قبل الاستعمار
قبل الاستعمار لم يكن للصومال مطلة واحدة تستوعب جميع الصوماليين غير الهوية الصومالية وتمسكهم بأرضهم والإنتماء الى القبيلة والدود عنها، وهكذا كان الشمال قبل استعمار البرطاني قبائل متجاورة تجمعهم ثقافة البدو ورعي الإبل وارتجال الأشعار واللكنة الشمالية ربما، ولم يكن لهم يوماً اتجاه واحد قبل وبعد الاستعمار، سياسيا واجتماعيا فبطل هرجيسا وبرعوا مجرم بعيون اهل سول وسناج وبورما وبطل سول وسناج وبورما مجرم بعيون هرجيسا وبرعوا، الأحباش بعيون بورما عدو لدود يعدون لهم العدة من قبل ألف عام وصديق صدوق لهرجيسا وبرعوا يتبادلون التجارة يقيمون معهم علاقات طيبة ومثل هذا برطانيا عدو أزلي لأهالي سوا وسناج خاضوا ضده اطول نضال افريقي وبهذا النضال استحقوا اول قصف جوي في افريقيا لكن هرجيسا وبرعوا يرون في البرطاني سيدا قديما وصديقا مأمولا في وقتنا الحاضر بنوا نظامهم على اساس حدوده الاستعماري ويقولون علناً نحن محمية بريطانيا وسنبقى[1] ويقول السولي وانا قاتل كوفل وسأبقى[2] فأنّا لهذا وذالك ان يجمعهم نظام وان يحتويهم كرسي وان يكون لهم توجه واحد نحو الحياة؟ هذا كله ورواية التاريخ في كفة أخرى ولثلاثة وثلاثين سنة طل نظام صوماليلاند يردد ويقرأ تاريخ الشمال بروايته وسنده ويطمس الزوايا التي لا تنتمي له، الآن وقد وضّح شرق الشمال موقفه السياسي وتوجهه القريب والبعيد ووضع خطاً تحت ما يريد وما لايريد وغرب الشمال في طريقه ليقول ما عنده ويخرج من سكوته ظل الفساد والجنوح الذي طاله من نظام صوماليلاندي المبني على القطب الأسد والأطراف هل ستتغير الرواية وتتجدد معالم شمال الصومال؟!
قبل الاستعمار محافظة أودل غرب الشمال شاركت مع غرب الصومال نضاله الحبشي، فكانوا يربون أبنائهم ويكنزون أموالهم للمواجهات المتكررة وكان مسقط رأس المناضل الكبير أحمد بن ابراهيم الغازي ورسخ في ذاكرة ثقافتهم عدواتهم مع الحبوش والدفاع الدائم ضدد الأحباش، أما شرق الشمال محافظة سول امتلكت قبل الاستعمار نظاماً آحاديا سمي”جرادتوي” وكان شيخ القبيلة “الجراد”يقوم بهم مقام الرئيس يوججهم في حربهم وسلمهم ويحفظ لهم أراضيهم بما تستدعيه طبيعتهم البدوية وهكذا وسط الشمال وبرعوا انتموا الى نظامهم القبلي.
دخول الاستعمار البرطاني
بعد دخول الاستعمار جميع انحاء الصومال كان الشمال من نصيب الدولة البرطانية واحتلت شمال وغرب الصومال وقبل دخولهم العسكري بعثت بعثات أولية للقبائل المحليين وأخبرتهم أنها تريد حمايتهم من الأعداء والجهل ومن البداوة ومسعاها أن تعلمهم المدنية وتفتح لهم المدارس،
هنا انقسم الشمال الى مدعن لمطالب البعثة ورافض لدخول الغريب أراضيه البته، فأودل لم تبد رفضا ولا قبولا كون عدوها الأزلي حليف للبرطاني فلم تستعجل صنع عدو آخر، ولذالك لم يكن نفوذ برطانيا ولا عداوتها أثّرت محافظة أودل وأصبحت مهملة، وسكان منطقة هرجيسا وبرعوا قبِلوا الحماية وتعايشوا مع المحتل وشدوا رحالهم الى التعلّم المدنية، مع أنه كان هناك رقم لم يقبل وجود هيمنة الرجل الأبيض لكن صوت الموافق كان أقوى، وبهذا أصبحت مناطق هرجيسا وبرعوا وبربرا قاعدة احتلال البرطاني بنو فيها المدارس والمشافي ومكاتب النظام، أما سول وسناغ شرق الشمال اختاروا الرفض القاطع ويوم وصلتهم البعثة أخذهم “جراد جامع جراد علي” الجراد القائم بأمر القبيلة وطوفهم أنحاء المنطقة وقال لهم برأيكم هل نحتاج الى حمايتكم، ارجعوا من حيث أتيتم فنحن عن غنى عنكم، وكانت هذه الكلمة السهم الأول واعلان حرب الدراويش على المحتل واحتضان سول نضال استمر قرابة ثلاثة عقود وحطيت بعداوة برطانيا الطويلة، انتهى الاستعمار ورحل بعد بنائه نظاماً سمّاه بالمنطقة الوسطى والأطراف وأعطى هرجيسا نفوذ الشمال جائزةً على تعاونهم وقبولهم الاحتلال والمدنية، وبقيت سول وسناغ وأودل أطراف الشمال تابعة لنظام هرجسا الوليد من رحم الاستعمار.

