العلاقات الصومالية التركية ليست حديثة، بل موجودة منذ أيام الدولة العثمانية، حيث ساندت تركيا ثورة “الدراويش” التي قادها السيد محمد عبد الله حسن بين عامي 1899- 1920 في محاولة منه لتحرير بلاده من قبضة الاستعمار البريطاني الإيطالي، وتعد العلاقات الصومالية التركية علاقات أخوية واستراتيجية تدعمها الروابط الدينية والتاريخ المشترك، وإن ما يربط بين البلدين بالفعل رباط وثيق ، لا يمكن زعزعته بسهولة.
تعود العلاقات الصومالية التركية إلى منتصف القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر، في فترة تميزت بحالة من الشد والجذب بين القوى الأروبية والدولة العثمانية، حيث بدأت طلائع القوى الأوروبية الاستعمارية بالوصول إلى الساحل الأفريقي العربي، ثم أغلقت لاحقاً الطرق الرئيسية في البحر الأحمر والخليج العربي.
الأمر الذي دفع الدولة العثمانية للتحرك نحو منطقة القرن الأفريقي بهدف إحكام السيطرة على مدخل البحر الأحمر، ثم قامت بفرض نفوذها على الصومال والسودان وإريتريا، وشكلت مدن الصومال الواقعة في شمال البلاد مراكز نفوذ تابعة للدولة العثمانية، مثل مدينة بربرة ومدينة زيلع وبلحار وغيرها.
و شهدت علاقة بين البلدين فتورا في وقت من الأوقات وانتعشت مرة أخرى مع بداية الاهتمام التركي في القرن الأفريقي عموما والصومال خصوصا.
فقد مثلت زيارة أردوعان التاريخية إلى مقديشو في عام 2011 ، نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين حيث استطاعت تركيا أن تلفت نظر العالم إلى المشكلة الصومالية المزمنة ثم تلتها بإقامة مشاريع إنسانية وتنموية.
ويتفق كثير من الصومالين أن تركيا هي البلد الوحيد الذى حوّل أنظار العالم إليهم، بسبب وقوفها الى جانب الشعب الصومالي، وأن كل ما قام به الأتراك في الصومال بعد الزيارة التاريخية التي قام بها رجب طيب أردوغان في العام 2011م و2015 أثناء الجفاف وافتتاحه المشاريع التنموية لعبت دور مهما في تقوية العلاقات بين البلدين.
إن العلاقات بين البلدين شهد طفرة كبيرة في العديد من المجالات، مما يعزز التعاون المشترك ويحقق التنمية في إطار التعاون والشراكة، واليوم تربط البلدين الصديقين علاقات دبلوماسية واقتصادية وثيقة، تنعكس في مجالات عدة .
انتقل العديد من الصوماليين إلى تركيا للعيش والعمل، ويتركز معظمهم في مدينة إسطنبول، القلب التجاري للبلد، بينما استقر آخرون في العاصمة أنقرة ومدن أخرى صغيرة، كما يتزايد عدد الصوماليين الذين يشترون العقارات، ويستثمرون أموالهم في تركيا ، وتبقى تركيا وجهة سياحية وصحية مفضلة للصوماليين، ما يعني فرصا إضافية للتبادل الثقافي والتجاري.
وفتح في الآونة الاخيرة بعض المحلات التجارية وعشرات مطاعم صومالية في إسطنبول وكل هذا مؤشرا واضح على الاندماج في المجتمع التركي، وعاملا يعين على ترسيخ علاقات التعاون والتكامل علاقات الشعبيين الشقيقين .
ويرى كثيرون أن ارتقاء العلاقات الصومالية مع تركيا إلى مستويات أعلى، له مبرراته المقنعة وشهد العلاقات تطورا لافتا الى أن وصلت إقامة علاقات المصاهرة بين الشعبيين وهو مؤشر على حجم الرابطة المتينة التي عززتها أكثر المصاهرة والتزاوج ممّا كوّن رابطة دم قوية لا يمكن لأيّ عاصفة سياسية أن تهزها، ولا توجد إحصائيات رسمية توضح اعدا دعلاقات المصاهرة بين الشعبيين.
وقد انشرت موقع التواصل الاجتماعي فيديو حفل زفاف بين شابة صومالية وشاب تركي والذي عقد احد قاعات الأفراح في العاصمة الصومالية مقديشو نهاية شهر سبتمروكان رد فعل إيجابى مرحبا ، وقد شهد مدن تركية مثل هذه المناسبات وهي تزايد علاقات المصاهرة والتى بداية بعد عودة العلاقات بين البلدين، ولا شكَّ أنَّ هذا التلاحم بين الشعبين هي خير نموذج يُقتدى به لأنها علاقات أخوية تاريخية عميقة الجذوروهي تجسيد فعلي للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين وإن تبعادت مساحات بينهما.
وتجسد علاقات المصاهرة بين الشعبين صورة التلاحم والتقارب في مجال التواصل والتبادل الثقافي يمكن أن نعتبرهذه حراكة نوعا من الدبلوماسية الشعبية والتى تلعب دورا مها في الارتقاء بعلاقات بين الشعبين، والتى تساهم ان تدفع بها للأمام في سبيل النهوض والتطوُّر وتبادل المنافع والخبرات المختلفة؛ حيث أن الحكومة التركية سعت لزيادة حجم التعاون .
إت علاقات المصاهرة تعزز العلاقات الإستراتيجية والتعاون والتكامل الاقتصادي والثقافي والأمني مع تقاطعات المصالح مع القوى الإقليمية والدولية على أساس المصالح المشتركة.
وختاما يرى كثيرون أن علاقات المصاهرة بين الشعبيين هي بمثابة الانفتاح الاجتماعي، والثقافي مادام يوجد احترام متبادل وتفاهم مستمر بالإضافة الى شعور بالامتنان هو أحد العوامل التي تزيد تقوية أواصر الصداقة المتينة والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك بين الشعبيين.