرجات.
وتعول الحكومة الفيدرالية على التجارة والمزايا المتوقعة بعد الانضمام إلى مجموعة شرق أفريقيا (EAC)، إضافة إلى العائدات المُنتظرة مع بدء استخراج النفط من مناطق الامتياز البحري.
ويعتمد الصومال بشكل كبير على الواردات الأجنبية، التي تعد جزءًا من اقتصاد البلاد بأكملها.
استخراج النفط ودوره في نمو الاقتصاد الصومالي:
وأعلنت تركيا أنها بدأت التنقيب عن النفط البحري في الصومال في يوليو الماضي، وذلك في أعقاب اتفاقية في مجال الطاقة أبرمتها مع الصومال.
ومن المتوقع أن تبدأ الصومال حفر أول بئر نفط في البلاد في أواخر العام الجاري 2024، حيث بدأت الشركة التي حصلت على العقد بالفعل في تحديد الموقع الأنسب لأول بئر نفط سيتم إنتاجه في المنطقة الساحلية (منطقة هوبيو بمحافظة مدغ).
وقال وزير النفط والمعادن الصومالي عبد الرزاق عمر محمد في مقابلة مع بي بي سي إن الصومال ستنتج أول منصة حفر في الصومال في وقت لاحق من هذا العام، والتي من المتوقع أن تكون المادة الخام، ثم يتم إرسالها ليتم اختبارها.
وفي مقابلة أجراها وزير البترول مع إذاعة بي بي سي، تحدث عن خطة إنتاج النفط وتسلسل أنشطة إنتاج النفط الخام.
وقال الوزير إن جهود استخراج الموارد النفطية في الصومال وصلت إلى مرحلتها النهائية، والخطة تتمثل في حفر أول بئر نفطي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري.
وأصبحت ولاية غلمدغ محظوظة بكونها أول مكان سيتم فيه التنقيب عن النفط، كما شهدت منطقة هوبيو، التي تخطط لبدء العمل على شواطئها، بزيارة خبراء من الهيئة الوطنية للنفط وعقدت اجتماعات مع السكان المحليين.
وهناك نحو 250 قطعة في الساحل الصومالي بالمحيط الهندي تم تخصيصها بالفعل، بحسب الوزارة، لكن وزير النفط أكد أنه في الوقت الحالي هناك 7 كتل في وسط وجنوب الصومال، في غلمدغ (3 حزم)، وجنوب الغرب (حزمتان) وجوبالاند (حزمتان)، اللتان من المخطط أن تنتجا النفط للتصدير في المستقبل.