استقلال الشمال من المحتل
بعد خروج الاحتلال اجتمع نواب النظام الذي صنعه الاستعمار للتحدث والتخطيط كيف يتعاملون مع حريتهم المسترجعة من المحتل وكيف يبنون نظاما مغايرا للذي وضعه الاستعمار نيابة عنهم، وكان في المجلس صوتين أحدهم يرى الإتحاد مع جنوب والشرق الصومال وهو صوت منطقة الوسطى والأخر صوت جراد جامع جراد علي ممثل منطقة شمال الشرق قال: دعنا ننظر كيف يتعاملون جنوب وشرق الصومال حريتهم وكيف يضعون نظامهم؟ وعلى هذا سنقرر الانظمام من عدمه. ورُد عليه بالرفض وقيل للجراد الكلمة المشهورة:”لا ياجراد”وبهذا أخذ الشمال قرار الانظمام ولم تعترض منطقة الجراد قرارهم فهم لن يخسروا شيئا ففي الشرق والجنوب ابناء عمومتهم، تم الاتحاد واعترف العالم جمهورية الصومال بشقيها الايطالي والبرطاني يوم الأول شهر أب 1960وضع الدستور باتفاق الشماليون والجنوبيون وتتالت الحكومات المدنية الى ان جاء الانقلاب العسكري 26تشرين الأول1969وغير ملامح السياسة الصومالية الوليدة، تتابعت الأحداث ودخل البلد الى حرب غير مدروس مع اثيوبيا لاسترجاع غرب الصومال الذي منحه المحتل الى اثيوبيا لتديره، هذا العامل ورفض بعض شرائح الشعب النظام العسكري أضعف هيمنة الدولة وزعزع الثقة بين الدولة والشعب وانبثق من صفوف الساسة جبهات مقصدهم انقلاب الحكومة والجلوس على كرسي الحكم، وهكذا تأسست جبهةSNM فهل كان مسعى الجبهة ارجاع حقوق وتحقيق رخاء شمال الصومال وتلبية مطالبهم أم كان المنطلق الأساسي أطماع ساسة ليس إلّا؟!
تمتع الشمال فترة الدولة العسكرية برخاء وبناء دولي لم يَنعم به قبله ولا بعده ففي عهد زياد بري بنت الدولة مطار هرجيسا[3] وبورما وفتحت جامعة عمود الوطنية في بورما ثاني أكبر جامعة في الوطن وبنت ميناء بربرى ومحجر برعوا وعُبدّت الطرق وبُنيت المدارس بجميع مراحلها والمستشفيات العامة في كافة محافظات الشمال وكان التعليم بجانب الطب مجانا للشعب الشمالي، وكان الشمالي يترأس محافظات الجنوب والعكس، فهل صار تميز قبلي او نوعي ضدد الشمال؟أم هل أقصت حكومات الصومال تمثيل الساسة الشماليين للبلد؟وهل اتفقت محافظات الشمال على الانفصال؟
جبهة
بعد اندلاع موجة الجبهات في شرق وشمال الصومال تعاملت الحكومة العسكرية معهم كعادة الحكومات العسكرية وأخذت قرار أن ترجعهم الى صوابهم بالبطش والقوة وسجن أعيان قبائل الجبهات، وكان النصيب الاسوء لهرجيسا وجالكعيوا فقد لجأت الحكومة الى قصف هرجيسا جوياً بلا هوادة ونكلت شعب وسكان مدينة جالكعيو سممت عنهم الأبار وقتلت أعيانهم سواءً كانوا أم لم يكونوا مع الجبهة لردعهم ان كانوا أو تخويفهم ان لم يكونوا وكانت هرجيسا وجالكيوا مقر الجبهتينSNM و SSDFثم لم تمثل جبهة هرجيسا غير برعوا وهرجيسا من قبل سقوط الدولة المركزية أم بعدها بنت أهدافها على أساس قبلي لا تمت لبحث حياة ورخاء واخاء الشمال ولا لها نية بجمع الشمال تحت مطلة نظام عادل مرضي وأحسن من نظام مقديشوا وصرحت الجبهة في بنودها نيتها بحكم الشمال بقبضة القوة واستعمالهم لما يحقق امالها وربما استوحت الجبهة فكرتها من الاستعمار الراحل الذي نص بقبيلة الوسطى وقبائل الاطراف ونسخوا من هناك حقية سيادة الشمال ففي اتفاقيتهم الموثقة ترويع الدائم للقبائل الساكنة معنا شمال الصومال ودفعهم للرحيل كلهم او معطمهم مناطق الشمال وهذا سيحقق لقبيلة شيخ اسحاق هدف استيطان كافة المنطقة.

