مقديشو- قراءات صومالية – يدورجدل ساخن هذه الأيام حول إمكانية تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الصومالية المزمع إجرائها في 2020-2021م،عن موعدها، فبينما يروج أنصار الحكومة الفدرالية فكرة التأجيل لأسباب أمنية، وسياسية،ومالية، ترفض المعارضة فكرة التأجيل جملة وتفصيلا.
ويتداول أنصار الحكومة الفدرالية معلومات تجزم بتأجيل الانتخابات إلى موعد لم يحدد بعد، بينما آخرون ينشرون تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي، بغية اختبار المواطنين، وتسويق الفكرة كذلك.
بعض المصادر المطلعة تقول إن القيادة العليا للحكومة الفدرالية، المتمثلة في رئيس البلاد، ورئيسى مجلس الشيوخ والبرلمان يجرون مباحثات معقمة حول إمكانية تأجيل الانتخابات بسبب الخوف من انتشار فيروس كورونا في الصومال، مع صعوبة عقد الإجتماع لأعضاء مجلسي الشيوخ،والبرلمان خلال شهري أبريل، ومايو للبت في أمر الانتخابات،وتقرير الطريقة المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في البلاد نهاية 2020م
ويأتي هذا الجدل إثر توقيع الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو قانون الانتخابات في 20-2-2020م معلنا دخول البلاد في مرحلة الانتخابات في مشهد يكاد يبدوا أنه كان احتفالي للرئيس فرماجو.
وذكر الرئيس الصومالي إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري 2020م، وبداية العام القادم 2021م، في خطوة تهدف إلى طمأنة أحزاب المعارضة السياسية، والمجتمع الدولي،من أن الحكومة الفدرالية ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها.
غير أن أنصار الحكومة الفدرالية يطرحون بصورة جدية، وأحيانا لا تخلوا من طرافة، الأفكار المتصلة بتأجيل الانتخابات البرلمانية، والرئاسية إلى أجل غير محدد، وإن كانت بعض المصادر تتحدث عن عام، أو عامين.
مبررات تأجيل الانتخابات لدى الحكومة الفدرالية.
- يرى أنصار الحكومة الفدرالية، أن انتشار فيروس كورونا في العالم، ووصوله إلى الصومال لا يسمح للصومال تنظيم الانتخابات البرلمانية نهاية العام الجاري.
- تأجيل الانتخابات العامة في إثيوبيا، وأوغندا لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره في بلادهم، والصومال كذلك قد يتخذ نفس الخطوات حماية لأمن المواطنين.
- شح الموارد المالية الخاصة لإدارة شؤون الانتخابات، حيث لا تملك لجنة الانتخابات الوطنية المستقلة الأموال اللازمة لتنفيذ مشروع الإنتخابات، وتفيد بعض المصادر أن اللجنة تملك الآن ما يعادل ثلث التمويل فقط 1/3. ويرجع البعض ذلك إلى انتشار فيروس كورونا في أمريكا، وأوربا اكبر داعمين للصومال في تمويل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن دعم المجتمع الدولي للصومال في الوقت الراهن منصب في مكافحة فيروس كورونا فقط.
- الظروف الأمنية العامة في البلاد، حيث يخوض الجيش الصومالي بدعم من القوات الإفريقية، وقوات أفريكوم، مواجهات مسلحة ضد حركة الشباب المتشددة في محافظة شبيلى السفلى، فضلا عن المناطق الإستراتيجية الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحركة وهي اكثر من منطقة، وهذا يتطلب تحرير تلك المناطق قبل إجراء الانتخابات البرلمانية،والرئاسية في الصومال.
- الخلافات السياسية والأمنية المشتعلة بين الحكومة الفدرالية، وبين ولاية جوبالاند،هي أيضا أحد الأسباب الرئيسية لتأجيل الانتخابات البرلمانية،والرئاسية، حيث تسعى الحكومة الفدرالية وبشتى السبل تغيير قيادة ولاية جوبالاند قبل حلول موعد الانتخابات.
- عدم تحديد الطريقة المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، بسبب عدم إعلان ميلاد الحزب الحاكم حتى الآن بسبب تباين الأفكار بين قيادات الفريق الحاكم وفق إفادات مصادر مقربة من القصر الرئاسي، ورئاسة الوزراء.