ولم يكن مجرد تقرير وبند في معاهدة الجبهة فقد نفذوا ترويعهم في محافظات الشمال الباقية ففي أودل عملت الجبهة مذابح مروعة بحق أهالي بورما[4] بقيادة موسى بيحي عبدي رئيس صوماليلاند الحالي والذي قال كلمته المشهورة يوم قيل له خذ مباركة ودعوة الجميع وكف الأدى عن أهل أودل قال”لن آخذ الدعاء وأنا قادر على القتل”[5] لم يحدث مثل هذه المذابح في شرق الشمال كون قبيلة مناطق سول وسناج قبيلة قتال لهم عدتهم وأسلحتهم ونظرا للمناوشات القتاليية بين قبيلة هرجيسا وبرعوا وقبيلىة سول وسناغ قديما لم يمكن لهم استعجال القتال مع أهالي مناطق الشرق عكس سكان أودل الذين لم يظنوا شرا من سكان هرجيسا وبرعوا لأنهم لم يروا فيهم عدوا قبل وانبثاقهم من نفس جدع قبيلة در أمّنهم من شرهم؛ غير أن شر نظام صوماليلاند لم يستسلم تجاه شرق شمال الصومال ودخلت صوماليلاند سول بطريقة سلمية ومساعدة من بعض ساسة أهاليها ونفذوا مخطط الترويع عن طريق اغتيال الأعيان وتهجير من لا ينتمي الى سول وسناغ قبليا كأهالي الجنوب الى ان انتهى بهم المطاف بعد خمسة عشرة سنة من وجودهم مواجهة أهل المنطقة وصوماليلاند التي أسفرت بسحق جنود صوماليلاند وقبض أربع مئة منهم وسجهم في سجون لاسعانود الى اليوم، وبعيدا عن تأسيس الجبهة ونوايا نظام صوماليلاند ماذا حققت للسكان الشمال ككل هل أعفت عنهم رسوم الدراسة الدولية؟ هل أسست لهم بنية تحتية؟ هل زادت ما تركه النظام العسكري م ارث؟
في الحقيقة وفي الصعيد الاجتماعي والسياسي والديمقراطي لم تغني ادارة صوماليلاند شمال الصومال شيئاً ولم تسمنة من جوع لم تعبِّد طريقا ولم تبني جامعة دولية ولم تعف عن روسومات دراسية ولم تقدم رعاية صحية دولية ولم تنمي حرية الفرد فمن اختلف معها كان مصيره السجن او الطرد ككل رؤساء قبائل الاطراف الرافضين فكرة الانفصال ومارست سياسة الرجل الواحد في المنطقة مثل التمثثيل البرلماني وتقسيم المشاريع الدولية بل وكانت صوماليلاند عقبة على كثير من مشاريع محافطات الثلاثة سول سناغ وأودل الموجودة قبلها والمشاريع الفردية بعد سقوط الدولة المركزية فمثلا كان مطار بورما قيد العمل قبل سقوط الدولة ولم يعد كذلك بعد ادارة صوماليلاند واجبرت المنطقة الشمالية على مطار واحد وهو مطار هرجيسا.

ونقلت مكاتب المنظمات العالمية من بورما الى هرجيسا ومنعت تواجد المنطفات الى لاسعانود وهم يدّعون انعدام الأمن في مناطقة شرق الشمال وحدث في 2014 ان قرر تجار محليين بعمل ورشة مياه لتنقية وتأسيس بنية مياهية لمدية لاسعانود ولكن لقوا رفضا من الحكومة متدرعين بأساب واهية وأن مثل هذا المشروع الكبير يجب ان يمر مكتب هرجيسا أولا وأن موافقته ستحتاج الى تأمينات أكبر من قدرة الأفراد الى ان دفع التجّار بعد يأسهم خمس مليون دولار رشوة لمنح إذن العمل ودفع ضرائب كبيرة شهريا الى النظام وقتها الى أن أنهت صوماليلاند شركة المياه قصفاً مقصوداً ايام الحرب[6] فهل يمكن لصوماليلاند سرد حكاية الشمال من زاويتها فقط؟ وهل يمكن القول ان هناك شيء اسمه محمية برطانيا وحدوهم وفي الشمال من فقد الملايين رفضا لهذه الحدود قبل مئة سنة؟هل يصح إدعاء جزء من الشمال ان شمال الصومال ينفصل عن جنوبه بسبب انتهاكات انسانية؟أم أن مَن انتهك مَن سؤال يملك أجوبة متعددا في شمال الصومال نفسه؟.
هوامش:
[1]: https://youtu.be/AKFt3Q34E9w?si=gUfdVNa1c7aU2Hf9
[2]: https://youtu.be/Qj5pK7B1jfo?si=rkRr-8qZ1HpfpvN_
[3]: https://youtu.be/NFKSpz_Hndk?si=9DrqsvxI0uZXjnwB
[4]: https://youtu.be/5Vz5jDDFUJE?si=tFAlg0RdwjSVE43b
[5]: https://youtu.be/yiH6FqsY0gw?si=mjdOI0FlwXaLbDf5
[6] : https://youtu.be/cFeVaoobiNI?si=mVOTT83tdejISLTH