- انتهاء فترة لجنة الانتخابات الوطنية المستقلة خلال الشهور الثلاثة القادمة،وهذا يتطلب تشكيل لجنة جديدة، أو تجديد اللجنة الحالية والتي هي الأخرى تعاني من مشاكل، فنية، وجغرافية، وسياسية حيث لا تستطيع العمل في بونت لاند، وجوبالاند بتهمة ولائها إلى الحكومة الفدرالية الصومالية.
- توقف عمل اللجنة المشتركة من مجلسي الشيوخ والبرلمان، أنشطتها، واجتماعاتها بسبب فيروس كورونا، حيث أعلنت اللجنة وقف أنشطتها في 3-4-2020م إلى أجل مؤقت بسبب فيروس كورونا.
ومن جهة أخرى يتمسك منتدى أحزاب المعارضة الوطنية،وقادة الأحزاب المعارضة الأخرى، إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها، وعدم حدث فيروس كورونا ذريعة لتأجيل الانتخابات عن وقتها، وشدّد اكثر من زعيم من زعماء المعارضة السياسية ضرورة الإلتزام بالدستور، وقانون الانتخابات واللذين يحددان مواقيت الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
مبررات عدم تأجيل الانتخابات
- تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية عن موعدها، يتعارض مع الدستور، وقانون الانتخابات العامة الموقع من الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو 2020م
- تأجيل الانتخابات قد تخلق أزمة أمنية وسياسية قد تؤدي إلى إندلاع اضطرابات أمنية، والنتيجة العودة إلى عهد الحكومات الإنتقالية.
- الصومال مختلف تماما عن إثيوبيا، فالأخيرة دولة مستقرة، ولها خطط انتخابية واضحة وتجارب سابقة في الانتخابات العامة، بينما الصومال مختلف عن إثيوبيا، وعليه يجب عدم الإنحراف عن المسار الديقراطي الوليد للصومال.
- الإنتخاباب البرلمانية الصومالية ليست معقدة فيمكن استخدام طريقة شبيهة بالطريقة السابقة في عام 2016م، حيث يشارك عدد محدود في عمليات التصويت مع اتخاذ الإجراءت الصحية الصارمة.
- الدعم المالي للإنتخابات يأتي من المجتمع الدولي، وتأجيل الانتخابات في الصومال يحتاج إلى إقناعه وموافقه الأمم المتحدة، والإتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وحتى الآن فإن المجتمع الدولي يتمسك هو الآخر باجراء الانتخابات في موعدها.
- الحكومة الصومالية الفدرالية، ليست حكومة إنتقالية والتي تحتاج إلى استكمال خطوات أساسية، مثل حكومة شيخ شريف شيخ أحمد الإنتقالية، وبالتالي فيجب على القيادة الحالية السير في طريق حكومة حسن شيخ محمود السابقة، وهي تنظيم الانتخابات البرلمانية نهاية العام 2020م.
- الظروف الأمنية في البلاد ليست مبررة لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال مطلقا، بل هي تشجيع لحركة الشباب، وتنظيم داعش المتشددتين
- الحديث عن إجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها جميع المواطنين وذلك باختيار أعضاء البرلمان الجدد، وكذلك رئيس البلاد، لا يمكن تحقيقها لأسباب دستورية، وسياسية، وأمنية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهم عامل من عوامل تأجيل الانتخابات هي جائحة كورونا الدولية، وفي حال إنتشاره في الصومال – لا سمح الله- فإن توحيد الجهود الصومالية لمواجهة هذا الوباء القاتل ستكون ضرورة شرعية،ووطنية، وتأجيل الانتخابات وقتها سيكون الخيار الأمثل.
بيد أنه من السابق لأوانه التكّهن في تحديد المسارات المتصلة بإجراء الانتخابات في مواعدها، أو تأجيلها، كما أن جلوس الحكومة الفدرالية، وقادة الولايات، وأحزاب المعارضة السياسية مطلوبة في المرحلة الراهنة، بغية تشخيص الأزمة الناجمة عن كورونا، فضلا عن القضايا السياسية والأمنية والدستورية الأخرى.
ما يعني أن صمام الأمان للوطن والمواطن هي عدم انفراد أي طرف باتخاذ القرارات المصيرية المأثرة على مسيرة الدولة الصومالية، ونزع فتيل الأزمات بين الحكومة، والمعارضة، والإنصياع إلى الدستور، وقوانين الإنتخاباب الفدرالية،والولائية، والإبتعاد عن كل ما من شأنه تعكير الأجواء المكهربة أصلا، الأمر الذي يهدد السلام الاجتماعي، والإستقرار السياسي.